لعلّ اللواء السيد يُلمّح لحاجةٍ باتت ماسّة لخروج قائد مُستبدّ وعادل، يتولّى تطهير البلاد من مأزق يطال الجميع، فيقوم بقلب السلطة القائمة وزجّ من عاث في البلاد فساداً وفجوراً في السجون.
 

ظهر النائب اللواء جميل السيد في الأيام الماضية خلال مؤتمر صحافي ولقاءٍ تلفزيوني، مُهاجماً شرساً لفساد الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان، (والتي هو جزءٌ منها، عن وعيٍ منه أو من دونه)، ولو صحّ ما أورده السيد من جرائم ومخازٍ بحقّ المال العام وحقوق المواطنين المنهوبة، بنسبة معقولة تُقارب الخمسين بالمائة لوجبت محاكمة رموز هذه الطبقة السياسية الحاكمة والقوى المساندة لها وزجّها في السجون، واسترجاع ما يمكن استرجاعه من الأموال المنهوبة، ورغم اختلافاتنا العميقة مع التوجهات السياسية للنائب السيد في الشؤون الداخلية والإقليمية، والمتصلة بسيادة لبنان وعلاقاته العربية، إلاّ أنّنا لا نملك في حملته "الجادّة" بوجه الفاسدين المرتشين، ولصوص المال العام سوى الترحيب والتهاني، لا سيما بعد أن سمّاهم بالأسماء، مُفنّداً ضخامة الأموال المنهوبة التي تدخل جيوبهم ليل نهار بلا انقطاع.

إقرأ أيضًا: اللبنانيون بين شاقوفين: الرئيس الحريري والوزير باسيل

وللشهادة، والحق يُقال، أنّه كانت لللواء السيد إدارة ناجحة وكفوءة في مديرية الأمن العام التي تولّى زمامها خلال حقبة الوصاية السورية، فانتظمت خلال عهده شؤون هذه المديرية إدارةً وتنظيماً ومردوداً مالياً، قبل أن يأتي بعده من عاث فيها فساداً وخرابا، فقد ارتفعت عائداتها من ٦٢ مليار ليرة سنوياً إلى ما يفوق المائة وعشرين مليار ليرة لبنانية، حسب ما ذكر السيد وتنويه وزير المالية الرئيس فؤاد السنيورة بذلك في حينه، وبناءً على ذلك طالب السيد بالأمس أن يتولّى شؤون المرافق العامة والمصالح المشتركة للدولة، (بلا صفة معالي أو دولة رئيس) ليُطهرها خلال أربعة أيام، أو إعدامه في اليوم الخامس (مقاربة مجازية طبعاً)، وهو في هذا الصدد لم يُخفِ إعجابه الشديد (رغم اختلاف المنطلقات السياسية) بما قام به ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، من إجراءاتٍ بحقّ الأمراء السعوديين وتقييدهم في فندق فخم (على نفقتهم بالطبع) حتى يدفعوا ما سبق لهم ونهبوه من مالٍ عام. 

لعلّ اللواء السيد يُلمّح هنا لحاجةٍ باتت ماسّة لخروج قائد مُستبدّ وعادل، يتولّى تطهير البلاد من مأزق يطال الجميع، فيقوم بقلب السلطة القائمة وزجّ من عاث في البلاد فساداً وفجوراً في السجون، وتبقى الحاجة دائمة لتحصين البيئة التي لوّثوها بالإجراءات التّطهيرية لضمان عدم نُموّها من جديد في الحقبة القادمة.

قال الشاعر:

ليس من مات واستراح بميّتٍ

إنّما الميْتُ ميّتُ الأحياء.