الإمارات تطالب مجلس الأمن الدولي بتأدية دوره وتحميل المعتدين مسؤولية الهجمات التخريبية.
 
زاد التحقيق الذي أجرته الإمارات بشأن ملابسات استهداف ناقلات قبالة سواحلها في مايو الماضي من الضغوط على إيران خاصة أنه، وإن لم يتهمها بشكل معلن، ترك لمجلس الأمن مهمة استثمار النتائج التقنية وتحويلها إلى موقف دولي صارم لحفظ الملاحة الدولية وضمان عبور سلس لإمدادات النفط في منطقة استراتيجية بالنسبة إلى اقتصاديات الشرق والغرب.
 
يأتي هذا في وقت تبحث فيه طهران عن وساطة يابانية مع إدارة أميركية تعتقد أن لا تهدئة مع إيران لا تضمن وقف تمددها العسكري وتهديدها للأمن الإقليمي، ولمصالح واشنطن وحلفائها في الشرق الأوسط.
 
وأبلغت الإمارات والسعودية والنرويج أعضاء مجلس الأمن الدولي، الخميس، بأن الهجمات التي تعرضت لها أربع ناقلات قبالة ساحلها يوم 12 مايو الماضي تحمل بصمات عملية معقدة ومنسقة تقف وراءها دولة على الأرجح.
 
ولم تتطرق وثيقة الإفادة التي قدمتها الدول الثلاث إلى أعضاء مجلس الأمن الدولي، إلى الجهة التي تعتقد أنها تقف وراء الهجمات ولم تذكر إيران التي تتهمها الولايات المتحدة بالمسؤولية المباشرة عنها.
 
إلا أن المندوب السعودي الدائم لدى الأمم المتحدة عبدالله المعلمي، أكد أن إيران هي من تقف وراء الهجوم. وقال المعلمي في تصريحات صحافية إن القرائن تشير إلى تورط إيران في الهجوم على السفن.
 
وأكد أن “المسؤولية تقع على عاتق إيران، وأن هناك ما يكفي من الأدلة لإثبات أن ما حدث يتسق مع نمط تصرف معتاد من النظام الإيراني، في شأن رعاية الإرهاب والتخريب ونشر الفوضى في أماكن كثيرة”.

وأشارت النتائج الأولية للتحقيق المشترك الذي تجريه الدول الثلاث إلى أن الهجمات تطلبت خبرة في قيادة الزوارق السريعة وغواصين مدربين ثبتوا على الأرجح ألغاما بحرية في السفن بقدر كبير من الدقة تحت سطح الماء بهدف تعطيلها وليس إغراقها.

وقالت الإمارات والسعودية والنرويج في الوثيقة إن التحقيقات لا تزال مستمرة لكن هذه الحقائق تعد دلائل قوية على أن الهجمات الأربع كانت جزءا من عملية معقدة ومنسقة نفذها فاعل ذو إمكانيات واسعة وهو دولة على الأرجح.

وتعتقد الدول الثلاث أن عددا من الفرق نفذ العملية ونسق تفجير الشحنات الناسفة الأربع جميعها خلال أقل من ساعة.

ويعتقد خبراء ومحللون سياسيون أن التقرير، الذي تكفلت به الإمارات في البداية ثم التحقت بها السعودية والنرويج كأطراف متضررة من الهجمات، لم يكن مهموما بتسجيل موقف سياسي ضد إيران أو غيرها بقدر ما كان الهدف منه الوقوف على ما جرى بشكل دقيق شفاف، وتقديمه إلى مجلس الأمن ليتم توظيفه في أي إجراءات مستقبلية لحماية ناقلات النفط.

ويضيف هؤلاء أن الإمارات حرصت من البداية على انتظار التقرير ولم تطلق اتهامات قبل إعلان النتائج، كاشفة عن أن غايتها ليست التوظيف السياسي، وإنما توفير السلامة لناقلات النفط، وهو ما يقطع الطريق على أي توترات مستقبلية تهدد شريانا رئيسيا في اقتصاديات دول المنطقة بما في ذلك إيران.

وطالب أنور بن محمد قرقاش وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، بضرورة أن يقوم مجلس الأمن بدوره بشأن المعتدين على السفن قرب المياه الإقليمية الإماراتية.

وقال قرقاش في تغريدة عبر حسابه على تويتر “على مجلس الأمن تأدية دوره في تحميل المعتدين على 4 سفن تجارية قرب المياه الإقليمية للإمارات المسؤولية”.

وأكد أن بلاده تقف صفا واحدا مع الشركاء الدوليين من أجل خفض التوترات في المنطقة، وضمان أمن النقل البحري الدولي وإمدادات الطاقة العالمية، في ظل المناخ الإقليمي الحالي.

واستهدفت الهجمات ناقلتي نفط سعوديتين وسفينة إماراتية وناقلة نرويجية دون أن تؤدي إلى سقوط ضحايا، لكنها أججت التوتر بين الولايات المتحدة وإيران خلال وقت تصاعدت فيه حدة التصريحات المتبادلة بينهما.

وكان مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون قد قال يوم 29 مايو إن الهجمات نفذت باستخدام “ألغام بحرية من إيران بشكل شبه مؤكد”. ونفت إيران هذا الاتهام.

وقبل ذلك بأيام، أدلى الأميرال الأميركي مايكل جيلداي مدير الأركان المشتركة بتصريحات في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) قال فيها إن الحرس الثوري الإيراني مسؤول مسؤولية مباشرة عن الهجمات.

واستجابة لمخاوف من هجوم إيراني محتمل على المصالح الأميركية، أرسلت إدارة الرئيس دونالد ترامب 1500 جندي إضافي إلى الشرق الأوسط وقررت الإسراع بإرسال المجموعة الهجومية لحاملة طائرات إلى المنطقة وأرسلت قاذفات وصواريخ باتريوت إضافية.

ووقعت الهجمات قبالة إمارة الفجيرة القريبة من مضيق هرمز الذي يعد ممرا حيويا عالميا لشحن النفط والغاز ويفصل بين دول الخليج العربية وإيران.

وقالت الإمارات والسعودية والنرويج إن الهجمات عرضت الملاحة التجارية وأمن إمدادات الطاقة العالمية للخطر. وتعتزم الدول الثلاث عرض نتائج تحقيقها على المنظمة البحرية الدولية ومقرها لندن.

واتبعت إدارة ترامب سياسة أكثر صرامة حيال إيران في الأسابيع التي سبقت الهجمات وذلك بإعادة فرض العقوبات على صادرات النفط الإيرانية دون أي إعفاءات وتصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية أجنبية.