يعرَف فقر الدم بأنَّه حالةٌ من عدم وجود خلايا الدم الحمراء الطبيعيّة، أو الهيموجلوبين بكمياتٍ كافيةٍ في الدم، ويُعتبر هذا الهيموجلوبين الجزء الأساسيّ المكون لكريات الدم الحمراء، وهو الجزيء الذي يرتبط بالأكسجين، وبالتالي فإنَّه في حالات عدم توفر عدد كافٍ من كريات الدّم الحمراء، أو الهيموجلوبين، أو اختلال طبيعتهما، فلن تصل خلايا الجسم كمياتٍ كافيةٍ من الأكسجين.
 
ويوجد عدّة أنواع مختلفة من فقر الدم، ومنها فقر الدم الناتج عن نقص فيتامين ب12، وفقر الدم الناتج عن نقص حمض الفوليك، وفقر الدم بسبب الأمراض المزمنة، وحالات فقر الدم المرتبطة بمرض نخاع العظم، وفقر الدم الانحلالي، وفقر الدم الناتج عن نقص الحديد، وغيرها من الأنواع، ومن الجدير بالذكر أنَّ النوع الناتج عن نقص عنصر الحديد هو الأكثر شيوعاً لهذا المرض، كما يمتاز بأنَّه قابلٌ للعلاج.
 
أهم الأطعمة الغنية بالحديد، وبالعناصر الغذائية المهمة لإنتاج خلايا الدم الحمراء، والهيموجلوبين:
 
1- اللحوم والدواجن: حيث تحتوي جميع أصناف اللحوم، والدواجن على الحديد الهيمي، وتمتاز اللحوم الحمراء، ولحم الغزال، والضأن باحتوائها على كمياتٍ أعلى من هذا العنصر مقارنةً بالدواجن، ومن جهةٍ أخرى تحتوي هذه الأطعمة على فيتامين ب12. 
 
 
2- الكبد: حيث تُعدُّ لحوم الأعضاء من المصادر الغنيّة بالحديد، ويعتبر الكبد هو الجزء الأكثر استخداماً منها، ويمتاز باحتوائه على الفولات، والحديد، كما يمكن تناول القلب، واللسان، والكلى من لحم البقر. 
 
3- الخضار الورقيّة الخضراء: إذ تُعدُّ هذه الأنواع من الخضار، وبشكلٍ خاص الأنواع داكنة اللون من المصادر الغنيّة بالحديد غير الهيمي، ومن الأمثلة عليها؛ الهندباء البريّة، والسبانخ، والملفوف الأجعد، والسِلق على الفولات الذي يمكن لنقصه أن يسبب فقر الدم، كما تُعدّ الحبوب الكاملة، والحمضيات، والفاصولياء مصادر جيّدةً للفولات، وينصح بتناول هذه الخضار مع المصادر الغنيّة بفيتامين ج؛ مثل: الفلفل الحلو، والبرتقال لزيادة امتصاص الحديد، وتجدر الإشارة إلى أنَّ الخضار الورقية تحتوي على كمياتٍ كبيرةٍ من الأكسالات؛ وهي مركبات تَحدّ من امتصاص الحديد غير الهيمي، لذلك يُنصح بعدم الاعتماد على هذه الخضار في علاج فقر الدم. 
 
4- المأكولات البحريّة: إذ تحتوي بعض أنواع المأكولات البحرية على الحديد الهيمي؛ مثل: المحار، والروبيان، وأسماك السردين المعلبة بالزيت، والتونة، والسلمون، وغيرها من الأسماك، ومن الجدير بالذكر أنَّ أسماك السلمون المُعلّبة تعدّ من مصادر الكالسيوم التي ترتبط في الحديد، ممّا يُقلّل من امتصاصه في الجسم، ومن جهةٍ أخرى تحتوي الأسماك، والمحاريات على فيتامين ب12. 
 
5- الفاصولياء: إذ تُعدّ الفاصولياء بأنواعها من المصادر الجيّدة للحديد للأشخاص النباتيين، وهناك العديد من الخيارات التي يمكن تناولها؛ مثل: فول الصويا، والحمص، والفاصولياء الحمراء، والسوداء، والبازلاء، وغيرها من الأنواع. 
 
6- المكسّرات والبذور: إذ إنَّ العديد من أنواع المكسرات تحتوي على كمياتٍ جيّدةٍ من الحديد، ومنها بذور القرع، والفستق الحلبي، وبذور دوار الشمس، والصنوبر. 
 
