بين قطع الكهرباء عن فرن الفقراء الذي تديره جمعية سعادة السماء والذي يقدم مجاناً المناقيش للفقراء كباراً وصغاراً، وعدم دفع مستحقات جمعيات الرعاية الإجتماعية التي تهتم بالأشخاص ذوي الإعاقة وتؤدي الدور الإجتماعي المطلوب من الدولة وتحمل عنها عبئاَ يُفترض أن تحمله، تضيع الإنسانية في زواريب السياسة والموازنة.
 

وصل التقشف في الموازنة المرجوّة إلى مسامع مؤسسات الرعاية الإجتماعية والذي من شأنه تخفيف مساهمة وزارة الشؤون الإجتماعية لتلك المؤسسات إضافةً إلى عدم سداد مستحقات العام 2018 ما يضعها أمام خيارات هي بغنى عنها، أولها تخفيف الخدمات التي تقدمها إلى ذوي الحاجات الخاصة، الإستغناء عن الأخصائيين والمعالجين ما يؤثر على تطور أبناء تلك المؤسسات، ناهيك عن إقفال عدد منها، وتخفيف موظفين في عدد آخر.

وعليه نفذت المؤسسات المعنية بتربية وتأهيل وتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة العاملة في بعلبك، ومنطقتها إضرابا تحذيريا بمشاركة رؤساء بلديات ومخاتير والتلاميذ وفاعليات أهلية واجتماعية، تلبية لدعوة الاتحاد الوطني لشؤون الإعاقة،ورفع التلاميذ ذوي الحاجات الخاصة الأعلام اللبنانية واللافتات التي تطالب الدولة بتحمل مسؤولياتها الاجتماعية أمام مركز الرعاية الاجتماعية التابع لدار الأيتام الإسلامية، بمشاركة رئيس بلدية بعلبك العميد حسين اللقيس ومخاتير المدينة وأعضاء الهيئتين الإدارية والتعليمية.

وفي كلمة لمديرة مركز بعلبك مرسيل سكرية أشارت فيها إلى أن «المؤسسات التي تعنى برعاية وتعليم وتأهيل الأشخاص المعوقين هي مؤسسات عريقة تقوم بدور كان من المفترض أن تتولاه الدولة، وعملها يتم ضمن عقود مع وزارة الشؤون الاجتماعية، تخضع للرقابة المسبقة والمتابعة من قبل ديوان المحاسبة ومفتشي وزارة الشؤون الذين يزورون المراكز بشكل شهري للاطّلاع على كل البرامج والخدمات المقدمة والتأكد من التزام المؤسسة بشروط العقد.

وقالت: «مازال يعتمد سعر الكلفة المحدّد عام 2011 رغم كل ما طرأ من غلاء وارتفاع أسعار، ولم يتم تحويل المبالغ المتوجبة للمؤسسات منذ 11 شهراً، كما أنّ العقود الخاصة بعام 2019 لم يتمّ توقيعُها حتى الآن، وأكدت أنّ «هناك مؤسسات أقفلت أبوابها، وأخرى بدأت بتخفيف خدماتها المتخصّصة والعلاجية والتأهيلية، وبعض المؤسسات تعجز عن دفع الرواتب للعاملين فيها.

بدوره، قال العميد اللقيس: «من أولى واجباتنا كبلدية وفعاليات تلبية هذه الوقفة التضامنية مع مؤسسات الرعاية الاجتماعية التي تهتم بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وهذه الشريحة الاجتماعية بحاجة إلى كل الرعاية والدعم من الدولة والمجتمع، ومن المعيب التلكُّؤ في دفع مستحقات هذه المراكز الرائدة في العمل الإنساني، وإذا لم نهتم بالإنسان بالدرجة الأولى فلا أهمية لسائر اهتماماتنا وأعمالنا.

ودعا الحكومة إلى «دفع مستحقات مؤسسات الرعاية الاجتماعية وتجديد عقود المراكز التي تهتم بتأهيل وتعليم المعاقين، وألّا تتعرض الموازنة لتقليص مساعدات هذه المؤسسات، التي يشكل الوقوف إلى جانبها ومساندتها أولوية، لأنّ العمل النبيل الذي تؤديه أهم من كل الخدمات الأخرى.

كما شهد مركز الإمداد للرعاية والتأهيل في بلدة الطيبة البقاعية اعتصاماً مماثلاً، وطالب مدير المركز ماجد زغيب بـ»دفع مستحقات المؤسسات التى ترعى ذوي الاحتياجات الخاصة، وزيادة دعمها، ورفض أيّ تقليص قد يطال مخصصاتها في الموازنة».

واعتبر أنّ «أيّ تأخير في تجديد العقود أو دفع المستحقات المتراكمة، يعرض الكثير من المؤسسات لخطر الإقفال، أو على الأقل تقليص خدماتها».