على الرغم من انشغال التيارات والأحزاب الداخلة في ائتلاف الحكومة الحالية بالتراشق والتراشق المضاد، فإن صدى ما يجري لن يتجاوز السجالات، ولن يؤثر بصورة مباشرة على عمل الحكومة، التي يتعين عليها مواجهة ثلاثة ملفات في وقت واحد: 
 
1- إمكانية تجدُّد الهجمات الإرهابية في غير منطقة..
 
2- مناقشة الموازنة واقرارها.
 
3- استئناف جلسات مجلس الوزراء.
 
استحقاقات الأيام المقبلة
 
في هذا الوقت، يبقى الاهتمام السياسي والأمني هذين اليومين، وحتى مطلع الأسبوع المقبل، موزعاً بين متابعة التحقيقات في الجريمة الإرهابية التي ارتكبت في طرابلس، عشية عيد الفطر، في حق الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، والتركيز على سبل تحصين الأمن خوفاً من تكرار عمليات مماثلة، وبين بدء لجنة المال والموازنة الاثنين في درس بنود مشروع الموازنة المرفوع إليها، ولكن بروحية جديدة فرضتها دماء العسكريين التي سالت في طرابلس، وكذلك عودة الموفد الأميركي ديفيد ساترفيلد إلى بيروت، حيث علمت «اللواء» من مصادر رسمية متابعة لزيارته انه سيصل الأربعاء المقبل في 12 الشهر الحالي، ناقلاً بعض الأجوبة الإسرائيلية على موقف لبنان بالنسبة لتحديد الحدود البرية والبحرية الجنوبية، بالتزامن مع تركيز الاهتمام السياسي على تهدئة التوتر بين التيارين الأزرق والبرتقالي، لا سيما بعد انتقال السجال السياسي بين هذين التيارين، إلى سجال تويتري من نوع «بلدي» بين «المستقبل» والحزب التقدمي الاشتراكي على خلفية رئاسة بلدية شحيم في إقليم الخروب.
 
واستبعدت مصادر وزارية عبر «اللواء» ان تكون للسجالات التي قامت مؤخرا بين «التيار الوطني الحر» و«تيار المستقبل» تداعيات على عمل الحكومة الذي يفترض به ان ينطلق من خلال جلسات مجلس الوزراء مع العلم ان الوزراء لم يتبلغوا   بأي موعد عن الجلسة المقبله للحكومة بإنتظار عودة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري من الخارج.
 
الحريري في بيروت الأثنين
 
وفي هذا السياق، توقع مستشار رئيس الحكومة الوزير السابق الدكتور غطاس خوري عودة الحريري إلى بيروت يوم الاثنين لتهدئة الأمور، مشيرا إلى ان هناك هجومات متعددة من عدّة جبهات على تيّار «المستقبل»، قد تكون مهمة ولكن لن تكون مهمة بقدر المحافظة على الوطن، معتبرا انه لا يُمكن ان تبقى كل هذه الإشكالات ولا نرد عليها.
 
ونفى خوري وجود اتصالات مع «التيار الوطني الحر»، لكنه لاحظ ان التسوية بيننا جزء من استمرارية العهد بشكل عام، لافتا إلى «انه رغم مواقف رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل فهو متمسك بالتسوية وكذلك الحريري الذي هو زعيم «المستقبل» والموقف الموحد».
 
ومن جهته، أكّد وزير شؤون المهجرين غسّان عطاالله، لـ«اللواء» ان السجال الذي قام مؤخرا كان في السياسة انما الكل يريد مصلحة البلد ونأمل خيرا ولفت الى انه من الضروري ايلاء اهمية لما حدث في طرابلس وعدم تسخيف ما جرى من اعتداء ارهابي على القوى الأمنية داعيا الى ضبط الوضع وقال ان الجميع مدعو للتعاون من اجل ذلك.
 
