خسائر شركة الخطوط التركية تتضاعف 4 مرات بسبب الإدارة الارتجالية، في ظل تراكم الديون.
 
أكد محللون أن استمرار سجل الخسائر التي تعاني منه الخطوط الجوية التركية، يختزل ملامح المتاعب الكبيرة التي تعاني منها آلاف الشركات التركية، التي ترزح تحت جبال من الديون بسبب قرارات التوسع الارتجالية، التي تفتقر إلى الجدوى الاقتصادية.
 
وأعلنت الشركة أمس أنها سجلت في الربع الأول من العام الحالي خسارة بقيمة 1.25 مليار دولار، أي نحو 204 ملايين دولار وفق سعر صرف الليرة الحالي، وهو ما يعادل 4 أضعاف خسائرها في الربع السنوي المقابل من العام الماضي.
 
وذكرت الخطوط التركية في إفصاح لبورصة اسطنبول أن الإيرادات ارتفعت في الربع الأول بنسبة 41 بالمئة بمقارنة سنوية لتصل إلى 14.85 مليار ليرة، أي نحو 2.43 مليار دولار.
 
ويعني ارتفاع الخسائر مع ارتفاع الإيرادات، أن الشركة لا تزال مندفعة للتوسع في نشاطات خاسرة، وهو ما يكشف الصفقات الاستعراضية التي يمليها الرئيس رجب طيب أردوغان للتفاخر بأرقام أصبحت محور الأزمات العميقة للاقتصاد التركي.
 
ويقول جان تيومان الكاتب الاقتصادي في موقع أحوال تركية إن الخطوط التركية من بين الشركات التي يبدو أنها أرغمت على مجاراة رغبة أردوغان في إبرام الصفقات الارتجالية، التي تحولت إلى جبال من الديون.

وتفاخر الرئيس بإبرام صفقات الخطوط التركية وكان آخرها توقيعه مذكرة تفاهم مع شركة ايرباص لشراء 25 طائرة من طراز أي 350 مقابل نحو7.77 مليار دولار، خلال زيارته إلى باريس في يناير الماضي.

ويميل أردوغان إلى المشاريع الاستراتيجية العملاقة مثل مطار اسطنبول، الذي يعاني من ديون كبيرة أرهقت الشركات المنفذة، والذي يقول محللون إنه فائض عن الحاجة ويستند إلى طموحات سياسية يصعب تحقيقها.

وكانت الخطوط التركية قد وقعت في سبتمبر الماضي صفقة استعراضية مماثلة خلال زيارة أردوغان إلى واشنطن، لإرضاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشراء 40 طائرة بوينغ من طراز دريملاينر 787 بقيمة بلغت 11 مليار دولار.

وفي محاولة لتبرير تلك الصفقة ذكرت الصحف العالمية أن “الخطوط التركية رجحت بوينغ على ايرباص” لكن ذلك يجعل صفقة ايرباص اللاحقة مفاجئة للجميع.

وفي المحصلة فاقمت الخطوط التركية أوضاعها المالية الصعبة بزيادة ديونها بنحو 18.77 مليار دولار خلال 4 أشهر بهدف تجميل بروتوكولات زيارتين للرئيس التركي إلى واشنطن وباريس.

وتستند خطط التوسع إلى أوهام جعل مطار اسطنبول محطة ترانزيت عالمية وأكبر نقطة انطلاق للرحلات بين الشرق والغرب، رغم أن موقع المطار لا يؤهله للقيام بذلك الدور.

ويقول تيومان إن بيانات الشركة في الماضي تكشف أن تحقيق ذلك الهدف ليس بالأمر الهين في ظل نتائج الشركة والمعلومات المدرجة في الميزانية العمومية للخطوط التركية.

ويشير إلى أن الشركة أبرمت منذ عام 2010 وخلال زيارات أردوغان الخارجية حصرا اتفاقات بأكثر من 65 مليار دولار، وأنها لم تسدد منها سوى نحو 5 مليارات دولار، الأمر الذي يكشف وطأة سياسات أردوغان على الشركة.

وتتشابه الأسس الهشة للخطوط التركية مع طموحات مطار اسطنبول، الذي يريد له أردوغان أن يستقبل 150 مليون مسافر سنويا من خلال جعله أكبر محطة ترانزيت في العالم.

لكن موقع المطار، الذي لا يتوسط المسافة بين أي من الكتل السكانية مثل أوروبا وجنوب شرق آسيا وأستراليا، يحرمه من إمكانية القيام بذلك الدور إلى الأبد لقربه من جميع الوجهات الأوروبية.

ويبدو من غير المنطقي أن تختار رحلات شركات الطيران المتوجهة بين أوروبا وكل من أستراليا وجنوب شرق آسيا التوقف في مطار بعد ساعتين أو 3 ساعات من انطلاقها أو قبل وصولها بدل أن تختار محطة في منتصف المسافة.

ومن البديهي أن تفضل شركات الطيران والمسافرون التوقف في محطة في منتصف المسافة، الأمر الذي يجعل المطارات الخليجية محطة مثالية لتلك الرحلات ويقوض قدرة مطار اسطنبول على المنافسة.

كما أن موقع المطار لا يتوسط المسافة حتى بين الأسواق الصغيرة مثل آسيا الوسطى وبلدان أفريقيا. ويمكن لتلك الرحلات الطويلة أن تفضل التوقف في الأردن أو مصر لتجزئة زمن الرحلات الطويلة.

كل ذلك يجعل هدف استقطاب المطار لشركات الطيران لاتخاذه محطة ترانزيت بعيد المنال. ولذلك فإن خطط المطار تعتمد بشكل كبير على الخطوط التركية، المرهقة هي الأخرى بخطط التوسع الجامحة، التي لا تستند إلى دراسات جدوى اقتصادية رصينة.

وستجد الشركة صعوبة في استقطاب المسافرين للتوقف في اسطنبول لكونه بعيدا عن تقاطع الطرق بين أسواق المسافرين الكبرى، إلا إذا قدمت خصومات كبيرة في أسعار التذاكر، وهو ما يزيد متاعبها المالية.

وتكشف إعلانات تخفيضات أسعار تذاكر الخطوط التركية صعوبة استقطاب المسافرين المحليين والأجانب، خاصة في ظل فقدان الليرة لما يقارب نصف قيمتها منذ العام الماضي.

وكان المدير العام للخطوط التركية، بلال أكشي قد أعلن عن طرح أسعار تذاكر تتضمن خصما بنسبة 40 بالمئة على الرحلات الداخلية التي تبدأ من 49 ليرة، أي نحو 8 دولارات فقط.