لمن هذا العيد..؟ ومن هم الذين يفرحون ويعيدون في يومك.. هم الأغنياء والروؤساء وآكلو حقوقك من أصحاب الطرابيش البيضاء والسوداء.
 

عذراً يا رسول الله (ص)... لن أخرج مع الخارجين إلى اليوم الذي جعلته للمسلمين عيداً.. لن أغتسل هذا الصباح بماء قراحٍ من ماء الصوم، ولن أصلي صلاة العيد في مقبرة القرية أو المدينة، أو في الشوارع والرساتيق المكتظة، أو في الأحياء التي نسكن، ورائحة العفن تخرج من أنوف الزواريب والممرات الضيقة، وأفواه أكثر الصائمين من وكلائك في أمتك الخيرة، عن شراب السوس، المنتشر بشرابٍ من ماء الفقراء والأهل والأخوة الساجدين في محاريبهم، والواضعين قرآنك على رؤوسهم خشية ورهبة، والقانتين في آناء الليل وأطراف النهار لعلهم يزَّكون، من رعاف أنوفهم، ومن طول ألسنتهم بوعودهم الكاذبة والمالحة، والماسحين على لحاهم الطويلة التي يحركها أذناب الشياطين، وسجادات صلواتهم لا يغادرونها إلا عند النوم والنميمة والخديعة والمكيدة على فقراء الله يا رسول الله...

عذراً يا رسول الله (ص)... لمن هذا العيد..؟ ومن هم الذين يفرحون ويعيدون في يومك.. هم الأغنياء والروؤساء وآكلو حقوقك من أصحاب الطرابيش البيضاء والسوداء، من يا رسول الله (ص) نساؤهم وأطفالهم... أم أمهات الشهداء، والأرامل والأيتام والفقراء، والعاطلون عن لقمة العيش في أمتك التي أخرجت للناس رحمة ورأفة وخير أمة، عذراً..

إقرأ أيضًا: لحوم الشيوخ مسمومة...!

فلهم الحسرات والتنهدات والبكاء على أرواحهم وأرواح أبنائهم، الذين بذلوا نفوسهم ودموعهم، فلهم أكفان الفقر ودموع التراب والأضرحة، وأما القيادة الرشيدة، والسلطة الحميدة، والأغنياء والراكبون البائعون السائحون، فلهم الأكل حتى التخمة، ولهم الحلوى حتى النشوة، فعذراً مرةً ثالثة: ولقد ظننت يا رسول الله وبعض الظن إثم، أنَّ الأثواب للأغنياء، وأنَّ الفقراء لا يغطون إلا عوراتهم، حتى يتيحون للأغنياء والمسؤولين مُتع شهواتهم ورغباتهم، ولهم ما يشتهون من رغباتٍ في دول المعمورة، من تايوان وماليزيا وسيرلانكا، ودول الحمراء والشقراء، يعملون ليل نهار كمكنات إنجابٍ لأسواق التجارات الرائجة... عذراً من فقرائك يا رسول الله، الذين سيثأرون لأغنيائهم وراكبيهم، وسأريهم شيئاً من نفوسنا المريضة، لعلها تمسك هذه العظام التي تحمل كفر الفقر إلى المعابد والكنائس والمساجد ، لتصلي في هذا اليوم صلاة الشكر على نعمه كلها، تعالوا وصلُّوا مثلنا راكعين أو ساجدين، وطأطئوا الرؤوس خيفةً وخشية، وإلا قطعه سيف سلطاننا وزعيمنا ورائدنا، ومشينا بلا رأس، وأصبحنا فزَّاعة لعصافير الشوك... وصدقت يا رسول الله في قرآنك الكريم: / وما كان ربك ليهلك القرى وأهلها مصلحون/...