وأبدى عطاالله استعداده للقيام بأي مسعى من أجل تهدئة الوضع بين تيّار «المستقبل» والحزب الاشتراكي، ومنع حصول أي توتير في منطقة الشوف بعد السجال الذي اندلع بين الطرفين، معلناً تأييده لرفع الغطاء عن أي مخالف حتى وان كان الأمر يتصل ببلدية، مشدداً على القانون ان يأخذ مجراه والاحتكام الى المؤسسات وعدم حماية الفاسد الى اي حزب او طائفة انتمى. واوضح ان كل ذلك يجب ان يتم من دون سجال يخلق نفوراً بين القاعدة  الشعبية معلنا ان المطلوب عدم تعكير الأجواء في منطقة الشوف والنظر الى موسم الاصطياف الواعد لهذه المنطقة ولمنطقة عاليه.
 
وفي المعلومات المتداولة على صعيد التهدئة بين تيّار «المستقبل» و«التيار الوطني الحر»، ان وزير شؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي سيزور دار الفتوى يوم الاثنين المقبل، موفداً من رئاسة التيار، وربما أيضاً بغطاء من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لتوضيح بعض المواقف التي أدّت إلى توتير العلاقة مع «المستقبل»، فيما ستؤكد دار الفتوى انها لكل اللبنانيين، وان المواقف التي تعلن من على منبرها لا تمثل سوى صاحبها فقط، ولا تمثل دار الفتوى أو مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان.
 
وأكدت مصادر «المستقبل» لمحطة L.B.C انه يجب على مجلس الوزرء ان يلعب دوره كاملاً، مشيرة إلى ان الخلافات مع التيار قابلة للحل عندما تقوم المؤسسات بدورها ولا سيما مجلس الوزراء.
 
التحقيقات الأمنية
 
وبالنسبة للتحقيقات الامنية في جريمة طرابلس، علمت «اللواء» ان عدد الموقوفين لدى مخابرات الجيش وفرع المعلومات فاق العشرين شخصا، غالبيتهم العظمى لدى المخابرات، وان بعضهم يتم الاستماع اليه من دون اي شبهة او تهمة بل للاطلاع على بعض المعلومات حول منفذ العمل الارهابي عبد الرحمن مبسوط وقد يتم اطلاقهم قريبا، والبعض الاخر يتم استجوابه لمعرفة مدى علاقته بمنفذ الجريمة واحتمال مساعدتهم له لا سيما بالحصول على القنابل اليدوية والذخائر، وهؤلاء قد يحتاج الامر معهم الى التوسع بالتحقيق.
 
وفي هذا الصدد قال وزير الدفاع الياس بوصعب لـ«اللواء»: ان الاجهزة الامنية في الجيش وقوى الامن تقوم بواجباتها على اكمل وجه في التحقيق بالجريمة التي لا يمكن وصفها الا بالارهابية بامتياز،وهناك عمل جدي في التحقيق، لكنني لا اريد ان استبق نتائج التحقيق وانا على تواصل دائم مع وزيرة الداخلية ريا الحسن ونأمل من خلال التنسيق القائم بيننا وبين الاجهزة الامنية في الجيش وفرع المعلومات ان نتوصل الى نتائج ايجابية، وانا استطيع ان اؤكد ارتياحي للتنسيق القائم واشيد بهذا المستوى من التعاون بين المخابرات وفرع المعلومات والوزيرة الحسن في نفس التوجه، ونحن مصرون على استمرار هذا التعاون والتنسيق لأن هدف وزارتي الدفاع والداخلية وكل الاجهزة الامنية هو حماية لبنان من كل الاخطار واتوقع ان نصل الى نتائج ايجابية، وسيكون التعاون مستقبلا افضل واوسع واشمل بين كل الاجهزة الامنية.
 
وعلمت «اللواء» ان الوزير بوصعب سيزور اليوم طرابلس ويلتقي كلا من رئيس «تيار الكرامة» النائب فيصل كرامي ومفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، ويبحث معهما تداعيات الجريمة الارهابية واجراءات حماية المدينة وتأكيد وقوفه مع اهلها وفعالياتها، وذلك خلال انتقاله الى الحدود البرية الشمالية في عكار في جولة تشمل المعابر غير الشرعية من اجل اتخاذ الاجراءات المناسبة لإقفالها ومنع التهريب ودخول العناصر المسلحة.
 
