يترقب لبنان مسار اوضاع المنطقة في ضوء التصعيد الحاصل في الخليج بين الولايات المتحدة الاميركية وايران، والذي لم يصل بعد الى حدود المواجهة المباشرة - وقد لا يصل - ويحاول ترتيب اوضاعه الداخلية بما يحصنّه داخليا من اي تطورات ساخنة، خاصة ان برنامج العقوبات الاميركية على ايران و«حزب الله» موضوع على نار حامية ويتجدد ويتطور ويرتفع كل فترة، وهو الامر الذي يصيب لبنان مباشرة في مصارفه ووضعه المالي وبالتالي في استقراره الاقتصادي والسياسي.
 

وفي هذا المجال، تبدي مصادر متابعة للوضع النقدي مخاوف من ان تتخذ الادارة الاميركية قرارات رعناء تصعيدية ضد لبنان اذا تصاعدت المواجهة مع ايران، تنعكس على المصارف والتحويلات المالية والتبادل التجاري، لكن مصادر رسمية مطلعة تناقض هذه المخاوف، وهي لا زالت مطمئنة الى ان الادارة الاميركية لن تقدم بسهولة وتسرع على خطوة تضر بالوضع اللبناني الى حد خطير، وهي التي تُبدي حرصها الدائم على الاستقرار الامني والسياسي، كما ان اوروبا لا زالت تحافظ بإجراءات عملية على استقرار لبنان وترفض إدخاله في آتون الصراع الاميركي – الايراني.

وتستشهد المصادر الرسمية على استمرار الحرص الدولي على استقرار لبنان بأكثر من دليل اقتصادي وسياسي عدا الدعم العسكري الواسع من اميركا واوروبا، لكنها تركز على الاهتمام الاميركي بموضوع ترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة، والذي باتت الادارة الاميركية توليه اولوية في عملها نظرا لما قد يسببه استمرار الخلاف بين لبنان والكيان الاسرائيلي من احتمالات توتر لا ترغبها اميركا حاليا.

وتشير المصادر الرسمية الى ان ما يحصل بين اميركا وايران في الخليج هو مجرد «عرض عضلات او استعراض قوى» حتى الان، يريدها الرئيس الاميركي دونالد ترامب في حملته الانتخابية لولاية رئاسية ثانية، ومن الصعب ان يتطور الى مواجهة عسكرية مباشرة تضر بحملته الانتخابية وتنعكس توترا في المنطقة كلها ومن ضمنها لبنان..

وتعتقد المصادر ان الولايات المتحدة تفصل ما بين العقوبات على «حزب الله» وبين دعمها للاستقرار اللبناني وعلى الحدود بشكل خاص، وتشير الى ان السفيرة الاميركية في لبنان اليزابيت ريتشارد غادرت بيروت الى واشنطن لتنضم الى الوفد الاميركي الذي سيعقد الاجتماعات الدورية مع قائد الجيش العماد جوزاف عون الموجود في واشنطن، للبحث في اوضاع الجيش اللبناني ومتطلباته للفترات المقبلة ضمن برنامج المساعادت الاميركية العسكرية. وهذا دليل اهتمام اميركي اخر باستقرار لبنان.

وثمة ما هو اهم على صعيد ترسيم الحدود الجنوبية، حيث يرتقب وصول نائب مُساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى  دايفيد ساترفيلد الى بيروت نهاية الاسبوع المقبل، وربما تعود معه السفيرة ريتشارد، من اجل البحث مع السلطات اللبنانية في موضوع ترسيم الحدود البرية والبحرية، والآلية التي يفترض اتباعها في الترسيم، والتي ستتم عبر مفاوضات ثلاثية بين لبنان والامم المتحدة والكيان الاسرائيلي وبرعاية اميركية مباشرة. خاصة بعدما توحد الموقف اللبناني في الاجتماع الثلاثي الرئاسي في بعبدا على رؤية واحدة للموضوع بأن تتم عملية الترسيم برا وبحرا بالتوازي وليس في البر قبل البحر.

وتوضح المصادر ان نقطة الخلاف الاساسية التي تحتاج الى حسم تتعلق بترسيم نقطة الحدود اللبنانية الاخيرة البرية في الجنوب عند منطقة الناقورة، إذ منها تنطلق عملية ترسيم خط الحدود البحرية، وهناك خلاف لبناني اسرائيلي حول هذه النقطة، من المفترض ان يعمل الجانب الاميركي مع الامم المتحدة على حله.