يقول كونفوشيوس: «الفقرُ عـارٌ مع حكومة فاضلة، ومع حكومة سيِّـئة، الغنى هو العار...» ونحنُ مع أيٍّ من الحكومتين لم نكنْ مـرَّة إلاّ ضحيّة العار الحكومي...

الحكومة «الفاضلة» عندنا ناقشت الموازنة تشبُّهاً بالأسلوب السفسطائي اليوناني، - إنَّ التشبُّهَ بالكرامِ فلاحُ - «والسفسطائية» كلمة يونانية يفسِّرها القاموس بأنّها استدلالٌ باطل يُقْصد به تمويـه الحقائق.

أيَّ موازنة هي، التي ناقشوا ويناقشون ويتناتشون، قبل إحالتها إلى المجلس النيابي جاريةً معروضةً للبيع في سوق تجار الرقيق...؟

موازنة الدولة هي... أو الموازنات المهرَّبة في هجرة غير شرعية عبر البحار إلى البنوك الأوروبية..؟

سرَّيت وسائل التواصل الإجتماعي لائحة تحمل أسماء كبار المسؤولين اللبنانيين الذين يملكون مليارات من الدولارات المجمّدة في البنوك السويسرية.

وسواءٌ صحَّتْ هذه المعلومات أو كُذِّبَتْ ، فإنَّ ثمـة لائحة إسمية في أذهان اللبنانيين لا يستطيع أحدٌ أنْ يكذِّبها، ولا أظـنُّ أحـداً يستطيع تكذيب مسؤولٍ كبير سمعته شخصياً يقول: «إنّ التدقيقات الحسابية كشفتْ عن «28» مليار دولار تبخَّرت من خزينة الدولة»، كأنما أكلَتْها الجِرذان وقرضتْها الفئران..؟

لتتفضَّل الحكومة إذاً : بأن تناقش الحكومة التي أقدمَتْ على شراء خمسة آلاف ناخب قبل الإنتخابات النيابية بالتوظيف الممنوع.
وليتفضَّل المجلس النيابي بأنْ يناقش نفسه قبل أن يناقش الحكومة.

وليناقشوا جميعاً: «مركز الإحصاء» الذي أعلن عن تعيين «31» ألف موظف على مدى أربعٍ من السنين في دولة منهكة بالعجز.

وليناقشوا: الأب طوني خضره الذي يعلن عن «30» ألف موظف يتقاضون رواتبهم ولا يمارسون عملاً، وعن ألفَين من الموظفين الذين انتقلوا إلى الأخدار السماوية وما زالوا يتلقّون رواتبهم من هذه الدولة المنتقلة إلى أخدار الإنهيار.

وهل يناقشون...؟ «الشركة الدولية للمعلومات» ، والخبـير إيلي يشوعي، حيال المليارات المهدورة على الجمعيات الوهمية والتهريب الجمركي ، والتهرُّب الضريبي، والتهرّب من مسؤولية مصير «40» ألف طالب يتخرجون سنويّاً من الجامعات وأبواب المستقبل مقفلة أمامهم، فيما المسؤولون ينهبون خيرات الحاضر والمستقبل كمثل مَـنْ يسرق بيت أبيه ليطعم اللصوص كما يقول نابوليون.

هؤلاء الذين أوقعوا لبنان في «عنق الزجاجة» وهو التعبير الإصطلاحي في لغة الإقتصاد للدلالة على حالة الإختناق العام، هؤلاء... مَـنْ يحاسبهم...؟

لقد آن للشعب أن يحاسب الذين جعلوا هذه الدولة: هي القاتل وهي القتيل...؟ لأنّ الصَمْت المقدّس لم يعد قادراً على أن يقرع الطبل...
حتى ولو اضطر الشعب اللبناني على أن يتمثّل بالشعب البريطاني الذي اعتمد سنة 1650 نصّاً يقول: «أعاهد على أن أبقى مخلصاً للجمهورية دون ملكٍ ودون سيّـد».