هل ستلبي الموازنة العامة متطلبات مؤتمر «سيدر» والمستثمرين على اختلاف هوياتهم، وينتقل لبنان من مرحلة الركود والجمود الاقتصادي؟
 

انتهت مهلة المئة يوم، والحكومة في ورشة حقيقيّة لتحقيق إنجازٍ متمثّل في موازنةٍ تقشفية غير مسبوقة، وهو ما يشكّل تحدياً جدياً على ما يبدو بالنسبة إليها، على وقع الإضرابات والإعتصامات التي تلاحقها من كلّ حدبٍ وصوب.

وفي هذا السياق يبدو لبنان في سباق مع الوقت لإصلاح ما يمكن إصلاحه مما أفسده دهر النظام الطائفي والتركيبة السياسية القائمة على المحاصصة وبفعل الفساد الضارب في أعماق الإدارة اللبنانية، تحاول السلطة الحد من العجز في الميزانية العامة للدولة التي اثقلت كاهل المالية العامة، ووضعت البلد على شفير الإفلاس، والهدف هو الفوز بتقديمات سيدر حيث المانحون ينتظرون ما سيقر من اصلاحات اشترطوها لإعطاء لبنان ما تقرر في المؤتمر.

فمصير سيدر رهن بالإصلاحات، هل ستلبي الموازنة العامة متطلبات مؤتمر «سيدر» والمستثمرين على اختلاف هوياتهم، وينتقل لبنان من مرحلة الركود والجمود الاقتصادي الذي يتخبّط فيه نتيجة السياسات الخاطئة لأركان السلطة الذين يتسلطون على البلاد والعباد منذ عشرات السنين، أم انها ستكتفي بالقشور من دون الدخول إلى عمق الأزمة الخانقة، لأن هؤلاء الأركان يرفضون المس بمكتسباتهم ولو أدى الأمر إلى إفلاس الدولة وعداد الوقت عند الدول المانحة يسير عكسياً، فهل تنجح الحكومة في إعداد موازنة واقعية ومقبولة ترضي هؤلاء المانحين وفي الوقت نفسه لا تضر بالطبقة الفقيرة؟

إقرأ أيضًا: هل هناك أمر عمليات لإسقاط مفاعيل سيدر؟

وإذا كانت جميع القوى السياسية تتحمّل مسؤولية لا لبس فيها في هذا الوضع، باعتبار أنّ النهج الذي لطالما كان معتمَداً في السابق لا يزال يراوح مكانه، بعيداً عن الشعارات الرنّانة التي يرفعها البعض، والتي أوحت في وقتٍ ما بالعكس، فإنّ التحدي الأكبر الذي واجه الحكومة ولا يزال، يبقى من داخلها أولاً وأخيراً، في ظلّ جمعها للأضداد على طاولةٍ واحدةٍ.عموماً هناك مجموعة من الإقتراحات ستحسم في الجلسة الحكومية الأحد، وهذه الاقتراحات هي ما أطلق عليها الإجراءات الموجعة، والتي تتصل برواتب الموظفين والتقديمات العسكرية، فهل تنجح الحكومة في تقديم موازنة متوازنة يتحمل الجميع اوجاعها بما فيهم الطبقة الميسورة وتعطي ثقة للدول المانحة؟ أم سيبقى النزف قائما وتضيع الفرصة التي ربما تكون الأخيرة؟ فلننتظر الأسابيع القليلة المقبلة ستكون مفصلية.

لكن لبنان سيكون فيها مشغولاً بالأرقام التي تُقلق الموظفين والمصرفيين والعسكريين والسياسيين وكل القطاعات اللبنانية، وبتلقّي الضغوط الدولية بدءاً من واشنطن التي قرّرت عدم الإهتمام بلبنان في الشكل، وبالإستمرار في محاولة خنق حزب الله في الجوهر. والى تلك المرحلة ما على الجميع سوى إنتظار ما يمكن المرحلة المقبلة أن تحمله من مؤشرات نحو الحلحلة أو للتعثر.