لماذا لم تلحظ الموازنة في بنودها محاربة الفساد واسترداد المال المنهوب؟
 

انتهت مناقشات مجلس الوزراء حول الموازنة  ولا قرارات جدية وفاعلة في معالجة الأزمة التي أشار إليها رئيس الحكومة سعد الحريري بعد الإجتماع الثلاثي في بعبدا.

وبالتزامن مع جلسات مجلس الوزراء سرّبت بنود الموازنة لا سيما ما يطال منها رواتب الموظفين والمتقاعدين وبعض القطاعات الأخرى لجسّ نبض الشارع وربما استفزازه لمعرفة ردود الفعل وتهيئة الظروف المناسبة للإجراءات المرتقبة، إلا أن البلاد غرقت بالاضرابات وردة الفعل السلبية كانت اكبر من المتوقع لأن ما يعرف عن الشعب اللبناني من اللامبالاة أكبر من أن تحركه بعض الاجراءات فيما خص الشأن المعيشي.

سارع الرؤساء الى الاجتماع لإخراج الأزمة من الشارع من جهة، والاتفاق على بعض البنود الأخرى وتهيئة الأرضية المناسبة لإقرارها من جهة أخرى، ووقف الرئيس الحريري أمام الإعلاميين ليطمئن اللبنانيين أن لبنان لم يبدأ بعد مرحلة الإفلاس ولكننا أمام أزمة اقتصادية حقيقية وأننا بحاجة الى خطوات للمعالجة تستدعي تكاتف الجميع لحل الأزمة.

ما ينشر اليوم وقبله عن الاجراءات التي يقرها مجلس الوزراء في بنود الموازنة تستدعي التساؤل هل هذه هي الاجراءات الوحيدة المطلوبة لتجاوز الأزمة؟ علمًا أن من أبرز الحلول المطروحة حسب الإخصائيين هي معالجة ظواهر الفساد واسترداد أموال الدولة المنهوبة ووقف السرقات والتعديات على خزينة الدولة بتزوير القانون.

إقرأ أيضًا: البطريرك صفير قال كلمته ومشى

المعركة ضد الفساد غابت بشكل كامل من التداول الاعلامي، وغابت بشكل كامل من أدبيات الخطاب السياسي والحزبي، فهل بدا الجميع عاجزون عن المواجهة أم أن الجميع متورطون؟ 

إن الموازنة التي لا تلحظ في أي من بنودها استرداد المال العام ووضع حد للتعديات على المالية العامة، ووضع حد للفساد المستشري هي ليست موازنة لحل الأزمة، هي موازنة تكريس الفساد وتغطية استمراه من خلال إهمال الإيرادات المفترضة للاملاك البحرية والمرافيء والمطار والجمارك والثروة النفطية، وكل هذه العناوين تشكل مدخلا صحيحا لبداية معالجة الأزمة فيما لو ارادت المالية اللبنانية استعادة هذه المرافيء من سيطرة السياسيين والزعماء والأحزاب ورؤوس الأموال.

لم يبحث مجلس الوزراء في جلسات الموازنة عن الحلول الصحيحة والحلول العملية للمعالجة ومن أساسياتها  عودة الدولة بمؤسساتها لتنشيط الاقتصاد ورفع النمو، واتخاذ القرارات التي من شأنها الوقوف على المعالجات الجذرية.

إن هذه الموازنة لا تشبه إلا هذه السلطة برموزها كافة وأحزابها كافة قائمة على خداع الرأي العام المحلي والدولي وتقوم أولا وأخيرا على الفوضى المالية التي لم تراع التخطيط والتنظيم العلمي لمعالجة الازمة موازنة لا تلتزم بالوقائع العلمية بقدر ما تكرس استمرار مبدأ رد الفعل وتكريس الفساد.