في موازاة جلسات مجلس الوزراء المتلاحقة في شأن الموازنة، قال وزير المال علي حسن خليل لـ«الجمهورية» مساء أمس: «انّ درس الموازنة يتم بوتيرة سريعة والاتجاه هو للانتهاء منها في جلسة تعقد الجمعة (اليوم)، ولكن الامر قد يتطلب جلسة إضافية، بمعنى انّه يُفترض انّ مشروع الموازنة قد أُقرّ في مجلس الوزراء وأُحيل الى مجلس النواب مطلع الاسبوع المقبل».

وأشار الى ان النقاش «يتم بوتيرة هادئة ومنفتحة»، وقال: «الاساس لدينا هو موازنة متقشفة تخفض العجز الى 9 في المئة وما دون».

بري

من جهته، عبّر رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زواره امس، عن استيائه من الأجواء التي افتُعلت في الايام الاخيرة حول الوضع الاقتصادي والمالي، بما احدث بلبلة عارمة على مستوى كل فئات الشعب اللبناني، ووصفها بـ»مناخ تآمري على البلد»، على نحو ما عبّر عنه امام نواب لقاء الاربعاء.

ورداً على سؤال عن مفتعلي هذا المناخ، وما اذا كان خارجياً او داخلياً، قال بري: «من الداخل مع الأسف عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبعض القنوات التلفزيونية وهذا أمر مريب».

وإذ أكّد بري «انّ الجميع مطالبون بالتضحية من أجل البلد ومن أجل موازنة بعجز مخفوض الى ما دون 9 في المئة»، قال في المقابل: «من جهتي أرفض اي محاولة في الموازنة لإبقاء العجز فيها على ما هو عليه (11,5 في المئة) المطلوب 9 في المئة «ونزول»، مشيراً الى انّه «اذا لم يحصل هذا الخفض فالأفضل لهم ان لا يحيلوها الى مجلس النواب».

وعُلم انّ بري سيلتقي باسيل اليوم، وكذلك سيلتقي رئيس لجنة المال والموازنة ابراهيم كنعان، وسيشدّد على ضرورة مواظبة لجنة المال والموازنة على الدرس المكثف لمشروع قانون الموازنة عندما يُحال اليها بغية إقراره سريعاً.

القصة طويلة

وفيما يراهن البعض على إنجاز مشروع الموازنة في غضون يومين او ثلاثة، علمت «الجمهورية» انّ الأمور قد تتعقّد وتحتاج الى مزيد من المناقشات، بدليل انّ باسيل أبلغ الى مجلس الوزراء خلال جلسة امس «أنّ كل ما طُرح حتى الآن غير كافٍ، وبعيد من المطلوب»، وأكّد انه سيتقدّم لاحقاً (لم يحدّد موعداً)، وفي الوقت المناسب بمجموعة اقتراحات «تجعل مشروع قانون الموازنة يحقق فعلاً نقلة نوعية على صعيدي خفض العجز المالي والعجز التجاري».

وعُلم انّ سلة الاقتراحات التي ينوي باسيل تقديمها تستهدف تحقيق ما يسميه «خفضاً حقيقياً» في الإنفاق، وتؤمّن ابواباً فعلية لزيادة الإيرادات. بالاضافة الى اقتراحات هدفها تحريك الاقتصاد للخروج من الركود، عبر تشجيع استهلاك الانتاج الوطني، وزيادة الصادرات اللبنانية بما سيؤدي ايضاً الى زيادة فرص العمل للبنانيين. كذلك تتضمّن الاقتراحات، افكاراً لضبط الهدر والتهرّب الضريبي.

وقد اثارت هذه المعلومات علامات استفهام حول المدى الزمني الذي قد يستغرقه النقاش في مشروع قانون الموازنة، وهل في الامكان في هذه الظروف الالتزام بما تمّ التوافق عليه في اجتماع الرؤساء الثلاثة الأخير في بعبدا لتسريع إقرار الموازنة حكومياً وإحالتها الى المجلس النيابي لإقرارها قبل نهاية الشهر الجاري، موعد انتهاء مفاعيل قانون الصرف وفق القاعدة الاثني عشرية؟ وفي هذه الحالة، هل ستضطر الحكومة الى التقدّم بمشروع قانون جديد يجيز لها الصرف وفق هذه القاعدة لفترة أطول؟».