7- الأطعمة المدعّمة بالحديد: إذ يوجد العديد من الأطعمة التي تُدعّم بعنصر الحديد، ومن الممكن للنباتيين تناول هذه الأطعمة لتعويض حاجتهم من الحديد، ومن الأمثلة عليها؛ العصائر المدعّمة، وحبوب الإفطار، والخبز الأبيض، والأرز الأبيض المدعم. 
 
8- عناصر غذائيّة أخرى: إذ يوجد العديد من العناصر الغذائيّة التي تلعب دوراً هامّاً في إنتاج كريات الدم الحمراء، ومنها: البروتينات، والزنك، والسيلينيوم، وفيتامين ب6، وفيتامين ب3، والنحاس، وفيتامين ب2، ولذلك فإنَّه من المهم اتّباع نظامٍ غذائيٍّ متوازنٍ لعلاج فقر الدم، كما يمكن أن يصف الطبيب مكمّلات أخرى لهذه العناصر.

آثار فقر الدم:
- التعب الزائد: فقد يصل الأمر بالمرء إلى عدم القدرة على القيام بالمهام الأساسية بشكلٍ سليم بسبب التعب. 

- مشاكل القلب: وهو ما يحدث بسبب تسارع نبضات القلب لتوفير الكمية الكافية من الأكسجين للجسم، والذي يؤدّي إلى الأمراض في القلب والتي قد تصل إلى فشل القلب كلياً. 

- مشاكل الأعصاب: وهو ما يحدث بسبب نقص فيتامين ب12 والذي يعتبر أحد الفيتامينات الضروريّة لعمل الجهاز العصبيّ بشكل سليم بالإضافة إلى إنتاج كريات الدم الحمراء. 

- التأثير على الدماغ: وهو ما يحدث أيضاً بسبب نقص فيتامين ب12 والذي قد يؤدّي إلى تغيّر الحالة لإدراكيّة لدى الإنسان. 

- الموت: وهو ما يحدث بسبب بعض أنواع فقر الدم الوراثية كفقر الدم المنجليّ والتي تؤدّي إلى فقدان الدم بصورة سريعة.

النباتات والأطعمة المُستَخدمة لعلاج فقر:

1- جذور الشمندر؛ حيث تُعتبَر جذور الشمندر من أفضل العلاجات الطبيعيّة لفقر الدم؛ حيث تزيد من الدم في الجسم وتُطهّر الجسم خلال تزويده بالأكسجين.

2- الخُضار الورقيّة؛ حيث تُعتبَر الخضار الورقيّة وخاصّة الداكنة منها مصدراً هامّاً لنوع الحديد اللاهيميّ كما تحتوي بعض أنواعها على حمض الفوليك، ومن الأمثلة على الخضار الورقيّة: السبانخ والكرن ونبات السلق وغيرها، لكن من المهم معرفته أنّه بالرغم من احتواء بعض أنواع الخضار الورقيّة مثل السبانخ والكرنب على الحديد؛ إلّا أنّها تحتوي على الأكسالات مما قد يتسبّب في منع امتصاص الحديد، لذا؛ فإنّه لا يمكن الاعتماد على تناوُل الخضار الورقيّة وحدها لعلاج فقر الدم، بل يجب إدخالها كجزءٍ من النظام الغذائيّ.

3- الحبوب، من الأمثلة على الحبوب التي تحتوي على الحديد: الفاصولياء والحمّص وفول الصويا  وفاصولياء البنتو  والفاصولياء السوداء (بالإنجليزية: Black Beans)، وفاصولياء الليما وغيرها.

4- المكسّرات والبذور، حيث تحتوي العديد من المكسّرات والبذور على الحديد، لكن يُفضّل تناوُلَها بشكلٍ غير مطبوخٍ، ومنها: بذور القرع والكاجو والفستق الحلبيّ  وبذور القنّب والصنوبر وبذور دوار الشمس بالإضافة إلى اللوز إلّا أنّه يحتوي على كميّاتٍ كبيرةٍ من الكالسيوم، لذا؛ فإنّ تناوُله قد لا يزيد من مستويات الحديد في الجسم بشكلٍ كبيرٍ.

5- العسل الأسود، حيث يُعتبَر العسل الأسود الناتج الجانبي لعمليّة تكرير السكّر، وبالرغم من ذلك، فإنّه لا يحتوي على كميّاتٍ كبيرةٍ من الموادّ الغذائيّة المهمّة التي تُساعد على تجديد الموادّ الغذائيّة الطبيعيّة في الجسم؛ الأمر الذي يزيد من إنتاج كريات الدم الحمراء، ومن الأمثلة عليها: الحديد، والمنغنيز، وغيرها.

