تعليق التفاوض لـ 72 ساعة جاء عشية التوصل إلى اتفاق أولي حيال المرحلة الانتقالية
 
لم تدم طويلا الأجواء الإيجابية التي خيمت على العاصمة السودانية الخرطوم بعد التوصل لاتفاق أولي حيال المرحلة الانتقالية في البلاد، وشكل قرار المؤسسة العسكرية المفاجئ بتعليق المفاوضات مع المعارضة السودانية خطوة إلى الوراء و"قرار مؤسف" بالنسبة للمعارضة التي تعهدت بمواصلة الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش بالعاصمة.
 
وعزى المجلس العسكري تعليق التفاوض لمدة 72 ساعة مع قوى الحرية والتغيير بشأن مجلس سيادي مشترك إلى تهيئة المناخ للحوار، ويأتي ذلك في أعقاب تصاعد إطلاق النار في محيط اعتصام المتظاهرين أمام القيادة العامة للجيش في الخرطوم.
 
وحذر مراقبون من فرضية صدام بين الجيش والمتظاهرين في الخرطوم، في ظل الأجزاء المتوترة بين الطرفين إثر حادثة إطلاق النار، وسط اتهامات للجيش بالوقوف وراءها لفض الاعتصام.
 
وقال الفريق عبد الفتاح برهان رئيس المجلس العسكري الانتقالي في بيان بثّه التلفزيون الرسمي "من واقع مسؤوليتنا أمام الله وجيشنا وشعبنا قرّرنا وقف التفاوض لمدة 72 ساعة حتى يتهيّأ المناخ لإكمال الاتفاق".
 
ودعا الجنرال المتظاهرين إلى "إزالة المتاريس جميعها خارج محيط الاعتصام"، وفتح خط السكة الحديد بين الخرطوم وبقية الولايات ووقف "التحرّش بالقوات المسلّحة وقوات الدعم السريع والشرطة واستفزازها".
 
وجاء بيان برهان عشية إعلان التوصل إلى اتفاق أولي، وإثر تصاعد إطلاق النار في محيط اعتصام المتظاهرين أمام القيادة العامة للجيش ما أدى إلى إصابة 8 أشخاص وبعد يومين من مقتل ستة أشخاص في المنطقة نفسها.

وكانت واشنطن وتحالف قوى الحرية والتغيير حمّلا الثلاثاء الماضي الجيش مسؤولية أعمال العنف، في حين حمّل المجلس العسكري مسؤوليتها إلى "عناصر مجهولة" تريد حرف المسار السياسي عن وجهته.

في المقابل وصفة المعارضة السودانية قرار الجيش بالمؤسف وهو بمثابة خطوة إلى الوراء، وتعهدت في الوقت ذاته بمواصلة الاحتجاجات رغم دعوات الجيش بفض الاعتصام.

وقال رشيد السيد المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير إنّ "المجلس العسكري علّق المفاوضات، لقد طلبوا أن نزيل الحواجز من الطرق في مناطق من العاصمة".

وكان تجمّع المهنيين السودانيين طالب المعتصمين بالالتزام بخريطة الاعتصام الموضّحة.

وقال التجمّع في بيانه إنّ "الالتزام بهذه الخريطة يقلّل من إمكانية اختراق الثوار بأيّ عناصر مندسّة ويسهّل عمل لجان التأمين في السيطرة والتأمين".

كما دعا التجمّع المتظاهرين إلى "التحلّي بالهدوء وضبط النفس والتمسّك بالسلمية التامّة وتفادي الدخول في أي مواجهات" مع أطراف أخرى.

وفي بيانه أرجع برهان أسباب قرار وقف التفاوض إلى غلق الطرق حول القيادة العامة للجيش، مما يقوّض حركة القوات المسلحة وسيطرتها على الأوضاع الأمنية وتوفير الحماية للمعتصمين.

كما دافع الفريق برهان بشدّة عن قوات الدعم السريع التي يتهمها قبل المعتصمون بالاعتداء على المتظاهرين ومهاجمتهم.

وجاء قرار المجلس العسكري رغم التقدم المهم في المباحثات، وكان من المتوقّع أن تتناول المباحثات الأخيرة تركيبة المجلس السيادي، إحدى المؤسسات الثلاث التي ستحكم البلاد خلال الفترة الانتقالية التي اتفق الطرفان على أن تكون مدتها ثلاث سنوات.

وكان الاتفاق محل دعم من دول المنطقة التي أعربت عن دعمها لمباحثات المؤسسة العسكرية وقوى المعارضة، حيث رحبّت الإمارات بالتقدّم الحاصل.

وأكد وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات أنور قرقاش أن الاتفاق بمثابة الخطوة الأولى في طريق استقرار السودان القطيعة نهائيا مع نظام دكتاتوري وجماعة الإخوان.

وقال على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر أنّ هذا المسار "يضع السودان على طريق الاستقرار والتعافي بعد سنوات ديكتاتورية البشير والإخوان (المسلمين)".

وفي السياق ذاته، حثّ أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، كلا من المجلس العسكري السوداني و"قويى إعلان الحرية والتغيير" على "التوصل لاتفاق بشأن التفاصيل المتبقية بخصوص المرحلة الانتقالية بالبلاد".

وأكد الأمين العام في بيان أصدره المتحدث الرسمي باسمه، ستيفان دوغريك، "التزام الأمم المتحدة بمواصلة العمل مع الاتحاد الإفريقي لدعم هذه العملية".

وقال الأمين العام في بيانه إن "الأمم المتحدة على استعداد لدعم أصحاب المصلحة السودانيين في جهودهم لبناء سلام دائم ومستدام".

كما شدد على "أهمية الحفاظ على حقوق الإنسان لجميع المواطنين، ومواصلة إعطاء الأولوية للحوار كوسيلة لمعالجة الخلافات المعلقة".

وأكد البيان "ضرورة تجنب أي شكل من أشكال العنف الذي يمكن أن يقوض سلامة وأمن المواطنين واستقرار البلاد".