تجمع المهنيين السودانيين يدعو إلى مواصلة العصيان المدني حتى إسقاط النظام.
 
وصلت المحادثات بين المجلس العسكري الانتقالي وتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير إلى طريق مسدود رغم المفاوضات التي استمرت أسابيع فقد أعلن رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، الثلاثاء، أن المجلس أوقف التفاوض مع قوى الحرية والتغيير، وإلغاء ما اتُّفق عليه سابقًا، وإجراء انتخابات في غضون تسعة أشهر.
 
ويأتي هذا الموقف من قبل المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، بعد أن أدى إطلاق نار، الاثنين، في محيط اعتصام القيادة العامة في الخرطوم إلى مقتل العشرات.
 
وقال البرهان في بيان بثّه التلفزيون الرسمي فجر الثلاثاء: "قرّر المجلس العسكري وقف التفاوض مع تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير وإلغاء ما تم الاتفاق عليه، والدعوة إلى إجراء انتخابات عامة في فترة لا تتجاوز التسعة أشهر من الآن". وأضاف أن الانتخابات ستتم بإشراف إقليمي ودولي.
 
وقال الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان إن "القوى السياسية التي تحاور المجلس العسكري تتحمل ذات المسؤولية في إطالة أمد التفاوض بمحاولة إقصاء القوي السياسية والقوى العسكرية والانفراد بحكم السودان لاستنساخ نظام شمولي آخر يُفرض فيه رأي واحد يفتقر للتوافق والتفويض الشعبي والرضاء العام".
 
وقد أجج قرار المجلس العسكري غضب قادة الاحتجاج الذين يطالبون بالإعداد للانتخابات خلال فترة انتقالية أطول بقيادة حكومة مدنية، حيث دعا "تجمع المهنيين السودانيين" الثلاثاء إلى مواصلة العصيان المدني حتى إسقاط النظام.

وقال تجمع المهنيين، وهو أحد القوى الرئيسية المشكلة لقوى إعلان الحرية والتغيير المعارضة، إن "مخطط إعلان الانتخابات والتنصل عن الاتفاق مع قوى الحرية والتغيير وإعلان تشكيل حكومة (هزال بعضه فوق بعض)".

واعتبر البيان أن "جماهير الشعب السوداني لم يساورهم الشك ولم يصب قلوبهم زيغ في أن نية الانقلابيين هي الغدر وعهدهم هو خلف العهد".

وأكد أن "الإضراب السياسي متواصل والعصيان المدني الشامل مستمر حتى إسقاط النظام ... وتظاهراتنا ستتواصل مع إغلاق الطرق الرئيسية والكباري وتعطيل السلطة الغاشمة ونزع شرعيتها وسلطانها في القطاعين العام والخاص".

وبالتزامن، خرجت تظاهرات ليلية حاشدة في أحياء وشوارع الخرطوم ليل الاثنين- الثلاثاء.

ويعقد مجلس الأمن الدولي، الثلاثاء، جلسة مغلقة لمناقشة الأزمة في السودان، بعد مقتل ما لا يقل عن 30 شخصا خلال فض القوات السودانية، الاثنين، الاعتصام الذي يطالب بتسليم السلطة إلى مدنيين.

وتُعقَد جلسة مجلس الأمن بعد طلب تقدّمت به الإثنين ألمانيا وبريطانيا، وفق ما أفاد دبلوماسيّون، في وقت أدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش استخدام قوّات الأمن السودانيّة القوّة المفرطة لفضّ الاعتصام.

وقال غوتيريش في بيان إنّه "قلق" حيال تقارير تُفيد بأنّ قوّات الأمن فتحت النّار داخل مستشفى في الخرطوم، داعيًا إلى إجراء تحقيق مستقلّ في الوفيات الناجمة عن أعمال العنف هذه.

من جهتها، أشارت لجنة الأطبّاء السودانيّين المقرّبين من المتظاهرين إلى أنّ أكثر من 30 شخصًا قُتلوا وجرح العشرات في أعمال العنف تلك.

وصرّح ستيفان دوجاريك المتحدّث باسم الأمم المتّحدة "ما هو واضح بالنسبة إلينا، هو أنّ قوّات الأمن استخدمت القوة المفرطة ضدّ مدنيّين. هناك أناس ماتوا. هناك أشخاص أصيبوا".

وحضّ غوتيريش السُلطات السودانيّة على تسهيل إجراء تحقيقٍ مستقلّ في حالات الوفاة وضمان محاسبة المسؤولين.

بدورها، ندّدت المفوّضة العليا لحقوق الإنسان ميشيل باشليه في بيان بـ"الاستخدام الواضح للقوّة المفرطة في أماكن الاحتجاج"، داعيةً قوّات الأمن إلى "الوقف الفوري لهذه الهجمات".

غير أنّ المجلس العسكري السوداني نفى أن تكون قوّاته قد فرّقت بعنف الاعتصام أمام مقرّ الجيش.

وجدّد الأمين العام للأمم المتّحدة دعوته إلى استئناف المفاوضات بشأن النقل السلمي للحكم إلى سُلطةٍ بقيادة مدنيّة.

وكانت أعداد كبيرة من عناصر قوّات التدخّل السريع شبه العسكريّة المدجّجة بالسّلاح قد انتشرت في الطُرق الرئيسيّة في العاصمة السودانيّة.

ويتولّى عناصر هذه القوّات، في سيّارات رباعيّة الدفع وُضِعَت عليها أسلحة رشاشّة، حراسة الجسور فوق النيل. ويتنقّل هؤلاء ضمن مواكب في أرجاء الخرطوم.

وقالت لجنة أطبّاء السّودان المركزيّة في بيان "ارتفَعَ عدد شهداء مجزرة القيادة العامّة التي ارتكبها المجلس العسكري إلى أكثر من 30 شهيدًا"، إضافة إلى "سقوط مئات من الجرحى والإصابات الحرجة".

وكانت حصيلة أولى تُشير إلى مقتل 13 شخصًا وإصابة 116 آخرين.

وأعلنت لجنة الأطبّاء المقرّبة من المتظاهرين أنّ بين القتلى طفل عمره ثماني سنوات، داعيةً اللجنة الدوليّة للصليب الأحمر ومنظّمة "أطباء بلا حدود" إلى تقديم "مساعدة عاجلة" لإغاثة المصابين.