أكثر من 34 ألف لبناني هاجروا.. فإلى أين يسير واقع البلد بفعل هجرة الطاقات الشابة إلى الخارج؟!
 
فيما تُحاول الدولة اللبنانية الخروج من أزمتها الإقتصادية، تتواصل هجرة العقول من لبنان إلى الخارج، إذ توقعت "شركة الدولية للمعلومات" في دراسة أصدرتها أن "يصل عدد المهاجرين الذين تقل أعمارهم عن أربعين سنة إلى 56 ألفًا بحلول نهاية العام 2019"، مشيرةً إلى أن "حوالي 34 ألفًا لبناني غادروا لبنان في العام 2018 ولم يعودوا".
الخبراء، الفنيون والمتخصصون في القطاعات المصرفية، السياحية والهندسية، يتجهون إلى دول الخليج.
أمّا العلماء والباحثون في الطب، الصيدلية، الكيمياء والذرة فيختارون الهجرة إلى الولايات المتحدة الأميركية كما الدول الأوروبية، حيث تتوافر معامل الأبحاث والمختبرات التي تمكنهم من إظهار قدراتهم وتطبيق اكتشافاتهم.
إذًا، أسباب كثيرة تقف خلف ارتفاع هذه الأرقام إلى حدّ تضاعفها في فترة لم تتعدى السنة الواحدة، أهمّها:
- الظروف السياسية والإجتماعية الصعبة التي تعرقل النموّ الإقتصادي، وخلق فرص عمل جديدة.
- تهديد استمرارية الدولة ووقف التوظيف في القطاع العام.
- التوترات السياسية في المنطقة أثرت على فرص العمل في لبنان، إذ لا يمكن ألا يتأثر بما يجري حوله. 
- ارتفاع كلفة المعيشة والبطالة.
- استفحال ظاهرة الفساد ونهب المال العام.
- منافسة اليدّ العاملة الأجنبية الناتجة عن موجة النزوح الضخمة التي تكبّدها لبنان منذ نشوء الحرب السورية، وانعدام حلولها في المدى المنظور.
- نمو عدد المتخرجين من الجامعات والمعاهد المهنية وتناقص عدد المؤسسات المستقرة في القطاعات الإنتاجية وإقفال الشركات بسبب الركود الإقتصادي.
- غياب أنظمة الحماية الإجتماعية يدفع اللبنانيين إلى المغادرة بحثًا عن شروط حياتية أفضل.
وبالعودة، إلى أخطر ما كشفته الدراسة هو أن غالبية المهاجرين هم من فئة الشباب الذين لا تتعدى أعمارهم الـ40 عامًا، ما يؤثّر على انتاجية الإقتصاد المحلّي وتطوّره، كما نمو باقي القطاعات الخدماتية وانخفاض نوعيّة انتاجها، ولا شكّ في أن هجرة هذه الفئة العمرية بالتحديد ستؤدّي إلى تحوّل المجتمع اللبناني مع الوقت إلى مجتمع كهل.
وللحد من هذه المشكلة الإجتماعية فإن المطلوب هنا إحداث تغيير جذري في النمط الإقتصادي الحالي، عبر الإنتقال من اقتصاد ريعي، لا يخلق فرص عمل بل يصدّر الطاقات الشبابية والأسر اللبنانية إلى الخارج، إلى اقتصاد منتج وفعّال، ما يوفّر فرص عمل جديدة، ويُعيد ويسترد الطاقات الشبابية، والأدمغة اللبنانية الموجودة في الخارج. 
كذلك المطلوب من الحكومة الحالية، خلق مناخات استثمارية، في البنية الإقتصادية، وتحديث القوانين والتشريعات، لجذب الرساميل والأموال إلى لبنان.
تجدر الإشارة هنا، إلى أن "عدد الذين غادروا ولم يعودوا وصل خلال الفترة من 15 كانون الثاني 2019 ولغاية 15 نيسان 2019 إلى 14,316 شخصًا مقارنةً بـ 9,704 أشخاص خلال الفترة ذاتها من العام الماضي أي بارتفاع مقداره 4,612 شخصًا ونسبته 47.5%".