إثر خروج 15 ألف متظاهر ضد سياسته في تل أبيب
 

بعد نجاح المعارضة الإسرائيلية في جلب 15 ألف مواطن إلى التظاهر في تل أبيب، مساء أول من أمس (السبت)، احتجاجاً على منح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، «حصانة» تمنع محاكمته بتهم الفساد، ومشاركة ممثلين عن الأحزاب والجماهير العربية (فلسطينيي 48)، خرج اليمين الحاكم، أمس، في حملة هجوم على رموز هذه المعارضة يتهمها فيها بـ«التعاون مع الإرهاب العربي ضد أمن إسرائيل». ووصفوا النائب أيمن عودة، رئيس قائمة الجبهة والعربية للتغيير، الذي خطب أمام المتظاهرين، بـ«الإرهابي». واعتبروا وقوفه إلى جانب رئيس حزب الجنرالات بيني غانتس، بمثابة «نكتة».

وضجت الشبكات الاجتماعية الإسرائيلية بالنقاشات الحادة حول هذا الموضوع، بغرض حرف الأنظار عن موضوع المظاهرة الرئيسي؛ وهو منع سلطات القضاء من محاكمة نتنياهو بالفساد. فركزوا على المشاركة العربية في المظاهرة، كما لو أنها «جريمة». وبدأ هذه الحملة حزب الليكود، الذي أصدر بياناً رسمياً جاء فيه: «هذه مظاهرة يسار بائسة. فقد خطب فيها مؤيد الإرهاب أمين عودة بمباركة وإشراف غانتس ويائير لبيد. وشارك فيها السجين السابق إيهود أولمرت (رئيس الوزراء السابق، الذي أمضي سنة ونصف السنة في السجن بعد إدانته بتهم الفساد) متظاهراً ضد الفساد. أليست هذه نكتة؟».

ولكن رئيس لجنة تنظيم المظاهرة من طرف حزب المعارضة الرئيسي «كحول لفان»، عوفر شلح، رفض هذا التوجه، وقال إن «أنصار الديمقراطية في إسرائيل هم الذين تظاهروا في تل أبيب دفاعاً عن الديمقراطية وضد الفساد. وفي معركة كهذه يوجد مكان لجميع المجموعات السكانية فيها، يهود وعرب، يمين ويسار، ولا مكان للعنصرية».

وأما أيمن عودة، فقد رد من على منصة المظاهرة على الهجمة العنصرية، قائلاً: «أنا أقف هنا اليوم لأنني أدرك أن المعادلة الصحيحة تقول إن المواطنين العرب في إسرائيل، الذين يريدون السلام العادل في الشرق الأوسط القائم على دولتين للشعبين ويريدون مكافحة العنصرية وتحقيق المساواة والديمقراطية، لن يستطيعوا تحقيق التغيير وحدهم. وفي الوقت ذاته، لن يستطيع أحد ممن يريد لإسرائيل أن تكون دولة سلام وديمقراطية ومساواة، أن يحقق التغيير من دوننا». وأضاف: «يحاولون التفريق بيننا بالتحريض الأهوج. وحدتنا تقض مضاجعهم وتخيفهم. وعلينا أن نحافظ على هذه الوحدة».

وكانت المظاهرة قد استقطبت كل أحزاب المعارضة الإسرائيلية. وارتفعت فيها شعارات تعبر عن القلق من سلسلة القوانين التي يخطط نتنياهو لتمريرها في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، في القريب، وترمي إلى منح رئيس الوزراء والوزراء والنواب المشبوهين، بارتكاب مخالفات فساد، حصانة قانونية تمنع محاكمتهم، وقوانين أخرى تحد من صلاحيات محكمة العدل العليا وتسحب منها صلاحية إلغاء قوانين تقر في الكنيست. ورفعوا صورة ضخمة تبين مسدساً مصوباً نحو رمز العدالة. وقد وزع أصحاب هذه الفكرة طرابيش حمراء على المتظاهرين فارتدوها لكي يقولوا: «نحن لسنا تركيا». وظهر بين الحضور إيهود أولمرت، رئيس الوزراء السابق، الذي قال: «أشارك في هذه المظاهرة بصفتي مواطناً عادياً يشعر بالقلق».

وألقى الكلمة الرئيسية فيها رئيس تحالف «كحول لفان» (أزرق أبيض)، زعيم حزب الجنرالات، بيني غانتس، الذي قال إن هذه أول مرة له في حياته يشارك في مظاهرة جماهيرية. وإنه يعتز بذلك لكونه يصطف مع ألوف الإسرائيليين القلقين الذين يريدون منع نتنياهو من تغيير نظام حكمها إلى نظام ديكتاتوري. وقال عضو الكنيست يائير لبيد: «يجب إيجاد 5 أعضاء صادقين من الائتلاف الحكومي تصحو ضمائرهم فيعلنوا التمرد على الولاء لنتنياهو لإنقاذ إسرائيل».

تجدر الإشارة إلى أن مشاركة أيمن عودة في المظاهرة كانت موضوع خلاف ونقاش واسع في الشارع الإسرائيلي، وليس فقط في الائتلاف بل أيضاً في المعارضة. وفي يوم أمس، أعلن موشيه يعلون، أحد حلفاء غانتس في قيادة «أزرق أبيض» أنه يعارض دعوة عودة إلى المظاهرة، لأن «كثيراً من المتظاهرين الذين ينتمون إلى حزب الليكود كانوا متجهين للمظاهرة، وعندما عرفوا بوجود أيمن عودة عادوا إلى بيوتهم». وقال: «لكن علي أن أعترف. إذا أردت أن أجري مقارنة فإنني في موضوع الديمقراطية، أعتبر أيمن عودة أقرب إلي من نتنياهو».

وأما نتنياهو فواصل حملته ضد المظاهرة من باب المشاركة العربية فيها. وكتب على حسابه في «تويتر»: «أيمن عودة داعم الإرهاب يلقي خطاباً بمباركة غانتس ولبيد - هذه نكتة!». وقد رد أيمن عودة قائلاً: «نتنياهو مأزوم وخائف بسبب فهمه جيّداً للمعادلة التي نطرحها بقوة في كل منصّة - حين نضع، نحن المواطنين العرب، ثقلنا السياسي، فهو لن يبقى في الحكم! سنستمر في طرح موقفنا بقوة وسنكون نحن المؤثرين في إحداث التغيير في المناخ السياسي رغم أنف العنصري نتنياهو».