إن ما نسمعه اليوم من إجترار وإعادة فتاوى الضلال والإضلال في أوساطنا ومجتمعنا ومن أبوابها الرسمية الواسعة، يدفعنا بالتوجه إلى المؤسسة الشيعية بفقهائها وعلمائها وحكمائها وكبارها، من أجل الحد من هكذا فتاوى لصون الطائفة والمجتمع.
 

مما لا شك فيه، ولا مرية تعتريه، ولا ريب يفتريه، من أنَّ هناك علاقة قوية، وملازمة مشتركة، بين (الفتوى والفتنة) في تاريخنا الإسلامي، تتعدى عوامل حروف الكلمتين، إلى فضاء واسع، وساحة مفتوحة في واقعنا المأزوم، بحيث لو تأملنا في الصراعات والنزاعات، والفتن والحروب بين المسلمين أنفسهم وبين غيرهم، لوجدنا حتماً أنَّ هناك فتوى شرعية ـ بل فتاوى ـ شرعية أم سياسية، تارة تكون الفتوى الصادرة تسعى لإخماد الفتنة والتفرقة، وأخرى نراها تغذي الصراع الفتنوي، سواء أكان بقصد أو من غير قصد، فمن هنا أن تصبح الفتاوى رُخص للموت أو رخصة للتفرقة والشرذمة التي ساهمت وما زالت تساهم في وصول الأمة الإسلامية بشكلٍ عام ،إلى وضعٍ مزرٍ ومؤلمٍ من التكفير والتضليل والضعف والتشرذم والهوان، بل إلى معايير إزدواجية في الكفر والضلال والقتل، ووصولاً إلى أمراء الحروب والأحزاب ومن هم في السلطة باعتبارهم أمراء الله في خلقه، ووسطاء رسميون ينطقون باسم الله في الأرض.

إقرأ أيضًا: كفاكم تجريحاً يا أصحاب العباءات الفضفاضة...!

إنها مسألة تستدعي التوقف والتأمل، وخصوصاً عند مهام رجال الدين، أو الفقهاء والمراجع، باعتبارهم مصلحون في النسيج الإجتماعي، ووعَّاظ في الأخلاق والتربية وبالكلمة الحسنى أو بالتي هي أحسن، لا بالتكفير والتضليل، ولا بالفتنة والسيف يهتدي البشر الطريق إلى الله سبحانه وتعالى، بل يهتدي البشر بالكلمة الطيبة ونزع فتيل الفتنة من أبناء الأمة، فضلاً عن أبناء الطائفة الواحدة، وإلاَّ تكون هذه الفتاوى من سلالة قتلة الحلاج والسهروردي، ومن سلالة الضلال والإضلال للعلماء والفلاسفة والأدباء والحكماء، إنها أشد قتلاً وعنفاً وقسوةً،لأنها تسد أبواب الحريات والإنفتاح ولأننا من مدرسة الإمام جعفر الصادق (ع)، مدرسة الفقه والعقل والإجتهاد، وإلا بماذا تمتاز المدرسة  الشيعية ومدرسة أهل البيت إن لم تكن كذلك..؟

إقرأ أيضًا: همسٌ سياسي لإستقالة رئيس المجلس الشيعي..؟

من هنا لا يوجد بشرٌ له حقٌ وحصرٌ إلهيٌ بالنطق بالحق، وأن يتكلم باسم الله، وأن تكون له الوصاية على النص المقدَّس،ولا يوجد أي بشري من أن يتخذ ذاته الشخصية مصدراً للتشريع، سوى المعصوم، ولا نعتقد في المدرسة الشيعية من يقول بالعصمة لأحد من خلقه من بعد أنبياء الله والأئمة من أهل البيت (ع)، إن ما نسمعه اليوم من إجترار وإعادة فتاوى الضلال والإضلال في أوساطنا ومجتمعنا ومن أبوابها الرسمية الواسعة ،يدفعنا بالتوجه إلى المؤسسة الشيعية بفقهائها وعلمائها وحكمائها وكبارها، من أجل الحد من هكذا فتاوى لصون الطائفة والمجتمع، كوننا ننتسب إلى مدرسة أهل البيت (ع) وإمام المتقين علي (ع) الذي يقول: (هلك فيَّ إثنان، مُحبٌ غال، ومُبغضٌ قال)، فلا يخيفني أحد بفتوى التضليل لأننا أبناء الموت، وكلكم مائتون، ونحن موتى، والكل إلى تراب، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام.