لا يتوانى الوزير جبران باسيل عن تبديل ثيابه وفق ما تقتضيه ظروف الطقوس السياسية والاستحقاقات المتلاحقة، واضعاً نصب عينيه هدفاً أوحداً وهو الظهور بموقع القوّة اللامتناهيّة لغاية معلومة في نفس "وليّ العهد". آخر ما توصّل إليه هو الشّروع بمحاضرات الإصلاح والإنقاذ على ضفّة الموازنة كما توزيع المسؤوليات عن العجز الكبير الذي أصاب المالية العامة على مرّ السنوات.
 
يبدو أنّ معاليه تناسى أو ربّما فاته أنَّ العجز المالي المتراكم قد نتج عن أمرين: نصف العجز تسبّب به قطاع الكهرباء والإدارة الفاشلة لهذا الملف والتي يتحمّل مسؤوليتها "تيار باسيل" بالكامل خصوصاً مع زيادة الاعتمادات بشكل عشوائي وتحديداً في ملف البواخر الذي "ناضل" باسيل ووزرائه المتعاقبين في "الطاقة" لإرسائه مُكلّفين خزينة الدولة مبالغة هائلة؛ والنصف الآخر بسبب إقرار "سلسلة الرتب والرواتب" والتي أتت أرقامها متباعدة بشكل هائل عن الحقيقة، وهنا أيضاً يتحمّل الوزير باسيل وزميله النائب ابراهيم كنعان المسؤولية الأكبر في الإعداد والدراسة، وما استتبعها من توظيف عشوائي، مخالف للقانون في وزارة الخارجية وشركة قاديشا وأوجيرو وغيرها، تلا قانون السلسلة والذي استغلّه الوزير باسيل إنتخابياً دون أن أيّ اعتبار لتبعاته الكارثية على المالية العامة.
 
 
فلماذا يلجأ رئيس "التيار" إلى محاضرات اتّهامية تارةً وخياليّة طوراً؟ أين كان منذ ١٠ أعوامٍ حتّى اليوم؟ لماذا إلتزم الصّمت في الفترة الماضية وهو من كان يملك ثلث مجلس الوزراء؟ هل استفاق فجأةً؟ هل هي توبة ندّابة متأخرة على أطلال الكارثة؟ هل طلب المغفرة عن ما ارتكبت سياساته التدميرية للإقتصاد اللبناني تكون بمحاولة التفلّت من المسؤولية ورميها على الآخرين؟ هل يظنّ أنَّ ذاكرة اللبنانيين ضعيفة لهذه الدرجة أو أنَّ رائحة الصفقات، التي رافقت أحلام الشباب المهاجر قد نَقُصَت؟
 
كلا يا معالي "الإصلاحي الجديد"، عباءة المُنقذ والأمل لا تُناسب حجمك، فرغم كلّ الدعم الذي تحظى به مُتسلّحاً بأحدَ عشر وزيراً وبدعم رئاسيّ لا محدود يأذن لكَ بالمداخلات على طاولة مجلس الوزراء، بغية الظهور بموقع "القويّ"، عليكَ أن لا تنسى من أنقذ مصدر قوّتك هذه من الذهاب "فرق عملة تسووية".. لا تنسى من أوصل فخامته إلى سدّة الرئاسة!