رئيس الوزراء العراقي السابق يدعو إلى مواجهة ميليشيات حولها بنفسه إلى قوة نظامية.
 
انتقد رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي، رئيس الحكومة الحالي عادل عبدالمهدي، متهما إياه بـ”إعادة فتح نوافذ مغلقة مع إيران”.
 
وشن العبادي الذي يقترب من إطلاق مشروع معارضة في البرلمان العراقي هجوما حادا على سياسات حكومة عبدالمهدي، محذرا من “الوقوف مع إيران، عبر التضحية بالوضع العراقي”.
 
وإشارات العبادي إلى الحكومة الحالية ليست الأولى من نوعها، منذ تنحيه عن السلطة العام الماضي، لكنها الأوضح بشأن إيران وحلفائها في العراق.
 
وفي إشارة واضحة إلى التهديد الذي تمثله الفصائل المسلحة الموالية لإيران على العراق، قال العبادي إن على “الدولة أن تعتقل كل من يهدد الأمن، وعليها حصر السلاح بأكمله تحت سيطرتها”.
 
وصعد العبادي لهجته بوضوح أكبر ضد إيران وحلفائها، مستغربا من قرع طبول الحرب في العراق وتهديد أمنه، فيما تنعم إيران بالسلام.
 
وتأتي تعليقات العبادي إثر تهديدات تطلقها قيادات في الحشد الشعبي ضد مصالح الولايات المتحدة في المنطقة، بالرغم من أن هذه القوة خاضعة لسلطة الدولة وفق القانون.
 
وبلغ التوتر منتهاه مطلع الأسبوع، عندما انطلق صاروخ كاتيوشا من منطقة تخضع لسيطرة أحد فصائل الحشد الشعبي ببغداد، ليسقط في موقع قرب السفارة الأميركية ببغداد.
 
وحذر العبادي من أن بعض الأطراف العراقية التي تصر على الاحتفاظ بالسلاح، يمكن لها أن تفسر حديث الحكومة العراقية عن ضرورة الوقوف إلى جانب الشعب الإيراني، على أنه دعوة “إلى الخروج على الدولة” العراقية.
 
وهاجم العبادي قيادات في الحشد الشعبي “أثرت على حساب المال العام”، مشيرا إلى أن بعض هذه القيادات تملكت عقارات بأثمان باهظة، في ظروف غامضة.
 
وقال العبادي إنه على توافق تام مع جميع قادة الحشد الشعبي الذين قاتلوا على الأرض، وأسهموا في تحقيق النصر على تنظيم داعش. لكنه “ليس مع قادة الحشد، الذين حشدوا المقاتلين على صناديق الاقتراع″ لإسقاط حكومته.
 
وكشف أن الحشد الشعبي يضم مقاتلين وهميين، على غرار 50 ألف عنصر وهمي اكتشف وجودهم في الجيش العراقي وحذف أسماءهم من السجلات لاحقا.
 
وبشأن التطورات بين الولايات المتحدة وإيران، عبر العبادي عن أمله بأن يتوقف التصعيد، وألا يصل الطرفان إلى مرحلة الحرب، مشيرا إلى أن دور العراق في هذه المرحلة هو تهدئة الأطراف المتنازعة، بعد أن يبني رؤيته على قاعدة عريضة في الداخل.
 
وفي حال تطورت الأزمة بين الولايات المتحدة وإيران، حذر العبادي من “الوقوف مع إيران عبر التضحية بالوضع العراقي الداخلي”.

وبالرغم من إقرار العبادي بحاجة العراق حاليا إلى التكامل الاقتصادي مع طهران، إلا أنه انتقد حكومة عبدالمهدي على إعادة فتح منافذ إيرانية، سبق له أن أغلقها عندما كان رئيسا للوزراء بين 2014 و2018.

وفيما رفض رئيس الوزراء السابق تسمية هذه المنافذ، قالت مصادر قريبة منه لـ”العرب”، إنه “يقصد بعض التعاملات المالية بين مصارف إيرانية وأميركية، كانت الحكومة السابقة أوقفتها”.

وكانت الولايات المتحدة حذرت العراق من السماح لمصارفه بالاستمرار في عمليات التبادل مع إيران.

ويمكن لواشنطن أن تخنق الاقتصاد العراقي، برفع حمايتها عن أرصدة بغداد في الولايات المتحدة، التي تتجمع فيها عائدات النفط، ما يعرضها للملاحقة القضائية من قبل العشرات من الأطراف المتضررة من سياسات نظام الرئيس الأسبق صدام حسين.

ولوح مسؤولون أميركيون، زاروا العراق مؤخرا، بأن الولايات المتحدة قد تجد نفسها مضطرة إلى التوقف عن مساعدة العراق في حماية أمواله التي تودع في بنوك أميركية، إذا لم تقدم بغداد المساعدة الكافية في تنفيذ العقوبات المالية على إيران.

وقلل مراقب عراقي من تصريحات العبادي معتبرا أن لا أحد سيأخذها على محمل الجد، لا قادة الحشد الشعبي ولا حتى إيران، خاصة أن الرجل لا يستند إلى قاعدة شعبية عريضة وتم اختياره بالصدفة لمنصب رئيس الوزراء ولا يملك اليوم أي تأثير على أرض الواقع.

وقال المراقب في تصريح لـ”العرب” إنه سيتم التعامل مع تلك التصريحات كما لو أنها لم تُقل، فهي إضافة إلى أنها لا تقول الحقيقة كلها لا توجه اتهاما إلى أحد بعينه.

وأشار إلى أن العبادي حرص على الإيحاء بأنه يخفي أكثر مما يظهر، وهي عادة تحلى بها السياسيون العراقيون، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، حين يزعمون أن في حوزتهم ملفات خطيرة عن عمليات فساد يمكن أن يطيح نشرها بالآخرين.

ويدرك العبادي أن لا أحد سيأخذ برأي عادل عبدالمهدي في مسألة قرار الانحياز إلى إيران فالأمر محسوم أصلا ولو كان العبادي في محل عبدالمهدي لما تغير في الأمر شيء، لافتا إلى أن الحشد الشعبي الذي تشكل في حقبة العبادي وارتكب مجازره في حق المدنيين في الحقبة ذاتها هو الذي يملي على الحكومة ما يجب عليها القيام به.