استقالة خالد اليماني تساعد في بناء علاقة جديدة مع الأمم المتحدة.
 
أكد وزير الخارجية اليمني خالد اليماني صحة الأنباء المتواردة عن استقالته، لكنه اعتذر في اتصال مع “العرب” عن الإدلاء بأي تفاصيل حول أسباب الاستقالة. في وقت عزت أوساط سياسية يمنية استقالة اليماني إلى تسريبات صدرت عن الرئيس عبدربه منصور هادي باتخاذ قرار إقالته بسبب الفشل في إدارة التفاوض مع الحوثيين.
 
وعزت الأوساط نفسها استقالة اليماني إلى أنها استبقت إقالته، وسط تأكيدات عن تغييرات على أكثر من مستوى لتصويب أداء الشرعية اليمنية في ملفات مختلفة.
 
ورجحت مصادر يمنية أن يتم تعيين وزير خارجية جديد خلال الأيام القليلة القادمة، حيث تتردد عدة أسماء كبدائل محتملة في مقدمتها سفير اليمن في واشنطن أحمد عوض بن مبارك الذي أكدت المصادر اعتذاره في مرات سابقة عن القبول بالمنصب ودفعه باليماني، الذي كان يشغل مندوب اليمن الدائم للتعيين، لشغل المنصب في مايو 2018 بدلا منه.
 
واستبعدت المصادر في تصريح لـ”العرب” أن يتم تعيين نائب وزير الخارجية الحالي جمال الحضرمي وزيرا للخارجية، مع احتمال توليه مؤقتا لملف الخارجية إلى حين التوافق على تعيين وزير جديد، بالنظر إلى قلة الخبرة السياسية للحضرمي الذي ينتمي أكثر إلى العمل الإداري.
 
وعزت مصادر سياسية سبب الاستقالة المفاجئة لخالد اليماني، إلى تلقيه إشارات قوية خلال الفترة الماضية تفيد بإمكانية إقالته، على خلفية الاتهامات الموجهة إليه بالفشل في إدارة ملف المشاورات مع الحوثيين، وتوريط الحكومة في اتفاقات السويد التي تحولت وفقا لمراقبين إلى وسيلة للضغط على الشرعية، وبوابة للتدخل الدولي في اليمن وعرقلة تحرير الحديدة.
 
وقالت المصادر في تصريح لـ”العرب” إن الكثير من صلاحيات اليماني ذهبت في الآونة الأخيرة إلى مكتب رئاسة الجمهورية بشكل مباشر، وهو السبب في توجيه رسالة الرئيس هادي إلى الأمين العام للأمم المتحدة والتي كان من المفترض أن توجه عن طريق وزير الخارجية.
 
وتوقف اليماني خلال الأيام التي سبقت استقالته عن الإدلاء بأي تصريحات صحافية، أو التعليق على تداعيات التوتر في العلاقة بين الحكومة والأمم المتحدة. كما ألمح إلى تخليه عن منصبه في تغريدة على تويتر تضمنت صورة لمدينة نيويورك مطلع يونيو، في إشارة إلى عودته للمدينة التي عمل فيها مندوبا دائما لليمن في الأمم المتحدة.
 
واتهم ناشطون ومراقبون يمنيون اليماني بإدارة ملف الصراع السياسي مع الميليشيات الحوثية من خلال وسائل وأدوات ناعمة تفتقر إلى المعرفة العميقة بتكتيكات الحوثيين، إضافة إلى اتهامه بمحاباة الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن مارتن غريفيث طمعا في منصب أممي عقب تركه لوزارة الخارجية.

ولم تستبعد المصادر أن تكون الاستقالة المفاجئة لليماني استباقا لقرار إقالة وشيك، في ظل التوتر غير المسبوق بين الأمم المتحدة والحكومة اليمنية وتمسك مجلس النواب اليمني بمطالبته الحكومة برفض التعامل مع المبعوث الأممي إلى اليمن، إلا بعد الحصول على ضمانات من الأمم المتحدة بتغيير سلوكه وطريقة تعاطيه مع الملف اليمني.

وجاءت استقالة اليماني بعد حملة لناشطين وإعلاميين يمنيين على مواقع التواصل الاجتماعي انتقدت أداء الحكومة في إدارة الملف الخارجي.

واعتبر السياسي اليمني فهد طالب الشرفي في تصريح لـ”العرب”، استقالة اليماني نتيجة ضغوط شعبية على خلفية اتفاق ستوكهولم الذي تسبب في “إحراج كبير للشرعية وكشف عن سوء إدارة ملف الخارجية منذ تعيين اليماني وضعف الأداء السياسي الذي اتسم بارتكاب الأخطاء الفادحة”.

 ومن بين الأخطاء التي أشار إليها الشرفي “الثقة الساذجة في رغبة الحوثيين بتحقيق السلام والثقة المفرطة في البعثة الأممية المعروف عنها التعامل الناعم مع الحوثيين، فضلا عن حالة الاستياء الشعبي التي خلفها إيقاف معركة تحرير الحديدة”.

ولفت الشرفي إلى أن “اليماني كان يعد اليمنيين بسلام وهمي هو يعلم أنه لن يتحقق في ظل الإرهاصات التي وضعها الحوثيون وتسببت في تراجع الأداء السياسي والعسكري منذ عام في الوقت الذي كان يمكن أن تتحقق به أشياء كثيرة”.

وتوقع الشرفي أن تساهم استقالة اليماني في إعادة تقييم العلاقة بين الحكومة الشرعية والأمم المتحدة وهيئاتها العاملة في اليمن على أسس واضحة، مشيرا إلى أنه يجب الأخذ في الحسبان عند اختيار وزير جديد للخارجية أن يكون لديه رصيد في معرفة خلفيات الصراع التاريخية والسياسية ويفهم جيدا طريقة التفكير والنفسية الحوثية المحاربة.

وتزامنت استقالة وزير الخارجية اليمني مع زيارة وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام، روز ماري دي كارلو، إلى العاصمة السعودية الرياض حيث من المفترض أن تلتقي بمسؤولين سعوديين إضافة إلى لقاء مع الرئيس هادي مقرر الثلاثاء.

ووفقا لمصادر سياسية مطلعة تهدف الزيارة إلى استئناف جهود السلام في اليمن، ومناقشة تحفظات الحكومة على أداء غريفيث، الذي تشير مصادر إعلامية إلى احتمال حصوله على دعم جديد من مجلس الأمن الدولي في ظل معلومات عن نقاش يدور في أروقة الأمم المتحدة لاختيار بديل له في حال أصرت الحكومة اليمنية على موقفها في رفض التعامل معه.

واعتبر فياض النعمان الوكيل المساعد لوزارة الإعلام اليمنية في تصريح لـ”العرب” أن نجاح زيارة روز ماري دي كارلو مرهون بجدية الضمانات التي ستقدمها الأمم المتحدة والمتمثلة بعودة مسار السلام إلى ما قبل تجزئة غريفيث للقضايا التي تضمنتها اتفاقيات السويد.

واعتبر الناشط والصحافي اليمني محمد سعيد الشرعبي أن “الدبلوماسية اليمنية تريد سياسيا مخضرما يدرك طبيعة الحرب في اليمن ويجيد إحباط المشاريع الرامية لشرعنة الانقلاب بدهاء وحنكة، ولديه علاقات داخلية وخارجية تعزز مكانته وليس مسؤولا مكتبيا أو ناشطا يشارك مبعوث الأمم المتحدة في تصفية القضية اليمنية”.