لا يكاد يمر يوم إلّا ولهذا الرجل مشكل مع طرف سياسي من المكونات السياسية اللبنانية، وتراه ينطنط على حبال المشاكل فلا ينتهي من واحد إلا بعد أن يضمن وقوفه على آخر، وكأن المعادلة عنده هي: أنا أُمشكل اذًا أنا موجود
 

المفترض وبحسب السياق الطبيعي للأمور، أن يكون الوزير جبران باسيل هو محط إعجاب واحترام عند معظم اللبنانيين، وبالخصوص منهم المواطنون المستقلون أمثالنا، والذين لا ينتمون للاحزاب السلطوية ولا هم يدورون في فلك هذه الطبقة السياسية العفنة.

لا يكاد يمر يوم إلا ولهذا الرجل مشكل مع طرف سياسي من المكونات السياسية اللبنانية، وتراه "ينطنط" على حبال المشاكل فلا ينتهي من واحد إلّا بعد أن يضمن وقوفه على آخر، وكأن المعادلة عنده هي: "أنا أَُمشكل اذًا أنا موجود"، ولا يستثني بذلك أحدًا لا حليفًا ولا صديقًا ولا حتى من هم داخل التيار الذي ورثه ويترأسه".

فلم ينته المشكل مع الحزب الإشتراكي حتى بدأ مشكلًا جديدًا مع المستقبل وقبله وبعده المشكل مع القوات هو تحصيل حاصل، أما المردة وزعيمه فهو خصم بالضرورة وكذلك الحال مع حركة أمل والرئيس بري (البلطجي) وكذلك الحال مع الصحافة والصحافيين، والنواب المستقلين (يعقوبيان).

وأعتقد جازمًا بأن هذا الشخص إن لم يجد من يُمشكلها معه فسيفتعل مشكلًا مع الطبيعة مع الشجر أو الهواء مع النهر مع السدود مع أي شي، يمكن مع كلبه الذي أزعجه يومًا ما ذلك النائب من كتلته.

إقرأ أيضًا: شكرًا نصرات قشاقش

إن كل هذه الضوضاء والضجيج الذي يبدع هذا الصهر من افتعاله، كان ليكون محل ترحيب بل محل إعجاب وتقدير عند اللبنانيين، لو أنه نتاج مشروع إصلاحي حقيقي ولو أن هذا التصادم مع الأفرقاء السياسين نابع من اختلاف في وجهات النظر على مشاريع وخيارات تصب بالصالح العام وليست مجرد فرقعات شخصانية بحتة، ولا مصلحة البتة إلا لإشباع غريزة حب الظهور والقول يوميًا "انا موجود". 

التجربة العملانية مع أداء التيار العوني برئاسة الصهز، لا تخبرنا الا بالمزيد من المصائب والمزيد من الأكاذيب والوعود الفارغة التي ندفع ودفعنا بسببها أثمانًا باهظة، فلا التجربة الكهربائية بعد مرور أكثر من عشر سنوات عجاف هي تجربة مشجعة، ولا تجربة الاتصالات ولا محاربة الفساد ووزارتها الفاسدة، ولا البيئة الموبؤة تبشر إلا بالمزيد من السموم والروائح التي تشبه وزارتها، أو وزارة المهجرين وخططها "السرية" التي يحرم السؤال عنها! 

أما التجربة الديمقراطية داخل التيار فحدث ولا حرج ويكفي وصول هذا "الديمقراطي الأول" الى سدة رئاسة التيار بالتزكية (حتى بدون منافس ولو صوري).. والدعس على قرار فصل النيابة عن الوزارة الذي داسه بقدميه حين نجاحه هو بعد سقوط متعدد بالنيابة.

لتأتي الموازنة الاخيرة وما تحتويه من فضائح وويلات لا تدلل الا على طفولية هذا النهج وسلوكه المتعجرف الفارغ من أي خطة إصلاحية أو برنامج وطني اللهم الّا محاولات زيادت موازنات وزارات التيار على حساب الفقراء والمساكين في هذا الوطن.

إقرأ أيضًا: بعد 35 سنة على إسقاطه، هل عدنا إلى 17 آيار جديد؟؟

تأتي هذه الموازنة لتزيد الطين بلة والقرف قرفًا والديون ديونًا والسقوط إلى الهاوية سقوطًا حتميًا. 

وهنا يلاحظ القارئ العزيز، أننا تحدثنا عن جبران باسيل واخفاقاته كلها وكدنا ننسى أنه هو وزير خارجية لبنان للأسف، لأن بجهود هذا "الفطحل" لم يعد لدينا شيء اسمه "سياسة خارجية" وفقد لبنان بفضل هذا الصهر معظم صداقاته مع دول الخارج وبتنا على هامش الهامش في الاقليم والعالم. 

كل هذا وغيره الكثير الكثير الذي لا مندوحة لنا لذكره في هذه العجالة، يجعلنا نقول بكل أريحية أننا أمام ظاهرة عجيبة غريبة، لا تنتج لنا يوميًا الا المزيد من الضجيج المزعج بدون أي فائدة تذكر الا الضجيج والضجيج فقط لدرجة أننا أصبحنا نترحم على الطبقة السياسية الفاسدة التي كانت تسرقنا ولكن بهدوء، ونفضلها مليون مرة على من يريد أن يسرقنا مع كل هذا الضجيج ....

ولأننا نحن الشعب اللبناني بطبيعتنا نكره الضجيج حتى في أعراسنا الصاخبة فنكتب على الدعوات "نومًا هنيئًا لاطفالكم" فلذلك صرنا نكره جبران باسيل وضجيجه المزعج.