يبدو أنّ مفاعل التسوية الرئاسية التي جاءت بالجنرال عون رئيساً للجمهورية، والتي مهّد لها رئيس حزب القوات اللبنانية قبل ثلاث سنوات مضت، واندفع لتحقيقها الرئيس سعد الحريري ما زالت سارية المفعول حتى اليوم، وذلك رغم الخسائر الفادحة التي لحقت بالاقتصاد، وتفشي الفساد في كافة القطاعات الحكومية والمؤسسات الرسمية المستقلة، وزاد الطين بلة استئثار صهر الرئيس عون الوزير جبران باسيل بالمناصب الوزارية والخدماتية منذ أكثر من عشر سنوات، والمُحصّلة أزمات تتراكم فوق رؤوس المواطنين، لا ماء ولا كهرباء، ولا فرص عمل، حكومة عاجزة عن إنجاز موازنة سنوية للعام الحالي والذي شارف على نهايته، ومع ذلك لا يخجل أركان تلك التسوية المشؤومة من إعادة تحالفاتهم على ظهر المواطن اللبناني، وجاءت الخطيئة الصادمة بالأمس في انتخابات نقابة الأطباء، حين تفاجأ الجميع بتحالف القوات اللبنانية مع تيار الوزير باسيل والكتائب وحزب الله والحزب الشيوعي في لائحة واحدة، والعجب العُجاب من قدرة الحاوي الذي جمع رؤوس هذه القوى المتنافرة سياسياً في تلك اللائحة، لتفوز فوزاً مُؤزّراً بنكهة الخيبة والخذلان التي شعر بها المواطنون الغافلون بالأمس.

إقرأ أيضًا: مصائب ومِحن تتناسل في ظلّ حكمٍ عاجز ومستهتر

لم يبق في البلد قطاعٌ نظيفٌ لم تُفسدهُ السياسات الخاطئة، وعلينا أن نتوجّس خيفةً بعد اليوم على صحتنا وصحة أبنائنا وسلامتهم، حين نُلقيهم بين أيدي أطباء لبنان، الذين لا يُحسنون مداواة أمراض نقابتهم الخاصة، فيُخطئون في تشخيص علّتها المتدهورة، وبالتالي لا يهتدون لعلاجها، فيوقعونها في حبائل السياسيين الدجالين، بدل الركون لأحضان العلم ومبضع العلم الصالح لعلاج كافة الاورام، وأخبثها دخول السياسة في عمل نقابة، يفترض أن تكون رسالتها أشرف وأعلى كعباّ من سائر المهن والوظائف.

يُنشد المواطن اللبناني بعد بلاء نقابة الأطباء بالأمس هذين البيتين:

عليلٌ من مكانينِ

من الإفلاس والدَّينِ

ففي هذين لي شُغلٌ

وحسبي شغل هذينِ.