هذه الاستفسارات وغيرها تضفي على صورة الحدث الكثير من الضباب والغشاوة، وتجدنا مضطرين للذهاب إلى اعتبار أن وراء الأكمة ما وراءها.
 

لا بد وقبل أي كلام، من الترحم على ارواح شهداء الجيش وقوى الامن، والاستنكار بأشد العبارات هذه الجريمة النكراء والتوجه لاهالي الشهداء وعائلاتهم الصغيرة باحر التعازي.

ومن ثم نجد لا بد من التوقف كثيرًا عند هذه الجريمة البشعة، ومحاولة مقاربتها بعيدًا نوعًا ما عن ما يعتصر قلوبنا من مشاعر الحزن والأسى مجبولة هذه المشاعر بالكثير من الغضب والغيظ  على كل ما يمت بصلة للفكر الإجرامي الداعشي.

وفي هذا السياق يجب الإشارة إلى عدة نقاط هي موضع تساؤل ونقاش ولا أدعي هنا اني أمتلك الإجابات الشافية عليها.

أولًا، لماذا طرابلس؟ بالخصوص اذا ما أخذنا بعين الاعتبار التشنجات السياسية التي ترافقت مع الجريمة والحديث عن السنية السياسية ومحاربتها وما ترافق مع هذه الأجواء من تجاذبات بين تيار المستقبل من جهة والتيار العوني من جهة ثانية وقد تلمسنا (والدم لا يزال على الارض) محاولة الاستثمار السياسي وتوجيه النقد المجرح للواء عثمان (المتلهي برخص الكسرات والابار...) كما جاء بتغريدة لأحد صحفيي التيار الحر عشية الجريمة! 

إقرأ أيضًا: لماذا نكره جبران باسيل؟

ثانيًا: اذا كانت طرابلس مستهدفة بالجريمة من خلال ترويع اهلها المنشغلين بالتحضير لاستقبال عيد الفطر، فهذا يجب أن يكون بمثابة وسام شرف على صدر هذه المدينة وليس محل إدانة كما حاول ان يروج اعلام التيار الحر وحلفائه، لأن الأعداء المفترضين لهؤلاء الارهابيين بحسب البروبوغندا هم في مناطق أخرى (مع التأكيد طبعا على تمنياتنا السلامة لكل منطق لبنان). 

ثالثًا، المتابع لمجريات الأحداث، يلاحظ أن تسريب إسم المجرم الإرهابي "عبد الرحمن المبسوط" قد أعلن عنه في خضم الاشتباكات والمعركة في أوجها، فمن هي الجهة التي تعرفت على اسم المجرم وسربته إلى الإعلام بهذه السرعة ولم يتم بعد القضاء عليه والتعرف على جثته!!! 

رابعًا، محاولة نواب التيار العوني زج اسم اللواء اشرف ريفي وانتشار صورة له مع رجل ملتحي على انه هو الارهابي منفذ الجريمة، وانتشار هذه الصورة بشكل واسع ليتبين بعد وقت، أن صاحب الصورة هو المواطن شادي رجب وليس المجرم عبد الرحمن مبسوط!! مع ملاحظة أن محاولة فبركة توريط اللواء ريفي تأتي بعد فشل فبركة زياد عيتاني وتبرئة سوزان الحج والتي كما هو معروف أن المقصود بكل هذه العملية الاستخباراتية التلفيقية كان أيضًا اللواء ريفي، ليظهر وكأن انتشار الصورة أيضًا هو جزء مكمل للجريمة، ليأتي السؤال هنا ماذا لو نجح المجرم البساط بالتخفي هل كان ليكون شادي رجب هو زياد عيتاني رقم اثنين والهدف نفسه هو النيل من اللواء ريفي؟! 

إقرأ أيضًا: شكرًا نصرات قشاقش

خامسًا، هل كان المقصود من لجوء المجرم الى احد الشقق في مبنى غير مأهول (كما جاء بالإعلام) هو من أجل التخفي عن الأنظار فقط بعد ارتكابه للجريمة البشعة، لأن المنطق يقول بأنه لو اراد تكملة جريمته والاستمرار بالاشتباك مع القوى الأمنية لكان من الأجدى له التمترس خلف المدنيين من أجل ضمان بقائه أطول مدة ممكنة فمن الطبيعي أن الجيش لن يقتحم المبنى بهذه السرعة ويعرض المدنيين للخطر.

 فإذا كان الهدف هو الاختباء والتخفي فمن أبلغ القوى الأمنية عن مكان تواجده؟!! 

هذه الاستفسارات وغيرها تضفي على صورة الحدث الكثير من الضباب والغشاوة، وتجدنا مضطرين للذهاب إلى اعتبار أن وراء الأكمة ما وراءها على أمل أن تتوضح الصورة أكثر في الأيام القادمة وأن يخرج علينا المعنيون للإجابة عن الكثير من التفاصيل وأن لا تختفي معالم هذه الجريمة البشعة كما غيرها ... وفي الختام رحم الله الشهداء.