توضيحات الحسن
 
وكانت الوزيرة الحسن ترأست أمس اجتماعاً استثنائياً لمجلس الأمن المركزي خصص للبحث في تداعيات الجريمة الإرهابية في طرابلس، وتقرر خلال الاجتماع إنشاء غرفة عمليات افتراضية في كل منطقة تجتمع في فروع استخبارات المناطق لإدارة أي أزمة أمنية قد تحصل، باشراف القضاء في حضور قاض، وسيتم البحث في تفاصيلها في الاجتماع الدوري لقادة الأجهزة الأمنية.
 
واعقب الاجتماع مؤتمر صحافي للحسن، روت فيه تفاصيل العملية الإرهابية التي قام بها الارهابي عبد الرحمن مبسوط، وعرضت لبعض المعلومات عنه، وأوضحت خلال هذا العرض لبعض الالتباسات التي حصلت في أثناء زيارتها للمدينة صبيحة العملية مع المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان.
 
ومن هذه التوضيحات ان مصطلح «الذئب المنفرد» هو مصطلح تعتمده كل الأجهزة للدلالة على شخص قام بعمل اجرامي ومنها عملية إرهابية، من دون ان يكون هذا العمل ناتجاً عن أوامر صادرة من مجموعة ينتمي إليها، وان المجرمين الارهابيين القادرين بدم بارد على قتل ابرياء لا يُمكن وصفهم الا انهم أشخاص غير متزنين عقلياً، بالمعنى المجازي وليس الطبي، مشيرة إلى ان هذا الوصف ليس سبباً لتبرير الجريمة، وإنما لوصف الحد الذي وصل إليه هذا النوع من الأشخاص بالاجرام واللاانسانية.
 
وأوضحت الحسن ان العقوبة التي طاولت الارهابي هي العقوبة التي ارتآت المحكمة، التي هي مستقلة عن كل السلطات انها مناسبة لمعاقبة الأفعال التي ارتكبها خارج الأراضي اللبنانية، مشيرة إلى ان طرابلس أثبتت قبل العملية الإرهابية وبعدها انها مدينة تنبذ كل أنواع التطرف، وانها ليست بيئة حاضنة للارهاب، ولفتت إلى انه من «الخطر استغلال جريمة إرهابية لشد العصب الطائفي أو السياسي»، معتبرة ان ثمة مسؤولية مشتركة بالتساوي بين الإعلاميين والسياسيين للتعاطي مع حدث مماثل بحرفية بحيث لا تنقلب الأمور مبارزة للحصول على سبق اعلامي، مؤكدة انه من المعيب استغلال جريمة إرهابية ودماء شهداء من الجيش وقوى الأمن لأغراض سياسية أو لتصفية حسابات مع خصومهم»، معتبرة ان «مواجهة الإرهاب يتطلب بداية توحيد الخطاب السياسي مع تأكيد أهمية التنسيق القائم بين الأجهزة الأمنية في ما بينها.
 
وشدّدت الحسن على ان الفريق السياسي تمثله (المستقبل) متمسك بالتسوية السياسية لأن هدفنا النهوض بالاقتصاد.
 
«المستقبل» والاشتراكي
 
وفيما يفترض ان تشهد الأيام المقبلة اتصالات على خط «المستقبل»- «التيار الوطني الحر» بتطويق ذيول الخلافات التي بدأت مع قضية المقدم سوزان الحاج، وتفاقمت مع العملية الإرهابية في طرابلس، فتحت جبهة سجالية جديدة بين «المستقبل» والحزب الاشتراكي على خلفية خلاف على رئاسة بلدية شحيم في الإقليم.
 
وسألت «اللواء» رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط موقفه من كل التطورات الحاصلة محليا لا سيما السجال البلدي المستجد بين الحزب و«المستقبل»؟ فقال: انا الان في المختارة في استراحة، ولا مجال الان للخوض في مجمل التطورات المحلية، «خليهم ينبسطوا سعد الحريري وجبران باسيل».  
 
