بيروت مهتمة بالإسراع في حسمها خوفاً من تطورات المنطقة
 

تكتسب زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى السفير ديفيد ساترفيلد إلى بيروت، أهمية قصوى بالنظر لتزامنها مع التطورات التي تشهدها المنطقة، والحشود العسكرية الأميركية ضدّ إيران، لكنها تحمل في الوقت نفسه عنواناً لبنانياً يتمثّل بالبحث مع القيادات اللبنانية في مسألة ترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان وإسرائيل، بناء على الرسالة التي حمّلها رئيس الجمهورية ميشال عون للسفيرة الأميركية في بيروت إليزابيث ريتشارد بهذا الخصوص، بالإضافة إلى تقديمه واجب التعزية بوفاة البطريرك الماروني نصر الله صفير.

واستقبل رئيس الحكومة سعد الحريري، مساء أمس، مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى دايفيد ساترفيلد، في حضور الوزير السابق غطاس خوري، وتناول اللقاء جولة أفق في مجمل الأوضاع المحلية والإقليمية والعلاقات الثنائية بين البلدين.

وبانتظار أن يبدأ ساترفيلد اليوم لقاءاته الرسمية مع القيادات اللبنانية، والاطلاع على فحوى الأجندة التي يحملها، أكدت مصادر القصر الجمهوري لـ«الشرق الأوسط»، أن هدف زيارة المسؤول الأميركي «اطلاع السلطات اللبنانية على التطورات الحاصلة في المنطقة، والموقف الأميركي من المستجدات والتصعيد القائم بين الولايات المتحدة وإيران». وأشارت إلى أن الزيارة «تأتي ترجمة للوعود التي قدّمها وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو خلال زيارته لبيروت في 22 مارس (آذار) الماضي، بوضع المسؤولين اللبنانيين بأجواء التطورات التي سيشهدها محيط لبنان سواء في سوريا أو العراق أو غيرهما».

ورغم تعويل لبنان على الدور الأميركي لمساعدته في ترسيم الحدود البرية والبحرية الجنوبية، بعد الرسالة التي سلّمها عون للسفيرة الأميركية، لا يبدو أن ساترفيلد يحمل أجوبة قاطعة حولها، وفق توقعات مصادر القصر الجمهوري، التي أشارت إلى أن زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي «تزامنت مع رسالة رئيس الجمهورية التي تعبّر عن رغبة لبنان بترسيم الحدود ولم تكن الزيارة بسببها». وشددت على أن «الرئيس ميشال عون سيطرح هذا الموضوع مع الضيف الأميركي، لكن من غير المعروف ما إذا كانت لدى الأخير أجوبة حولها»، مشيرة إلى أن لبنان «مهتمّ الآن بتسريع عملية ترسيم الحدود، كي لا تطغى أحداث المنطقة على هذا الموضوع، خصوصاً أن لبنان يسعى إلى البدء بالتنقيب عن النفط في البلوك رقم 9 في الجنوب، والشركات التي ستتولى عملية التنقيب تشترط استقراراً على حدود المنطقة الاقتصادية قبل أن تباشر عملها»، لافتة إلى أن «البلوك رقم 9 قريب من الحدود، والإسرائيليون يزعمون أنه يدخل ضمن مياههم الإقليمية، ولبنان لديه مصلحة بترسيم الحدود انطلاقاً من خطّ الناقورة البري وامتداداً إلى الحدود البحرية، مستفيداً من الاستقرار القائم في الجنوب».

ورفض لبنان سابقاً الاقتراح الذي قدّمه الدبلوماسي الأميركي فريدريك هوف، لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، ويقضي بتقاسم المنطقة المتنازع عليها بنسبة 65 في المائة للبنان و35 في المائة لإسرائيل، وأصرّ على أن هذه المساحة تقع ضمن المنطقة الاقتصادية اللبنانية ولا يمكن التفريط بأي جزء منها.

وعن مدى انسجام رسالة الرئيس عون مع هذا الطرح، والتمسّك بموقفه من رفض خطّة هوف، أوضحت مصادر قصر بعبدا، أن «الدولة اللبنانية لن تفرّط بأي شبر من أرضها أو مياهها، لكنها أشارت إلى أن رسالة الرئيس عون تحمل أفكاراً قدمها رئيس الجمهورية بالتفاهم مع رئيسي البرلمان نبيه بري والحكومة سعد الحريري، لتحريك المفاوضات بشأن ترسيم الحدود، بما أن الولايات المتحدة هي الجهة المقبولة إسرائيلياً». وقالت إن لبنان «يقترح تشكيل لجنة ثلاثية تضم ممثلين عن لبنان وإسرائيل والأمم المتحدة، بمتابعة أميركية، لعلّها تصل إلى اتفاق نهائي على ترسيم الحدود، وسنرى مدى استجابة الجانب الأميركي لهذا الطرح».

وكان ساترفيلد زار لبنان مطلع شهر مارس الماضي، ونقل يومها تحذيراً للحكومة اللبنانية من «تنامي قوة (حزب الله) في لبنان، والاختلال في موازين القوى داخل مجلس الوزراء»، كما جاءت تحضيراً لزيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى بيروت.

من جهته، استعبد سفير لبنان الأسبق في واشنطن رياض طبارة، أن «يكون هدف زيارة ساترفيلد إطلاع المسؤولين اللبنانيين على حرب محتملة بين بلاده وإيران». وأشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الزيارة تندرج في سياق الزيارات الدورية للمسؤولين الأميركيين، التي تحذّر دائماً من ارتماء لبنان في أحضان إيران و«حزب الله». وقال طبارة: «الجانب الأميركي يعتبر أن استفادة (حزب الله) من وجوده في الوزارات والمؤسسات الدستورية للالتفاف على العقوبات الأميركية، يعدّ تجاوزاً للخطوط الحمر».