الغطاء السياسي الذي يمنح الحكومة العراقية شرعية البقاء بات مكونا من طرفين أساسيين فقط هما سائرون والفتح.
 
تسارع القوى السياسية في العراق إلى النأي بنفسها عن حكومة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، التي تتعرض لانتقادات شعبية متزايدة، بشأن فشلها في حل أي من المعضلات التقليدية التي تواجه البلاد، ولاسيما ملفي الخدمات والطاقة الكهربائية.
 
وسار عمار الحكيم، الذي يتزعم تيّار الحكمة، على خطى رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، الذي يقود تحالف النصر، معلنا الركون إلى معارضة الحكومة، بعدما عقد مكتبه السياسي اجتماعا “تدارس فيه الأوضاع السياسية بشكل عام والمستوى الخدمي وهواجس الشارع العراقي بشكل خاص”، حيث جرى “الاستماع إلى جميع وجهات النظر ومناقشتها بشكل تفصيلي حول مستوى الأداء الحكومي وما عليه المشهد العام في عراقنا العزيز″.
 
والحكمة ليس الفصيل السياسي الأول الذي أعلن القطيعة مع حكومة عبدالمهدي، إذ سبقه إلى ذلك ائتلاف النصر بزعامة العبادي الذي أعلن “المعارضة التقويمية”، معتبرا أن حكومة عبدالمهدي “أسوأ من حكومات المحاصصة، فبعض الأطراف السياسية استأثرت بمواقعها وهي التي تتحكم ببنيتها وسياساتها وهو خلاف ما كان متوقعا ومأمولا من تشكيلها”.
 
وتدور معظم الخلافات التي دفعت هذه الأطراف السياسية نحو المعارضة حول “استئثار أطراف محددة بمعظم المناصب المفصلية في الحكومة العراقية”، وفقا لتعبير مصادر مطلعة، تؤكد أن رئيس الوزراء يواجه صعوبة بالغة في ضبط التوازن في توزيع الأدوار بين الأطراف النيابية الكبيرة التي دعمته في تشكيل الحكومة، كتحالف سائرون الذي يرعاه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر وتحالف الفتح بزعامة هادي العامري وبين كتل أقل حجما على غرار الحكمة والنصر.

ووفقا لمصادر “العرب”، فإن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، الذي يشارك في الحكومة فعليا عبر وزير التعليم قريب هو الآخر من إعلان معارضته لعبدالمهدي، ربما بعد أن يجد توصيفا ما لوضع وزيره في الكابينة.

 وبات الغطاء السياسي الذي يمنح حكومة عبدالمهدي شرعية البقاء مكونا من طرفين أساسيين فقط، هما “سائرون” و”الفتح”.

وتعتقد المصادر أن هذا التحوّل يفتح الباب على هزات كثيرة قد تمر بها حكومة عبدالمهدي لاسيما خلال أشهر الصيف التي تحرص خلالها القوى السياسية على أن تبدو بعيدة عن الحكومة، بمسافة تؤمن لها النجاة من أي انفجار شعبي متوقع احتجاجا على تردي عمل منظومة الكهرباء الوطنية، وسط درجات حرارة في وسط وجنوب البلاد تناهز نصف درجة الغليان في بعض الأحيان.

ويقول مراقبون إن الالتباس المحيط بموقف زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، هو الذي يعطل التصور بشأن قدرة حكومة عبدالمهدي على عبور الأزمة الحالية، إذ من الصعب تصور انهيار حكومة يدعمها الصدر.

وقال تحالف النصر، إنه لم يوقّع “صكا على بياض” لحكومة عبدالمهدي، مشددا على معارضته “التنصل عن الالتزامات والعهود والتراجع والضعف والاستلاب لقوة الحكومة وصلاحياتها بإدارة البلاد بحيادية واستقلالية حقيقية”.

وذهب ائتلاف العبادي إلى القول “نحن الآن بموقع المعارضة التقويمية البناءة للحكومة، والموالاة أو المعارضة الكلية للحكومة مرتبطتان بقدرتها على التجاوب الحقيقي مع الإصلاح والحيادية والإدارة الكفؤة للحكم”.

وبالرغم من أن تحالف النّصر رحب بإعلان تيّار الحكمة” المعارضة السياسية، إلا أنه نفى عزمه العمل على إسقاط الحكومة.

وقال القيادي في الائتلاف علي السنيد “نرحب بخيار تيار الحكمة واعتباره دعما لموقفنا بتبني (المعارضة التقويمية) للحكومة”، مشيرا إلى أن “المعارضة تحتاج إلى جبهة سياسية عريضة ومسؤولة وفاعلة وضاغطة باتجاه التصحيح”.

وأضاف أن “ائتلاف النصر لا يستهدف إسقاط الحكومة لمجرد التنافس السياسي”، مؤكدا أن “بقاء أو رحيل هذه الحكومة بيدها وبيد القوى التي شكّلتها من خلال القدرة على أداء مهامها الوطنية”.

وفي أول ردّ فعل على سلسلة إعلانات المعارضة، قال قيس الخزعلي زعيم حركة عصائب أهل الحق، أحد مكونات تحالف الفتح، إن “محاولات الهروب من المسؤولية أو ركوب الموجة لن تُبرّئ أحدا”، مشيرا إلى أن “المشكلات الحالية ليست وليدة اللحظة إنما هي نتيجة تراكمات الأعوام السابقة منذ 2003 إلى الآن”.

ودعا الخزعلي “جميع القوى السياسية إلى تحمل مسؤولياتها والقيام بواجباتها”.