ما هو دور حزب الله، وكيف ينظر إلى طموحات باسيل؟
 

يشهد لبنان اليوم توتر سياسي من الدرجة الأولى. وهذا التوتر ينعكس سلباً على سمعة البلد، ويُساهم في إنتاج الأجواء السلبية التي تعيشها الأوساط الشعبية من جراء الواقع  الإقتصادي والركود، وينعكس ايضاً سلباً على المؤسسات المتماسكة والتي تقوم بدورها على أكمل وجه، خصوصاً الجيش وقوى الأمن الداخلي وغيرهما.

فالبلد في أزمة سياسية خطيرة، علينا الاعتراف بهذا الواقع، ولا نختبئ بخيال إصبعنا، لأن هناك اطراف تتعمد دفع البلاد إلى مثل هذه الأزمة من دون أي رادع، ومن دون ان يحسب أي حساب للنتائج الخطيرة التي تترتب عن الامعان في تسعير هذه الأزمة من نتائج على الوحدة الوطنية بما يُعيدنا بشكل أو بآخر إلى زمن الحرب الأهلية التي دمرت هذا البلد وكادت ان تقسمه إلى كونفدراليات طائفية ومذهبية تتقاتل في ما بينها ومن يقول العكس ويدعي ان الأمر لا يتعدى مجرّد زلات لسان لا أكثر ولا أقل ليس المقصود منها إثارة الغرائز والنعرات الطائفية يقصد العودة إلى ما قبل اتفاق الطائف الذي اوقف تلك الحرب العبثية المدمرة، إما ان يكون مخطئاً أو ان يكون شريكاً مضارباً في دفع البلاد نحو هذه الفتنة في الوقت الذي تتخبط فيه المنطقة بمنزلقات خطيرة جداً، لعل أبرز وجوهها تقسيمها إلى دول مذهبية وطائفية وعرقية ضعيفة متناحرة في ما بينها لمصلحة دولة إسرائيل القوية والمتماسكة بين تلك الدويلات.

المطلعون يقولون: بين الثلاثي القوي الموجود في السلطة، الماروني- الشيعي- السنّي، الحريري هو «العنصر الأضعف»، وأما الأقوى فهو الطرف الشيعي الذي يرتكز إلى محور إقليمي يمتلك الأوراق والسلاح واغلب القرار في لبنان.

وبين الطرفين، يحاول الماروني أن يحقّق المكاسب. بل إنّ نجاح الطرف الماروني في الحصول على مكاسب من الطرف السنّي مرهون بمدى الدعم الذي يتلقّاه من الطرف الشيعي. والعكس صحيح.

وفي ظل التحالف السياسي الماروني الشيعي، يدرك الطرف السنّي أنه يخوض في المباشر معركة مع باسيل ولكن ضمناً مع حزب الله الساكت على حملة باسيل. وأما الحريري فهو محشور بالمحور السعودي. ويجد الحزب أنّ من المناسب تشديد الضغط عليه، كجزء من المواجهة التي تخوضها إيران ضد المملكة.

إقرأ أيضًا: ماذا وراء رسالة تفجير طرابلس؟

وثمة مَن يرى أنّ باسيل رمى بأوراق المفاوضة الخطرة على الطاولة، بما فيها التفاوض على الطائف نفسه بعدما كان التيار قد أعلن المصالحة معه، ولو شكلياً. وأياً تكن دقّة الكلام المنسوب إليه أخيراً عن الطائفة السنّية، فإنّ المناخ العام للانتقادات يبدو واضحاً.

يضاف الى ذلك ايضاً الخطابات النارية لقادة الصف الأول من محور الممانعة حول التوتر الأقليمي خصوصاً التهديدات المتبادلة بين الولايات المتحدة الأميركية وايران كان مصدراً اساسياً للتوتر أيضاً، لأن بعضهم وضع لبنان في قلب العاصفة، وهاجم الإعتدال الذي عبر عنه رئيس الحكومة سعد الحريري في قمتي جده اللتين إنعقدتا في المملكة العربية السعودية لمواجهة الأخطار التي تستهدف الأمن القومي العربي.

وهنا يبرز السؤال الأهم: ما هو دور حزب الله، وكيف ينظر إلى طموحات باسيل؟

بالنسبة لحزب الله على الأرجح، سيكون مهتماً باستمرار الغطاء المسيحي والسنّي. ولذلك، هو سيدعم باسيل في حملاته، ليأخذ عنه عناء قصقصة جوانح الحريرية السياسية في لحظة الاشتباك العنيف السعودي الإيراني.

لكنه سيتلقف الكرة باليد الأخرى ليطمئن الحريري بأنه سيبقى الشريك السنّي الأفضل. إنها فعلاً لعبة توازنات غريبة عجيبة.

إذا كانت صعوبات الوضع الإقتصادي والمالي للدولة قد فرضت شيء من التضامن لتلافي الكارثة المُحدقة؛ لكن التباينات السياسية بين القوى الرئيسية ما زالت قائمة، لا سيما عندما يتجاوز أحدهم كل خطوط المراعاة الوطنية الجوهرية ويتصرف بعقلية الغلبة أمام الاخرين، لأن الطرف المتضرر من سياسة الإستباحة والمونة الزائدة واسع جداً، وهو قبل بالتسوية رغم مخاوفه، ولكنه لا يقبل أن تُفرض عليه الهزيمة في لحظة سياسية غير مؤاتية.

ان المطلوب اليوم ان يقف الجميع عند حدودهم والا سيجدون أنفسهم ويجدون البلد برمته في المستقبل القريب لا يعيش أزمة سياسية وحسب من شأنها ان توقف عجلة الحكم، بل في وضع غير محسوب، أقله العودة إلى إشعال نار الحرب الأهلية، فهل هذا المقصود من الهجوم على الطائف عبر خلق اعراف جديدة، سبق ان اشرنا الى ذلك سابقا ونحذر منه اليوم نرجو ألا يكون الأمر كذلك.