الوقاية من فقر الدم:
يمكن الوقاية من فقر الدم الناتج عن نقص الحديد والفيتامينات باتباع نظام غذائي صحيّ، والحرص على تناول الأطعمة الغنية بالحديد والفيتامينات اللازمة لإنتاج خلايا الدم الحمراء، وكذلك لا بُدّ من علاج الأمراض المسببة لفقر الدم لتحنّب حدوث فقر الدم أو تجنّب عودته مرة أخرى، ويجدر بالمصاب إخبار الطبيب عن كافة الأعراض والعلامات التي يُعاني منها للمساعدة على حل المشكلة والوقاية من تكرارها مستقبلاً.

علاج فقر الدم:
1- فقر الدم الناجم عن عوز الحديد: يعتمد علاج فقر الدم الناجم عن عوز الحديد على تغيير نمط الغذاء وأخذ مكمّلات الحديد، ويجدر التنبيه إلى ضرورة إيقاف نزف الدم والسيطرة عليه في الحالات التي يكون فيها النزف هو المسبب لهذا النوع من فقر الدم، ويُستثنى من ذلك نزف الدورة الشهرية. 

2- فقر الدم الناجم عن عوز الفيتامينات: يمكن علاج فقر الدم الناجم عن نقص فيتامين ب12 وحمض الفوليك بالحرص على تناول الأطعمة الغنية بهذه العناصر بالإضافة إلى أخذ المكمّلات الغذائية. 

ومن الجدير بالذكر أنّ بعض حالات فقر الدم الناجم عن نقص الفيتامينات يكون سببها سوء امتصاص فيتامين ب12؛ وعندها يجب إعطاء فيتامين ب12 على شكل حقن؛ إذ تُعطى هذه الحقن مرةً كلّ يومين في بداية العلاج، ثم مرة في الشهر، وقد يحتاج المصاب لأخذ الحقن طول حياته. 

3- فقر الدم الناجم عن الأمراض المزمنة: في هذه الحالات يتركّز جهد الطبيب على علاج المرض المُسبّب إن أمكن، وقد يُلجأ لعمليات نقل الدم وقد يُلجأ كذلك لإعطاء حقن من هرمون الإريثروبويتين الصناعيّ؛ إذ يعمل كعمل هرمون الإريثروبويتين الموجود طبيعياً في الجسم والذي يُحفز عملية إنتاج خلايا الدم الحمراء، ويُخفف الشعور بالتعب والإرهاق الناجمين عن فقر الدم، وتجدر الإشارة إلى أنّ إفراز هذا الهرمون يتمّ من قبل الكلى. 

4- فقر الدم اللاتنسجي: وفي هذا الحالات يعتمد العلاج على درجة إصابة نخاع العظم؛ فإذا كان نخاع العظم تالفاً وليس بمقدوره تصنيع خلايا سليمة فإنّ العلاج الأمثل يكون بالقيام بعملية زراعة نخاع العظم  ولكن إذا لم يكن المرض شديداً قد يكتفي الطبيب بإجراء عمليات نقل الدم بين الحين والآخر. 

5- أمراض نخاع العظم: وفيها يتم العلاج باستعمال بعض أنواع الأدوية، والعلاجات الكيماوية، وقد يُلجأ لعملية زراعة نخاع العظم. 

6- فقر الدم الانحلالي: إذا كانت العدوى هي المسببة لفقر الدم الانحلالي فإنّ علاجها يُسيطر على مشكلة فقر الدم، ويُنصح بالامتناع عن تناول الأدوية المسببة لفقر الدم الانحلالي إذا كانت بالفعل قد تسبّبت به، وكذلك لا بُدّ من إعطاء أدوية مثبّطة للمناعة في الحالات التي يهاجم فيها جهاز المناعة خلايا الدم الحمراء مسبّباً إتلافها. 

وتجدر الإشارة إلى احتمالية اللجوء لعمليات استئصال الطحال، أو نقل الدم، أو استخراج البلازما التي تتمّ فيها فلترة الدم وتنقيته. 

وقد يصرف الأطباء بعض المضادات الحيوية، والمكمّلات الغذائية، ودواء هيدروكسي يوريا بالإضافة إلى احتمالية اللجوء لعمليات نقل الدم وزراعة نخاع العظم. 

7- الثلاسيميا: يمكن السيطرة على الثلاسيميا عن طريق عمليات نقل الدم، وصرف الأدوية والمكملات الغذائية، بالإضافة إلى احتمالية استئصال الطحال، والقيام بعمليات زراعة نخاع العظم.

8- فقر الدم المنجليّ: يهدف علاج فقر الدم المنجليّ إلى تخفيف الألم ومحاولة تجنب حدوث المضاعفات، ويعتمد العلاج على إعطاء الأكسجين، والأدوية المُسكّنة للألم، والسوائل عن طريق الفم أو الحقن.