المبعوث الأميركي يؤكد أن إيران تستثمر في الهويات الطائفية في العراق وتدعم الميليشيات على غرار ما تفعله في مناطق أخرى.
 
طالب برايان هوك المبعوث الأميركي الخاص بإيران، حكومة رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي أن لا تسمح لغير القوات العراقية الرسمية بأن تكون على الأرض.
 
وقال هوك في إجابة على سؤال صحيفة “العرب” أثناء مؤتمر صحافي عبر الهاتف شارك فيه مندوب الصحيفة، بشأن ما إذا كان فشل الولايات المتحدة قد أدّى إلى ظهور ميليشيات مدعومة من إيران وتحوّلها إلى دولة داخل الدولة العراقية تهدّد المصالح الأميركية في المنطقة، إن إيران تستثمر في الهويات الطائفية في العراق وتدعم الميليشيات على غرار ما تفعله في مناطق أخرى بعكس ما تقوم به الولايات المتحدة التي تراهن على الحكومة الشرعية وتدعم القوات النظامية، وتقدّم عروضا للشعب العراقي أفضل مما تقدّمه طهران.
 
وأضاف هوك أن وزير الخارجية مايك بومبيو كان في بغداد قبل فترة لتقديم الدّعم لحكومته وقوّاته المسلّحة، على خلاف الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي زار العراق قبل ذلك بفترة ولم يعرض شيئا مفيدا للعراقيين.
 
واستطرد قائلا إذا كان النظام الإيراني يتصرّف بتلك الطريقة إزاء شعبه ويسرق موارده ليدعم الميليشيات، فهل ينتظر منه أن ينفع الشعب العراقي.
 
وتصاعد التوتّر بين إيران والولايات المتحدة خلال الفترة الأخيرة، في ظلّ توقّعات أميركية قوية بأن تلجأ إيران إلى استخدام أذرعها في عدد من بلدان المنطقة على رأسها العراق في تهديد المصالح والقوات الأميركية.
 
وفي سياق التهديدات ذاتها، راج الخميس شريط فيديو يظهر مسلّحين يحملون شارات فصائل شيعية ويطلقون على أنفسهم “جبهة الثوار الأحرار”، وهم يهدّدون بضرب القوات الأميركية في العراق ويدعون لـ“مقاومتها”.
 
وعلى الفور أصدرت هيئة الحشد الشعبي بيانا تبرأت فيه من المجموعة، مؤكدة أن “الحشد هو مؤسسة تابعة للقائد العام للقوات المسلحة وليس لديها أي تمثيل مسلح آخر خارج نطاق هذا المفهوم”.
 
غير أن مصادر عراقية قالت إنّ ظهور المجموعة وتهديداتها في هذا الظرف بالذات، وكذلك تبرّؤ الحشد الشعبي منها، أمران مرتّبان من قبل جهات عراقية موالية لطهران بهدف إيصال رسائل مزدوجة بشأن الاستعداد للتصعيد من جهة وهو موقف المجموعة المسلّحة غير المعروفة من قبل، والجنوح للتهدئة من جهة مقابلة وهو موقف الحشد.
وتبدي إيران في العلن ممانعة للحوار مع الولايات المتحدة، لكنّها تبذل مساعي سرّية لإيجاد منفذ للوساطة يخفّف عنها الضغط ويجنّبها صداما يتجاوز قدراتها.
 
واتّجهت الجهود الإيرانية لفتح قنوات تواصل مع الولايات المتحدة صوب الدول الخليجية الثلاث التي تحتفظ معها بعلاقات وهي قطر والكويت وسلطنة عمان على أن تظل الأخيرة، بحسب محلّلين خليجيين القناة المفضّلة لدى إيران استنادا إلى ما لدى السلطنة من خبرة سابقة في التوسّط بين طهران وواشنطن في ملفّات شائكة ومعقّدة بما في ذلك الملف النووي الذي عاد ليشكّل مثار توتّر في العلاقات الأميركية الإيرانية بعد أن بادر الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل نحو عام إلى الانسحاب من الاتفاق النووي.
 
وأنكرت حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني أن تكون زيارة وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي الأخيرة لطهران على صلة بجهود الوساطة مع واشنطن لكنّ بن علوي قال إنّ بلاده تسعى مع أطراف أخرى لتهدئة التوتّر، وهو ما أكّده نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجارالله بالقول “يبدو أن المفاوضات بين طهران والولايات المتحدة قد بدأت”، مشيرا إلى جهود وتحركات واتصالات وزيارات من خلال وزير الشؤون الخارجية العماني إلى طهران والتواصل مع واشنطن وغيرها من التحركات التي يبدو أنها في إطار التفاوض. وقال “لدينا ثقة أن يكون الهدوء هو سيد الموقف وألا يكون هناك صدام في المنطقة”.
 
وتشعر بغداد المرتبطة بعلاقات حيوية مع الولايات المتحدة بحرج شديد إزاء التصعيد الأميركي الإيراني وإمكانية تحوّله إلى صراع عسكري يتوقّع أن يمتد ليشمل الأراضي العراقية، وعلى هذه الخلفية تجري حكومة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي اتصالات مكوكية مع مختلف الأطراف الإقليمية في إطار ما تسميه وساطة لنزع فتيل الحرب، لكنّ مراقبين يشككون في فعالية تلك الجهود وفي امتلاك العراق الوسائل الضرورية لإنجاحها.
وقال برايان هوك، الخميس متحدّثا للصحافيين عبر الهاتف قبل قمتين طارئتين للزعماء العرب تستضيفهما مدينة مكة السعودية لمناقشة ضربات بطائرات مسيرة على محطتين لضخ النفط في المملكة وهجوم استهدف أربع سفن بينها ناقلتا نفط سعوديتان قبالة ساحل الإمارات، إن الولايات المتحدة سترد باستخدام القوة العسكرية إذا هاجمت إيران مصالحها، وذلك في وقت يجتمع فيه الزعماء العرب في السعودية لمناقشة ما يرونه تهديدا من طهران مع تصاعد حدة التوتر بالمنطقة. لكن هوك أضاف أن الإجراءات التي اتخذت حتى الآن في منطقة الخليج، والتي تشمل إعادة نشر عتاد عسكري، كان لها “تأثير الردع المطلوب على حسابات المخاطر التي أجراها النظام الإيراني”.
 
وأرسل الجيش الأميركي قوات، بما في ذلك حاملة طائرات وقاذفات قنابل من طراز بي 52، إلى الشرق الأوسط في خطوة قال مسؤولون أميركيون إنها اتخذت لمواجهة “مؤشرات واضحة” على تهديدات إيران للقوات الأميركية.
 
وتتبع الولايات المتحدة ما تسميه “بحملة ضغط قصوى” عبر تشديدها العقوبات على إيران لخفض إيراداتها من النفط والأنشطة الاقتصادية الأخرى، وذلك في محاولة لكبح ما تعتبره سياسات تخريبية تمارسها طهران في المنطقة.
 
ورداً على سؤال حول استيراد الصين والهند للنفط الإيراني وما إذا كان من الممكن لهما الاستمرار في استيراد كميات صغيرة، قال هوك إنه لن تكون هناك استثناءات أخرى من العقوبات على واردات إيران النفطية.
 
وتابع “لن يتم منح المزيد من الإعفاءات النفطية”، مضيفا أن أي نفط تستورده أي دولة بعد فترة الإعفاء التي امتدت من نوفمبر العام الماضي وحتى مايو يخضع للعقوبات.