قيل: أمرَ بعض الملوك كاتبه فقال: إذا رأيت في تقدماتي إليك ما فيه مصلحةُ الناس ورفقٌ بالرعية، فأنفذهُ ولا تراجعني فيه، وإذا رأيت فيه حيفٌ على الرعية، فراجعني فيه.
 

على مدى أربعة عقود (أي منذ انتصار الثورة الخمينية عام ١٩٧٩ حتى الآن)، تمكّن نظام الملالي بقيادة المرشد الأعلى الراحل روح الله خميني من تطبيق نظام ولاية الفقيه على إيران المترامية الأطراف، والتي يربو عدد سكانها اليوم على ثمانين مليون نسمة، هذا النظام الذي يحافظ على بعض مظاهر الديمقراطية، ويُبطن دكتاتورية فردية-دينية لا تتورع عن قمع الشعب الإيراني بأكمله، مُترافقاً مع اضطهادات عنصرية أو طائفية أو مذهبية أو عرقية، وما لبث نظام الملالي حتى مدّ طغيانه خارج التراب الإيراني ووُجهته كانت دائماً البلاد العربية والإسلامية حيث يوجد جماعات شيعية يمكن الحاقها بالنظام الإيراني في طهران. 

خلال تلك العقود "الطويلة" بدّدَ نظام الملالي ثروات الشعب الإيراني الطائلة على الحروب الإقليمية وإنشاء التنظيمات والأحزاب العسكرية المُلحقة بإيران (عُدّةً وعدداً وتمويلاً)، بدءاً من العراق وسوريا ولبنان واليمن، حيث تعيش هذه البلدان حالة من الأحداث المضطربة والصراعات المسلحة، حتى وصلت إيران اليوم أن تقف وجهاً لوجه في أزمة محتدمة مع الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تُطالبها بتغيير سياساتها التوسعية في المنطقة العربية (منطقة نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية)، كما تُطالبها بإدخال تعديلات جوهرية على الاتفاق النووي المُبرم سابقاً مع الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، هذه الأزمة تُنذر باندلاع حربٍ إقليمية ودولية، حربٌ مُدمّرة لا يرغب أحد في حصولها (ما عدا إسرائيل ربما)، وستكون إيران أولى ضحاياها مع الخليج العربي بالطبع، ولربما تصل شظايا هكذا حرب إلى لبنان وسوريا وقطاع غزة، وبمشاركة العدو الصهيوني المُتحفّز لأي عدوان، فهل تُقلع الإدارة الإيرانية الحالية عن المغامرات التوسعية( والتي لا طائل من ورائها) وتجنح للسّلم وتُجنّب الشعب الإيراني العظيم ويلات الحروب والمجازر والدمار، ألا يستحق الإيرانيّون التّنعُّم بالسلام والأمان؟ فلا يدفعوا مع فواتيرالحروب المتنقلة خلال السنوات الماضية فواتير  حربٍ جديدة يمكن تفاديها، والذين يعرفون عظمة الشعب الإيراني وتاريخه وعراقته يهتفون اليوم: أما آن لهذا الشعب الإيراني أن يستريح؟

قيل: أمرَ بعض الملوك كاتبه فقال: إذا رأيت في تقدماتي إليك ما فيه مصلحةُ الناس ورفقٌ بالرعية، فأنفذهُ ولا تراجعني فيه، وإذا رأيت فيه حيفٌ على الرعية، فراجعني فيه.

 

إقرأ أيضًا: رثاء غبطة البطريرك الراحل مار نصر الله صفير