مع بداية الصيف، تظهر علامات الاكتئاب.. اضطراب النوم، السهر لوقت متأخر والنوم طيلة النهار، الاكتفاء بوجبات خفيفة، واجتناب التعامل مع البشر.. يحدث هذا جراء التغير في درجات الحرارة، والتعرض للشمس لفترات طويلة، فتتبدل الحالة النفسية ويؤثر ذلك على علاقات النساء ونشاطاتهن اليومية. أما إذا كنت من الأمهات، فذلك يعني اكتئابا مزدوجا، تمنحك إياه الفترة الطويلة للإجازة الصيفية وفراغ الأبناء.
في دراسة أميركية أكد الطبيب النفسي توماس ويهر أن الاكتئاب الصيفي إنما يحل بالأشخاص الذين يميلون إلى السماء الرمادية ويفضلون الطقس البارد، وأن ما يزيد من اكتئابهم هو ارتفاع معدلات التوقعات المجتمعية بأن عليهم الاستمتاع ومشاركة النشاط مع محبي الصيف.
 
ويصيب الاضطراب العاطفي الموسمي عُشر سكان الولايات المتحدة في فصل الصيف، وتصاحبه أعراض فقدان الشهية والشعور بالحزن دون سبب واضح.
 
ولأسباب متعددة، علقت أكثر من خمسة آلاف فتاة على منشور عبر إحدى المجموعات النسائية على فيسبوك، تتساءل صاحبته عن إحساسها بالاكتئاب مع بداية دخول الصيف، وهل هناك من يشاركها ذات الإحساس. آلاف الإجابات جاءتها تؤكد أن حالتها ليست متفردة، أما الأسباب فتمحورت حول الامتحانات والأجواء الحارة، واكتئاب المناسبات، خاصة مع تزامن بداية الصيف مع شهر رمضان، الذي يمر وسط أجواء تغيب عنها البهجة في معظم البيوت بسبب الامتحانات، وبين البكاء والعزل واضطرابات النوم والكسل العام، اختلفت النتائج وبقي السبب واحدا “اكتئاب الصيف”.
 
غياب البهجة
 
عن اكتئابها الموسمي، قالت منال أشرف (30 عاما) “أشعر بالاكتئاب من إحساسي بضرورة نزولي إلى العمل يومياً وسط أجواء حارة ومرهقة، وأنا بالفعل لا أستطيع التحرك من المنزل عندما تتجاوز درجة الحرارة الأربعين”.
 
كل شيء في الصيف يذكرها بأنها تكرهه، ملابسها الصيفية التي يستحيل أن تتسق وحجابها، وحرارته الملتهبة، ونمط حياة أسرتها الذي لا يتفق مع محاولات أصدقائها إخراجها من اكتئابها، حيث لا يجوز أن تتأخر بنات العائلة إلى ما بعد التاسعة مساء، وهذا بالطبع يخالف كل دعوات المرح التي تطرحها الصديقات للاستمتاع بليالي الصيف.
 
حياة طويلة وممتدة عاشتها هاجر في بلاد الخليج تحت وطأة حرارة تتجاوز الخمسين درجة، ورطوبة هائلة لا تدع لها متنفسا.
 
صادف نزول هاجر إلى مصر تغييرات المناخ التي أطاحت بالجملة التاريخية “حار جاف صيفا، دافئ ممطر شتاءً”، فتصف الصيف في مصر بقولها إن “الحرارة هنا قاربت جوّ الخليج لكن دون رفاهيته، فغالبية الأماكن العامة ومكاتب العمل غير مكيفة، إلى جانب الزحام.. كل هذه أمور تساهم في شعوري بالاكتئاب صيفا، بالإضافة إلى التزامي بعمل لا أستطيع الفكاك منه للذهاب في عطلة طويلة أمام البحر، كما يروج محبو الصيف عبر إنستغرام”.
 
“الاكتئاب بسبب الإجازة”
 
إجازة طويلة تمتد إلى 150 يوما يقضيها أطفال علياء داخل المنزل، يفتقدون فيها الالتزام المدرسي، وتنقطع هي عن خروجها وأنشطتها الصباحية التي كانت تكفل لها قليلا من الترفيه، بالإضافة إلى أن الصيف موسم للمشاكل الزوجية، إذ تؤكد صاحبة خبرة السنوات العشر في الزواج أن معظم خلافات الزوجية تقع في فصل الصيف، حيث “يقل التفاهم بيننا وتكثر معاركنا التافهة، فقط الصراخ هو سيد المنزل”.
 
العلاج: الشمس والنوم
 
علاج الاكتئاب الصيفي لخصته الطبيبة النفسية سارة حبيب في مقاومة الرغبة في العزلة، والتعرض للشمس، والخروج من دائرة الأشياء التي تساعد على الشعور بهذا النوع من الاكتئاب، بالإضافة إلى بعض الأدوية المحفزة للحالات المزاجية، ومضادات الاكتئاب، مع تعلم التحكم في الغضب والانفعالات الحارة التي تساعد درجات الحرارة على تأجيجها.
 
ساعات النوم الكافية أحد أهم العوامل التي تساهم في اعتدال المزاج، فالشخص البالغ يحتاج إلى النوم بين 7 و9 ساعات يوميا، بحسب ويب ميد. كما أن هذا المقدار يزداد إذا حُرم الشخص من النوم في الأيام السابقة، لأن عدم الحصول على قدر كاف من ساعات النوم يخلق ما يسمى “ديْن النوم”، ومع تراكم ديون النوم سيطلب جسمك في نهاية المطاف أن تسدد هذه الديون، أو سيضطرب وينعكس ذلك على مزاجك العام.