لم يدع صاحب هذا الشهر الفضيل الى ما نحن عليه من ترف ولم يكن إفطار محمّد نبي الرحمة كما هو افطار فقراء اليوم ولا صحابة النبيّ الأكرم قد بذخت كما يُبذخ اليوم التابعون ولا عاش علي أمير المؤمنيين سلام الله عليه يومأ أو بات ليلاً وفي بطنه ما في بطوننا نحن المدّعون وصلاً بثوبه وقرص شعيره .
 

يصوم  المسيحيون لأربعين يوماً مبتعدين طيلة صومهم عن اللحومات ومكتفين بمقدار من الخضار والفاكهة ودون أي تبذير يُذكر على بطونهم ودون ضجيج ولولا فلاشات بعض الشاشات لا يعلم غير المسيحيين بحلول الصوم المسيحي اذ تمرّ فترة الصوم دون صخب أو ضجيج ودون عجقات غير منظورة في أشهر أخرى.

 

 حتى في المناسبات والأعياد لا تجد هذه الفوضى العارمة لبطون لا تشبع ولا  تشاهد صائماً مسيحياً يتدخل بمسيحي غير صائم ففترة الصوم شأن خاص لا يفرض خصوصيته على الناس وعلى الحياة ولا يتحوّل الى مائدة لم تشهدها مائدة نبيّ الله عيسى بن مريم (عليه السلام) والتي خصّ فيها حوارييه والتي أعدّت بمطابخ  الحور والملائكة في جنّات المولى عزّ وجلّ .

 

 تتراجع في فترة الصوم المسيحي نسبة المشتريات ويعيش الصائمون حالة من التقشّف والزهد والتربية الدينية الداعية الى  خبز كفاف يوم ولا يهتم الاعلام بالصوم المسيحي لأنه لم يدخل في شؤون التجارة لذا لا تُعدّ مسلسلات ولا تنظم حلقات ترفيهية غريبة عجيبة لا علاقة لها بشهر هو من أفضل الشهور كما تُتنطن الشاشات بسخافات لا تمت بصلة لصوم فيه تربية وأخلاق وصفات انسانية عالية وهو مقوّم لسلوك الأفراد والجماعات ومدرسة مفتوحة على حياة مستقيمة ودعوة للتخلي عن رغبات الجسد ومنح الروح حاجاتها في سمو مع  الأبد .

 

إقرأ أيضًا: من لبنان السويسري إلى لبنان الصومالي

 

في الصوم المسيحي لا عجقات على موعد الافطار ولا زمامير ولا صراخ ولا طوابير مطنبرة على الحلويات والأفران وملاحم الغنم لا البقر- لاستحباب الأول – كما جاء في روايتهم ولا تجد كثافة في التعاونيات حيث يجرّ ربُّ العائلة عربيات بدلاً من واحدة وتظن أن المجاعة حلّت في لبنان والصائمون وغير الصائمين يمونون لسنوات مخافة الوقوع في فم غول الجوع .

 

ويأتي الصوم المسيحي ويذهب ولا ندري لولا فلاشات بعض أجهزة الشاشات المحلية  والعطل الرسمية التي تشير الى أن الصوم المسيحي قد رحل كما أتى وديعاً وداعة الصائم الحق غير المترف والمبذر والمتخم والمسرف وكلها ألفاظ واحدة لتؤكد معنى قرآنياً " إن المسرفين كانوا إخوان الشياطين ..." .

 

لم يدع صاحب هذا الشهر الفضيل الى ما نحن عليه من ترف ولم يكن إفطار محمّد نبي الرحمة كما هو افطار فقراء اليوم ولا صحابة النبيّ الأكرم  قد بذخت كما يُبذخ اليوم التابعون ولا عاش علي أمير المؤمنيين سلام  الله عليه يومأ أو بات ليلاً وفي بطنه ما في بطوننا نحن المدّعون وصلاً بثوبه وقرص شعيره .

 

لقد كشفنا شهر الله كشف زيف الانتماء والانتساب الى اسلام محمدّ اسلام الزهد والعفّة اسلام المظلوم على الظالم اسلام الفقير على الغني الممتص لدماء الناس اسلام  اليتيم والتواضع والرحمة والعمل لا الخمول حيث ينتشر الصائمون وخاصة الفئات الشابة على الطرقات بطُرق مؤذية للشهر الفضيل ودين الله في تباه لا قيمة له اذ ان أكثرهم دون مهنة ودون عمل أو علم وأكثرهم يجرّ دراجته النارية وسط الشوارع أو يوقفها حيثما شاء دون مراعاة للحقوق ولما يدعوه اليه الصوم الذي يصومه دون مضمون ودون مبالاة بالقوانين وأنظمة السير لأن التربية المنزلية والحزبية لم تعلمه وجوب المحافظة على النظام العام ولم تعلمه أن صوم رسالة في الحقوق والأخلاق .