مختار أصغر بلدات القضاء يستطيع أن يحشد في أصغر منزل في قريته عدداً يفوق كلّ من حضر لملاقاة جبران باسيل.
 

إصطحب الوزير جبران باسيل معه إلى قضاء بشري موكباً مهولاً من السيارات ذات الزجاج الداكن مدجّجةً بالمسلّحين والمرافقين والمصفّقين، وقد سبقته فرقاً عسكرية وأمنيّة نشرها على طول الطرق التي مرّ عليها ذلك ربّما لإستقباله وتوديعه وكأنّه كان يعلم أنّه لن يجد من يستقبله ويودّعه، أما فرضيّة الحماية الأمنيّة فهي ساقطة حتماً، فلو أراد أبناء الجبّة أن يمنعوه من الدخول إلى منطقتهم لنجحوا وبكلّ سلام، لكن يبدو أنّهم إختاروا المنحى الأكثر إثارة: فليدخل ويتأكّد بنفسه "ما من أحد معه".

إثارةٌ هي تسيّدها باسيل في قنات حيثُ شارك ٧ أفراد فقط من أهالي البلدة في استقباله، ممّا دفعه للإنقلاب على خطابه منذ أسبوعين في الكوره فأزاح الستار عن لسانه الشعريّ مادحاً تضحيات الشهداء، علَّ أهالي "جبّة بشري" يتحمّسون ويخرجون لملاقاته في محطاته اللاحقة.

من قنات إلى حدشيت، "يا ليته بقي في قنات" قال أحد مرافقي باسيل، هنا الفضيحة أكبر، كاهنٌ أُجبر بفعل موقعه على استقباله وقلّة قليلة من الأفراد تجمّعت بخجلٍ للجلوس على الكراسي التي بقيت فارغة ولم يفلح من رافقه من خارج المنطقة على ملئها. وفي بزعون أيضاً يبدو أنَّ عدوى المقاطعة إنتقلت إليها، فالبلدة المضيافة تخلّت هذه المرّة عن عادتها في المسارعة لإستقبال ضيفها "الغريب". 

إقرأ أيضًا: تصريح كنعان يُثير بلبلة داخل التيار

"لا يبدو الأمر إيجابياً"، همسٌ خافِت صدر عن أحد المرافقين.. قاطعه أحد المستشارين الطامحين بثقة "سنفاجئهم بالمدينة"، وصل "جبران التيار" إلى أرض جبران خليل جبران، فكان ابن جبران طوق حاضراً ليستقبل بحفاوة مَن حارب شقيقته ميريام بأسوء أسلوب في زحلة، "لا يهمّ" فالمقعد النيابي وأبواب الخدمات "قصّة حرزانة"؛ مواكب سيّارة ضخمة كانت الهدف، ولكن لم ينجح "وليام" في تأمين أكثر من ١٥ سيّارة ضمّت ٢٠ فرداً بالتّمام والكمال لإطلاق الزمامير لِمَن أطلق يوماً على أبناء بشري صفة "رعاة الغنم" معتقداً أنّه يُهينهم بها. فشلُ وليام في إيقاظ "قاعدته" إستمرّ في العشاء الذي أقامه في دارته على شرف "معالي الخارجية" فقاطعه ٢٥٠ فرداً من أصل ٤٠٠ مدعوّ، لتغيب صور العشاء عن الإعلام ولتبقى الفضيحة "مستورة".

لم تساعد طبيعة المنطقة الوزير باسيل أو فريقه الإعلامي على تغطية الثغرات الكثيرة التي رافقت الزيارة، فربّما نقاوة الجوّ لا تُلائم مَن يعمد إلى "لعبة الأقنعة" في ساحة البروباغندا الإعلامية، فإخفاء "إنعدام القاعدة الشعبية" للتيار في بشري ليس بالأمر السّهل، خصوصاً أنَّ كلّ أهالي المنطقة يُجمعون على حقيقة بشرّانيّة جديدة: "مختار أصغر بلدات القضاء يستطيع أن يحشد في أصغر منزل في قريته عدداً يفوق كلّ من حضر لملاقاة جبران باسيل".