في الختام، اذا كنا على أعتاب 17 آيار جديد ولو بحلة مختلفة فمن يتحمل مسؤولية كل هذه المدة الزمنية من المعاناة والماسي والتضحيات التي بذلها الشعب اللبناني عمومًا والجنوبي خاصة وهل كان أسقاط الإتفاق يومها يعتبر خطأ؟؟؟
 

وكأن ما يسمى بالحركات الإسلامية وحدها من يحق لها أن تفاوض أو تهادن أو حتى تتفق مع العدو بدون أي حراجة أو تخوين او اتهام بالعمالة، فهذه حال حركة حماس على سبيل المثال لا الحصر والتي ما برحت تتهم الراحل أبي عمار بأقذع تهم التخاذل والعمالة حين فاوض العدو واتفق معه في أوسلو بما كان يعتبره مصلحة للشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية.

هذه الحماس عينها، نجدها حين اغتصبت السلطة وشقت عصا القضية الفلسطينية واستولت على غزة لا ضير عندها ولا حراجة في ابرام اتفاقات التسوية والتهدئة التي نسمع بها كل فترة بوساطة مصرية وغير مصرية واتفاقات على تمرير أموال من هنا ومن هناك عن طريق العدو نفسه فهذا كله مباح ولا يعتبر ضرب من بيع القضية والشهداء وما إلى هنالك.

وفي لبنان أيضًا، نسمع في هذه الفترة عن محادثات بشأن الثروة النفطية وترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان والكيان الصهيوني تحت جناح "الشيطان الأكبر" كل هذا يجري ليس مع صمت حزب الله بل وبمباركة ورضا ودعم الحزب! وللمفارقة فأن هذه المشهدية المستجدة والمرضي عنها حزبالهيا هي واحدة من بنود اتفاق 17 آيار البائد، حيث ورد في احدة مدرجاته ما يلي: "تكوين لجنة أمريكية - إسرائيلية - لبنانية تقوم بالإشراف على تنفيذ بنود الإتفاقية....".

إقرأ أيضًا: نصرالله : أيها الفقراء سنُتخمكم بأشفار خطاباتنا

في هذا السياق لا بد من التذكير أن واحدة من اكبر الاشكاليات البنيوية بين حزب الله في بدايات انطلاقته وبين حركة امل كانت هي القرار الدولي 425 الذي ينص على انسحاب اسرائيل الى الحدود الدولية! ففي حين كانت تعتبر الحركة أن هذا القرار وتطبيقه يحقق المصلحة اللبنانية، كان حزب الله يعتبر أن الموافقة على هذا القرار يعتبر خطيئة كبرى لانه يتضمن اعتراف واقرار بالكيان الاسرائيلي وبحدوده. 

وتحول القرار الدولي 425 إلى ما يشبه الحد الفاصل بين حركة أمل وحزب الله، وعليه تم تخوين حركة امل في ذلك الزمن الغابر وتخوين قيادتها وعلى رأسها الرئيس نبيه بري. 

التحول الكبير الحاصل الآن بحيث انه لم يعد الحديث عن مفاوضات إسرائيلية لبنانية يعتبر بمثابة خيانة عظمى تهدر بسببه الدماء وتخاض الحروب، يفضي إلى سؤالين كبيرين.

إقرأ أيضًا: لبنان وثقافة الأركيلوجيا

ماذا لو أن هذا التفاوض المطروح الان حول ترسيم الحدود مع العدو يجري وليس في بعبدا رئيس محسوب على محور الممانعة ومجلس وزراء لا يقبض حزب الله على ناصيته وقراره؟؟؟ 

والسؤال الثاني، ماذا لو أن هذا التفاوض يجري وفي سوريا نظام لا يزال يمسك بالورقة اللبنانية ويصر على وحدة المسير والمصار؟؟ 

وفي الختام، اذا كنا على أعتاب 17 آيار جديد ولو بحلة مختلفة فمن يتحمل مسؤولية كل هذه المدة الزمنية من المعاناة والماسي والتضحيات التي بذلها الشعب اللبناني عمومًا والجنوبي خاصة وهل كان أسقاط الاتفاق يومها يعتبر خطأ؟؟؟