كيف سيتعامل اللبنانيون مع ازمة النازحين السوري؟
 

أثارت موجة النزوح السوري الكثيف إلى لبنان أزماتٍ عدّة، رافقتها في كثيرٍ من الأحيان توترات واحتكاكات مع البلدات والأحياء السكنية التي استضافت جموع النازحين بشكل عشوائي، ورافقت هذه الفوضى غير المنظمة بعض الاعتبارات العدائية، وصلت للأسف إلى حدود العنصرية اتجاه السوريين المنكوبين في حلّهم وترحالهم، وكانت تصريحات بعض المسؤولين اللبنانيين (لا سيما تصريحات الوزير جبران باسيل ومعظم اعضاء تياره) تزيد الطين بلة، وللأسف الشديد مرة أخرى أنّ معظم دعوات العنصرية ومشاعر الكراهية والعداء التي صُبّت على رأس هذا الشعب المنكوب في بلده وخارجه راحت تتغذّى من تاريخ النظام السوري الأسود خلال فترة وصايته على لبنان لمدة قاربت ثلاثة عقود من الزمن، ثم راجت دعوى أخرى تقول بأنّ اليد العاملة السورية تزاحم اليد العاملة اللبنانية، في حين أنّ اعتماد المجتمع اللبناني على اليد العاملة السورية كان قبل بدء الحرب الأهلية اللبنانية، وقبل اندلاع الثورة السورية، وهو مُرجّح استمراره للحاجة الماسة لهذه اليد العاملة التي تمتلك خبرة وطاقة ومرونة، فضلاً عن كلفتها المتواضعة قياساً على كلفة اليد العاملة اللبنانية( هذا في حال توفّرها).

إقرأ أيضًا: مبسوط واحد في طرابلس ومبسوطين اثنين في الشياح

أثارت مؤخراً حادثة احتكاك سيارة للدفاع المدني في مخيم دير الأحمر مع النازحين السوريين، ردود فعلٍ سلبية اتجاه هؤلاء النازحين، ممّا أدّى إلى تشريد العائلات والأطفال، وتركهم عرضةً لاسوأ أنواع الاضطهادات الناشئة عن سوء أوضاعهم كنازحين أولاً، وعن اضطرام المشاعر العدائية اتجاههم ثانياً، وقد يجد المرء اعذاراً عديدة للمواطنين اللبنانيين الذين ضاقوا ذرعاً بثقل أزمة النزوح السوري وتبعاتها الباهظة، إلاّ أنّ المستغرب كان - خلال هذه المحنة - أن يخرج محافظ البقاع السيد بشير خضر للقول بأنّه من الأفضل أن يُتّهم بالعنصرية ولا يضطر للذهاب مُعزّياً في دير الأحمر، مُتّهماً البائسين الذين تشرّدوا مع النساء والأطفال في بيداء البقاع بالإرهاب، في حين ما زالت النفوس محتقنة جراء الجريمة الإرهابية الأخيرة في طرابلس.

مصائب ومِحن تتناسل من بعضها في ظلّ حكمٍ عاجز ومستهتر، حتى بتنا نسمع مسؤول لا يخجل من عنصريته ويُفاخر بها، في حين كان المطلوب منه، أن يُخفيها في صدره المغلول حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا.