مجلس الوزراء أقر مشروع قانون الموازنة للعام 2019 في جلسة عقدها في قصر بعبدا بنسبة عجز بلغت 7.6 في المئة
 

رسميًا، أقر مجلس الوزراء مشروع موازنة العام 2019، بتخفيضات كبيرة للإنفاق من شأنها كما توحي الأرقام أن تقلّص العجز المتوقع إلى 7،6٪ من الناتج المحلي الإجمالي في مسعى لتفادي أزمة مالية خطيرة، مع توقع نمو 1،2٪ أيضًا.

وبالعودة إلى جلسة أمس، فقد عقدت الحكومة الجلسة العشرين المتعلقة بالموازنة في قصر بعبدا، واستهلها رئيس الجمهورية ميشال عون بقوله: "اشتقنالكن وسمعنا إنكم قمتم بجهد كبير وتابعنا سجالاتكم ونقاشاتكم في الجلسة الماضية، صحيح نحن في بلد ديموقراطي، لكن لا يجوز أن تقارب الملفات الإقتصادية والمالية بالسياسة، كما لا يجوز أن تعلم بها الصحافة، علينا إقرار الموازنة بسرعة وتفادي العجز في كل القطاعات من أجل استعادة الثقة بلبنان وسمعته الإقتصادية"K كما دعا عون إلى البدء بتحضير موازنة الـ 2020 وإحالتها ضمن المهل الدستورية لتحقيق الإنتظام المالي.

وعقّب رئيس الحكومة سعد الحريري على كلام عون، وقال: "هذه الجلسة لإجراء قراءة نهائية والتصديق على الموازنة وليس لإعادة فتح النقاش إذا كنتم تريدون موازنة فعلًا"، وأشاد الحريري بجهود الوزراء وطلب من وزير المال تقديم عرضه للأرقام والمواد بالصيغة النهائية، فقال الوزير علي حسن خليل: "الموازنة التي تخرج اليوم هي موازنة الحكومة، وهناك ملاحظات أبداها الوزراء تمّ الأخذ ببعضها"، وأضاف: "يبقى ضرورة إنجاز قطوعات الحساب والحسابات المهمة بالتوازي مع درس الموازنة في مجلس النواب".

وبدوره، تحدث الوزير جبران باسيل بإيجابية لافتة، مشيدًا بجهد وزير المال وواصفًا ما تحقق في الموازنة بأنّه انجاز، وأعاد تقديم ملاحظاته حول التدبير رقم 3 وضرورة ضبط المعابر، وشدّد باسيل على التزام الوزراء والقوى السياسية المواقف نفسها في مجلس النواب، وقال: "أردنا تخفيض العجز أكبر، لكن ما حصل هو إنجاز عظيم".

في المقابل، حصل سجال بين وزير الشؤون الإجتماعية ريشار كيومجيان ووزير المهجرين غسان عطاالله، على خلفية تخصيص 40 مليار ليرة لوزارة المهجرين.

وعبّر كيومجيان عن استيائه من تخفيض موازنة وزارته، وقال: "هناك 240 ألف مواطن لبناني يستفيدون من برنامج دعم الأُسر الأكثر فقرًا و58 الف مواطن من بطاقة التغذية، وهل الأمر سيؤثر على خدمات الوزارة، وأي انفاق يجب ان يكون لمصلحة المواطن وليس لمصلحة الإتفاقات السياسية، لكن يبدو أنّ ما كُتب قد كُتب"، وسأل كيومجيان وزير المهجرين: "نريد ان نعلم كيف ستُصرف الأموال وما هي المبالغ التي دُفعت في السابق؟".

فأشار عطاالله إلى خطته التي أعدّها لإقفال ملف المهجرين، طالبًا زيادة موازنته، وفق البيان الوزاري للحكومة المستوحى من خطاب القسم، فسأله الحريري: "أين الخطة، لم يصلني شيء عنها مش عم بفهم شو بدّك وعن أي خطة عم تحكي؟ قدِّم خطة ورجاع طالب".

من ناحيته، قال نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني: "نحن مع أن تمضي الموازنة لتُناقش في مجلس النواب. وتحفظنا على بعض النقاط لعدم الخوض بالتفاصيل وتأخيرها، فبعد 19 جلسة خفّضنا 1,3% من الموازنة التي اقترحها وزير المال، ولم يبلغ العجز فعليًا 7,5% من الناتج، وهناك أرقام يمكن أن تكون أفضل، فتحفّظنا على بعض النقاط"، وأضاف: "هناك إجراءات وخطوات علينا أن نلتزم بها كحكومة لتنفيذها فورًا والا سنفشل في تحقيق أرقام الموازنة، فإصلاحات بنيوية كبرى مطلوبة في قطاع الاتصالات والمرفأ والمؤسسات العامة يجب أن نبدأ بها بأسرع وقت، وانخفضت تحويلات الاتصالات بنحو 179 مليارًا وزادت اعتمادات صندوق المهجرين 40 مليارًا في اللحظات الأخيرة من اجتماع السراي ولم نر أي دراسات حولها".

وفي السياق، شرح وزير الاتصالات محمد شقير أسباب تعديل الرقم الذي قدّمه حول الإيرادات، والذي تراجع 173 مليار ليرة وقال: "لدينا تراجع ملحوظ في قطاع الاتصالات نتيجة إقبال المواطنين على خدمة الواتس أب، مقترحًا وضع رسم على هذه الخدمة ما بين دولار أو دولارين"، وأضاف: "حوّلت عائدات بقيمة 1754 مليار ليرة وعائدات للبلديات بحدود 220 مليار ليرة".

من جهته، شدّد الوزير وائل أبو فاعور على "ضرورة تحصين الموازنة"، وطالب "بحسم رواتب السلطات العامة، وإعادة تخمينات الأملاك البحرية المتفاوتة أسعارها بين منطقة وأخرى"، وأكّد أنّ "مردودها هو أكثر بكثير مما هو مقدّر".

ودعا وزير الإقتصاد منصور بطيش الى عدم تمويل الإنفاق غير المنتج ورفع الإيرادات من خلال منع التهريب الضريبي وإجراء مسح كامل للمباني الحكومية وإصلاح النظام الضريبي.

أما وزراء "حزب الله"، فتحفّظوا على ضريبة 2% على البضائع المستوردة والرسم النوعي على رزمة البضائع النوعية وضريبة النقل على التقاعد، وقال الوزير محمد فنيش: "سنثير هذا الأمر داخل مجلس النواب"، مركّزًا على المسار الإصلاحي وتفعيل أجهزة الرقابة، واقترح تحديد العمل بالصرف على القاعدة الاثني عشرية، لأنّ مجلس النواب بحاجة إلى شهر واسبوع لإقرار الموازنة، فأُخذ باقتراحه وتمّ إعداد مشروع قانون معجّل يجيز الصرف، وقّعه الرئيسان عون والحريري والوزراء، وأحيل إلى المجلس النيابي. 

وتحدّث الوزير سليم جريصاتي عن المادة 63 من الدستور، والتي تمنع المساس بمخصصات رئيس الجمهورية طوال مدة ولايته.

وقال الوزير عادل أفيوني: "حان الوقت كي يصل ملف الموازنة إلى خواتيمه لكي نتمكن من إقراره، لأنّ الوضع المالي لا يحتمل المزيد من التأجيل، وأي مواضيع وإصلاحات إضافية أو اقتراحات جيدة، يمكننا بحثها في إطار موازنة 2020 التي بات نقاشها على الأبواب، كما يمكننا نقاش هذه الاقتراحات في إطار خطة إقتصادية بنيوية من الضروري العمل عليها".

يُشار هنا، إلى أن "المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش، رحب بموافقة الحكومة على مشروع موازنة عام 2019، آملاً إقرارها في مجلس النواب بأسرع وقت ممكن بعد مراجعة شاملة ومعمقة"، وقال في بيان إن "إقرار موازنة العام 2019 يتيح الفرصة لاتخاذ تدابير أولية لخفض العجز، كما أنها فرصة للبدء بإدخال الإصلاحات اللازمة بطريقة مستدامة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا كجزء من الجهد الأوسع نحو تنشيط الحكم الرشيد والمحاسبة والاستثمار وتوفير فرص عمل".