أيها اللبنانيون أنتم على يقين بأن من انتخبتموهم هم رباب ثقافة الأركيلوجيا، فارجوكم خففوا هذا التذمر وادفعوا ما يأمرونكم به.. وأركلوا بصمت.
 

لا أدري كيف أن شريحة واسعة من اللبنانيين الذين انتخبوا منذ حوالي عام هذه الأحزاب الحاكمة والمتمثلة بمعظمها بالحكومة الحالية وكل حكومات ما بعد الطائف (30 سنة)، يعبرون في كل يوم عن امتعاضهم وتفاجئهم بسلوكها هذه الأيام فيما يخص الموازنة العامة والرغبة المنزنة سيدريا في تخفيض العجز إلى 7 %.

ومع كل تسريبة رقمية جديدة أو ضريبية مستحدثة لزيادة الايرادات يتضح حجم المصيبة التي نحن فيها والبلاء الذي ابتلي به الوطن مع استمرار هذه المافيا المتحكمة.

طبعا كل نقاشات هذه الموازنة لم تقترب على مكامن الهدر والسرقة والنهب فلا جمعيات "المدامات" هي محل بحث، ولا ثروات المصارف المملوكة أصلا من أصحاب القرار، ولا الإسراف الفاحش على المباني والصيانة وغيرها وغيرها تم الإقتراب منها.

إقرأ أيضًا: سر هذا الهدوء الجنوبي وتبعاته

واحدة مما تفتقت عنه أدمغة هؤلاء اللصوص، هي فرض ضريبة على نفس الأركيلة من أجل زيادة تموين الخزينة وهذا لعمري ما يضحك الثكلى.

نفهم أن حكومات العالم تزيد الضريبة بشكل فاحش على التدخين أو المشروبات الروحية، بهدف الحد من انتشارها لما تشكل من ضرر على صحة المواطن، ألا أن حكومتنا الموقرة التي آخر هم عندها صحة المواطن وحياته فإن الموضوع عندها، وجل اهتمامها هي "جيبة المواطن" فقط، وكيفية استخراج آخر ليرة منه.

فإنها سوف تسعى جاهدة بعد إقرار هذه الضريبة على الأركيلة لزيادة تناولها وانتشارها أكثر فأكثر وليس العكس طبعًا. 

إقرأ أيضًا: انتهى زمن ولاية الفقيه

تمامًا كمعظم مشاريعها الاستثمارية المربحة كالنفايات والمحارق والمرامل والكسارات وتلوث المياه والأنهار والبحار.. فكل هذا يعتبر أمرًا ممتازًا وجيدًا ومطلوبًا، طالما أنه يدر على تلك المافيا أرباح مالية طائلة.

أيها اللبنانيون، أنتم انتخبتم طبقة سياسية خبرتموها جيدًا وتعرفون أنها لو تستطيع أن تفرض عليكم ضريبة سرطانية على مرضكم لعملت ليل نهار على زيادة انتشار السرطان عندكم وعند أولادكم... وهذا ما يمكن أن نطلق عليه ثقافة "الأركيلوجيا" بمعنى: اذا كانت الأرجيلة المسرطنة تدر لنا الأموال فمرحبا مرحبا بها ونعم لتعميمها ونشرها.

أيها اللبنانيون أنتم على يقين بأن من انتخبتموهم هم أرباب ثقافة "الأركيلوجيا"، فأرجوكم خففوا هذا التذمر وادفعوا ما يأمرونكم به.. وأركلوا بصمت فلا معنى لامتعاضكم.. فلو أن انتخابات جرت غدًا لصدقتم وعودهم مرة أخرى وانتخبتموهم من جديد.