في مناخ من الخواء السياسي، تحاول شخصيات سياسية وكيانات انشئت حديثاً، ملء فراغ المعارضة، بتشكيل نواة اعتراض على أداء سلطة التسوية. هذه المحاولات كانت طوال الاشهر والاسابيع الماضية حثيثة، وهي اقتربت من تحضير جنين لم يمر بعد على سكانر القوى السياسية، ولم يتم تحديد طبيعته.
 

منذ اكثر من سنة كان الدكتور فارس سعيد، قد وجد توأماً وطنياً، بقامة سمير فرنجية هو الدكتور رضوان السيد، الذي أعطى عمله بالشأن العام جرعة سياسية كبيرة، طغت على موقعه الأكاديمي، كأستاذ محاضر وباحث في اكثر من جامعة لبنانية وعربية،على مساحة تمتد من بيروت الى الرياض والقاهرة، وصولاً الى القرار السياسي في هذه العواصم.

نظم السيد وسعيد المبادرة الوطنية، التي طمحت الى قيادة معارضة وطنية، لكن طبيعة الأحداث التي جرت قبل وبعد استقالة الرئيس سعد الحريري، جمّدت المبادرة، وأبعدت الى حين احتمال ان تنال غطاءً عربياً، لكنها مع ذلك تبقى قائمة.

على خط آخر، كان عضو قرنة شهوان سابقاً الدكتور توفيق هندي، يقوم بمسعى متعدّد الاتجاهات، ايضاً بالتنسيق والتحضير مع توأم آخر هو الوزير السابق محمد عبدالحميد بيضون، ومعاً استضافا لقاءات متكرّرة لشخصيات وقوى سياسية، مستعدة للانخراط في معارضة جادة، وتقاطع التوائم الاربعة، وتكرّرت الاجتماعات في منزل بيضون وفي مكتب سعيد، لكن أبوة المعارضة المُتفق على إطلاقها، تنتظر الولادة ونوع الجنين.

يقول هندي لـ»الجمهورية»: «نحضّر لمعارضة سوف تعمل تحت اسم «لقاء البيت اللبناني». تناضل من أجل تحقيق الاستقلال الثالث. فلبنان مخطوف وهدفنا عودة لبنان الى نفسه، وهذا لن يكون الّا من خلال تنفيذ الدستور واتفاق الطائف، اي عودة الدولة الى نفسها، ومن خلال عودة لبنان الى حاضنته العربية، عبر تنفيذ كامل القرارات الدولية ذات الصلة ولاسيما القرار 1559 و1701 تنفيذاً كاملاً».

وأضاف: «نسعى الى تشكيل قرنة شهوان عابرة للطوائف، تكون موحّدة حول بيان تأسيسي واضح تلتزم به المكونات كافة من كيانات وشخصيات سياسية بغض النظر عن مفهوم الأحجام، وتعبّر من خلال آلية عملها، عن تشاور ديمقراطي يعكس تجربة ديمقراطية رائدة، ويعطي الثقة للشعب، مع الحفاظ على خصوصية كل طرف. وقد اقتربنا من ولادة هذه المعارضة».

يهدف مشروع الوثيقة للبيت اللبناني، الى إسقاط كل أشكال الوصاية الخارجية ونظام المحاصصة، التي تعمل في خدمة الوصاية، كما تتحدث الوثيقة عن إعادة الهوية الوطنية الجامعة للدستور، وتؤكّد على انتظام الحياة السياسية والدستورية، وإشهار مبدأ المحاسبة، وتعميمه على المؤسسات التي تُعنى بالشأن العام كافة، إضافة الى التطبيق الكامل لاتفاق الطائف، واحترام الاطر السيادية، بحيث تكون العلاقة بين لبنان وبين أي دولة اخرى علاقة من دولة الى دولة، وليس علاقة تربط فئة بلبنان مع اي دولة.

وتطرح الوثيقة تصوراً حول كيفية التعاطي مع القضية الفلسطينية يقوم على دعم القرار الوطني الفلسطيني، على ان تتوقف المتاجرة بالقضية الفلسطينية، وعدم استثمارها لأهداف اقليمية.

كما تتحدث الوثيقة عن حماية لبنان من اسرائيل، وهي لا تكون الّا عبر دولة قوية تستند الى شرعية شعبية حقيقية، وعبر إعادة قرار الحرب والسلم الى المؤسسات الدستورية حصراً، وإعادة حق امتلاك السلاح الى الجيش والأجهزة الأمنية دون سواهما، كما إعادة رسم السياسة الدفاعية لمجلس الوزراء، وترجمتها باستراتيجية دفاعية في المجلس الاعلى للدفاع.

تستمر الاتصالات بين هذه القوى والشخصيات، التي تعارض التسوية، على إيقاع تطورات إقليمية متسارعة، ترى فيها هذه الشخصيات بداية لنهاية التسوية التي انتجت انتخاب الرئيس ميشال عون وتشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري. لسان حال هذه القوى يقول: «لا بدّ من جهوزية وطنية لمواكبة هذه التطورات، والّا كان الفراغ القاتل».