وكان السجال بدأ بتغريدة من جنبلاط على موقع تويتر، اتهم فيها محافظ الجبل محمّد مكاوي بأنه أصبح موظفاً صغيراً عند تيّار سياسي لم يسمه، لكنه وصفه بأنه «تيار تائه ومتخبط في خياراته العامة، لكنه مصر على محاربة الحزب الاشتراكي في الإقليم بأي ثمن».
 
واستدعت هذه التغريدة رداً سريعاً من الأمين العام لتيار المستقبل احمد الحريري على جنبلاط ثم على أمين السر العام في الحزب ظافر ناصر الذي دخل طرفاً في السجال للدفاع عن جنبلاط، متهماً الرئيس الحريري بتهديد النّاس بارزاقهم من أجل بلدية، ورد أحمد الحريري بأن سعد الحريري لا يقطع أرزاق أحد وأبن رفيق الحريري بنى ارزاقاً ودفع من لحمه الحي، وأنتم أوّل العارفين.. عيب الشوم.
 
ثم ما لبث ان احتدمت السجالات «التويترية» أيضاً بين النائبين بلال عبد الله عن الاشتراكي ومحمّد الحجار عن «المستقبل»، وكل ذلك على خلفية المداورة على رئاسة بلدية شحيم التي تمّ الاتفاق عليها مسبقاً بين «المستقبل» ممثلاً بالرئيس الحالي للبلدية السفير زيدان الصغير، والاشتراكي ممثلاً بأحمد فواز.
 
لكن معلومات اشارت ليلاً إلى ان اتصالات حصلت بين الطرفين لحل الخلاف بينهما، وان جنبلاط أوكل هذا الأمر إلى وزير الصناعة وائل أبو فاعور، خشية ان يؤدي تفاقمه إلى ما لا تحمد عقباه بالنسبة للطرفين الحليفين.
 
دير الأحمر
 
في الاثناء، عاد الهدوء الى منطقة دير الاحمر بعد الإشكال الذي وقع عصر الاربعاء بين مجموعة من النازحين في مخيم «كاريتاس» وعناصر الدفاع المدني، تطور إلى رشق سيارات الدفاع المدني بالحجارة، وإصابة احد العناصر بجروح. وتم اخلاء المخيم الذي يضمّ نحو 90 خيمة يسكنها نحو 750 نازحاً بقرار من اتّحاد بلديات المنطقة وفاعلياتها وعدم العودة اليه نهائياً بالتوازي مع قرار محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر بمنع تجول النازحين السوريين في دير الأحمر حتى الصباح.وعقد رؤساء بلديات منطقة دير الاحمر برئاسة المحافظ خضر وحضور ممثلين عن المفوضية العليا للاجئين اجتماعاً لبحث التطورات، ودعا خضر الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي الى «التهدئة»، نافيا «المعلومات التي يتم تداولها عن احراق خيم للنازحين السوريين في البلدة»، لكنه عاد وأكّد انه تمّ إحراق ثلاث خيم فقط كانت خالية من قاطنيها، قبل اخلاء المخيم المذكور.
 
تزامن الحادث مع دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي اللاجئين السوريين للعودة إلى بلادهم للحفاظ على كيانهم وثقافتهم، مشيراً إلى ان صفقة القرن كما بات معلوماً تهدف إلى توطين اللاجئين الفلسطينيين والسوريين من خلال اغراءات مادية وصفقات سياسية.
 
في المقابل، اتهم النائب مروان حمادة بعض الهيئات المحلية والمتطرفين المرتبطين بالسلطة، بالتحريض على المخيمات والنازحين، مشيراً إلى انه علم بأن الموضوع أصبح متداولاً من قبل الهيئات الدولية والدول المانحة التي قد لا تسكت طويلاً عن هذه الممارسات، متسائلاً: «هل يبقى شيء لم تخربه السياسات الداخلية والخارجية للسلطة؟».