اتفاقية أمنية بين عمان وبريطانيا على إيقاع التصعيد في الخليج.
 
حمل النفي الإيراني وجود وساطة عمانية بينها وبين الولايات المتحدة تأكيدا على أن طهران كانت تراهن على زيارة الوزير المكلف بالشؤون الخارجية في سلطنة عمان يوسف بن علوي لإنقاذها من ورطة التصعيد الكلامي الذي تبارى المسؤولون الإيرانيون فيه لإظهار التماسك وتحدي واشنطن.
 
يأتي هذا في وقت أعلنت فيه مسقط التوقيع على اتفاقية شراكة مع بريطانيا تتضمن في بنودها بعدا أمنيا سيكون بمثابة عبء جديد على إيران الواقعة تحت ضغوط أميركية كبيرة.
 
ودأبت إيران على ممارسة اللعبة بنفس الطريقة، أي التصعيد العلني مع المراهنة على القناة العمانية للتحرّك بشكل مواز وسري لتبريد الخلاف مع واشنطن، لكن تشدد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في شروطها بدد الرهان الإيراني على دور الإطفاء الذي دأبت سلطنة عمان على النهوض به.
 
وأكدت الرئاسة الإيرانية، الأربعاء، أن مباحثات وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ونظيره العماني يوسف بن علوي في طهران، الاثنين، “لم تكن حول الوساطة”.
 
ونقلت وكالة “تسنيم” الإيرانية عن محمود واعظي مدير مكتب الرئيس الإيراني حسن روحاني القول، على هامش اجتماع الحكومة، إن “وزير الخارجية العماني أجرى مباحثات مع ظريف، وقام وزير الخارجية خلال اجتماع الحكومة بتقديم تقرير عن تلك المباحثات”.
 
وأكد “لم تكن مباحثات وزير الخارجية العماني مع إيران تتعلق بالوساطة”.

ويعتقد مراقبون أن النفي الإيراني لا يمكن أن يلغى بمجرد تصريح ما راج عن الوساطة، ولكنه على الأقرب رسالة إلى الداخل وإلى أذرع طهران في المنطقة لإظهار أنها “لم تتراجع″ ولم تبحث عن وسطاء، خاصة أن وسائل الإعلام الإيرانية قد نقلت أن الوزير العماني ناقش مسائل إقليمية ودولية مع ظريف، وهو ما يعني أن الزيارة لم تكن روتينية.

كما يعرف عن الوزير بن علوي أن زياراته موجهة وهادفة وترتبط دائما بتسويات ووساطات.

وأشاروا إلى أن المسؤولين الإيرانيين لم يتدخلوا في البداية للنفي حين كان الجدل قويا بشأن الزيارة وخلفياتها والنتائج المأمولة منها، ما يعني أنهم كانوا ينتظرون أن تفضي تلك الوساطة إلى موقف يسهل أمامهم عملية التراجع وحفظ ماء الوجه، وحين فشلوا في الحصول على “ضمانات” مالوا إلى الإنكار.

وكانت مصادر دبلوماسية غربية قد كشفت أن يوسف بن علوي نقل إلى نظيره الإيراني رسالة أميركية تعكس جدية واشنطن في الذهاب إلى أقصى حدود التصعيد مع إيران في حال أقدمت على أي عمل ذي طابع عدائي تجاه الولايات المتحدة أو حلفائها في المنطقة.

وذكرت المصادر ذاتها أن توجّه بن علوي إلى طهران جاء بعدما أبلغ وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو السلطان قابوس بن سعيد في اتصال هاتفي قبل أيام قليلة أن هدف أميركا ليس إسقاط النظام في إيران بل تغيير سلوكه وأن هذا هو السبب الذي دفع واشنطن إلى فرض المزيد من العقوبات على طهران.

ولعبت سلطنة عمان في السابق دور الوسيط في أكثر من ملف من ضمنها ملف الأزمة اليمنية وقبله الملف النووي الإيراني الذي وقعته طهران مع القوى الست الكبرى في العام 2015. كما استضافت العديد من المحادثات السرية والعلنية.

وسلطنة عمان إحدى دول الخليج التي تجمعها علاقات جيّدة مع طهران رغم التوتر الخليجي الإيراني. لكن هذه العلاقات الجيدة لا تمنع مسقط من النأي بنفسها عن سياسات إيران المهددة للأمن الإقليمي.

وتحتفظ مسقط بعلاقات قوية مع الولايات المتحدة وبريطانيا، وينظر إليها دائما على أنها القناة التي يتم الالتجاء إليها وقت الحاجة لحل الخلافات بعيدا عن الأنظار.

وجاء الإعلان الإيراني في الوقت الذي عززت فيه السلطنة علاقاتها مع شريكها التاريخي بريطانيا، إذ وقع الوزير بن علوي “اتفاقية تعاون وشراكة”، مع نظيره البريطاني جيريمي هانت، وهي اتفاقية ستكون موضع قلق بالنسبة لإيران خاصة ما تعلق بالمجال الأمني، حيث تلتزم بريطانيا من خلالها بحماية أمن منطقة الخليج، وهو ما يسبب عبئا إضافيا على طهران في ظل الضغوط الأميركية الحالية.

وقال هانت في تغريدة على حسابه الرسمي “العلاقات البريطانية العمانية تعود إلى قرون. كانت أول اتفاقية بيننا عام 1646، وهذا يجعل من اتفاقنا اليوم لحظة تاريخية مهمة. فعمان شريك أساسي في أهداف مشتركة للسلام في اليمن وإيران غير النووية”.

وفي أوائل مايو الجاري، وقع السلطان قابوس بن سعيد، على مرسوم بالتصديق على اتفاقية الدفاع المشترك بين السلطنة وبريطانيا، التي وقعت في 21 فبراير الماضي.

واعتبرت بريطانيا في بيان لها آنذاك أن الاتفاقية “دلالة على التزامها بأمن منطقة الخليج لسنوات عديدة قادمة”.

وتقوم هذه الاتفاقية، وفق البيان، على استخدام مرافق في مسقط، لسنوات طويلة، مقابل التزام بريطاني بأمن الخليج، وإنفاق 3 مليارات جنيه إسترليني، في أنحاء المنطقة لمدة 10 سنوات.

وفي 5 أكتوبر 2018، انطلق تدريب “السيف السريع 3″، بسلطنة عمان بمشاركة بريطانية تصل إلى 5500 جندي بريطاني، بعد توقف دام 17 عاما.