قطوعات الحسابات

الى ذلك، علمت «الجمهورية» انّ الاجتماع الاخير للجنة المال والموازنة النيابية الذي خُصص لدرس مشروع قانون المحاسبة العمومية، تخللته صرخة أطلقها كل من رئيس اللجنة ابراهيم كنعان وعضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله، اثارا فيها موضوع قطوعات الحسابات المالية العامة من العام 1997 وحتى العام 2017، وشدّدا على ضرورة إنجازها في ديوان المحاسبة العمومية، في اعتبار انّ هذا الامر يشكّل اللبنة الاساسية للانطلاق منها الى مكافحة الفساد والهدر في المال العام.

وفي المعلومات ايضاً، انّ رئيس ديوان المحاسبة القاضي احمد حمدان، الذي شارك في الاجتماع، التزم للمعنيين على هامشه بأن ينجز قطع الحساب لسنة 2017 خلال الاسبوعين المقبلين على ان يباشر فوراً في درس قطوعات الحساب من العام 1997 وصاعداً.

كما انّ ديوان المحاسبة سيتحفظ عن ميزان الدخول لما قبل العام 2017 ليتسنى له انجاز قطع حساب 2017، في حين انّ مطلب الكتل النيابية الاساسية هو ان يُنجز هذا الملف كاملاً منذ 1997 وحتى 2017 لأنه مترابط بعضه ببعض...

وفي معلومات لـ «الجمهورية» ايضاً، انّ المدّعي العام القاضي علي ابراهيم استمع الى المدير العام لوزارة المال ألان بيفاني، الذي زوّده ما لديه من معطيات. وسيوجّه ابراهيم رسالة الى وزير المال علي حسن خليل وديوان المحاسبة العمومية يطلب منهما فيها تزويده التقرير المكوّن من 300 صفحة الذي كان وزير المال تحدث عنه قبل اسابيع.

 
 

«الوفاء للمقاومة»

وفي سياق متصل، رأت كتلة «الوفاء للمقاومة» في اجتماعها الاسبوعي، «انّ الإجراءات المطلوبة للحد من الأزمة المالية الخانقة، وإنقاذ البلاد من تداعياتها تتطلب من الحكومة اتخاذ خطواتٍ جادة للاصلاح المالي والاقتصادي ومكافحة الفساد والحد من الهدر ووقف التهرّب الضريبي والانفاق غير المجدي، كذلك تتطلب من المصارف ان تتحمّل مسؤوليتها الوطنية وتساهم في دور وازن في خفض العجز وتحقيق مصلحتها في اطار المصلحة الوطنية للبلاد».

وإعتبرت «انّ الانجاز المهم الذي تمثل في إعادة تكوين الحسابات المالية العامة للدولة يجب ان يكتمل بالتدقيق المحاسبي في ديوان المحاسبة، وذلك قبل مناقشة موازنة العام 2019».

واشارت الى «انّ اقتصار التدقيق الآن على قطع حساب العام 2017 لن يجيب عن الاسئلة المطروحة، بل لا بدّ من انجاز التدقيق بدءاً من حسابات العام 1997 وصولاً الى العام 2017».

الحدود البحرية

من جهة ثانية، عاد ملف حدود لبنان البحرية الى الواجهة مجدداً، حيث كان مدار بحث بين رئيس الجمهورية ميشال عون ومجلس النواب نبيه بري وبين السفيرة الاميركية اليزابيت ريتشارد، التي زارت بعبدا وعين التينة.

وقال إعلام رئاسة الجمهورية، انّ عون أجرى مع ريتشارد «جولة افق تناولت الاوضاع العامة والتطورات الاقليمية، وسلّمها افكاراً تتعلق بآلية عمل يمكن اعتمادها لترسيم الحدود البحرية الجنوبية».

فيما افاد إعلام رئاسة المجلس النيابي، انّ بري عرض مع ريتشارد «للاوضاع الراهنة في لبنان والمنطقة» وشدّد «على موقف رئيس الجمهورية، وانّ الموقف موحّد بين اللبنانيين حول ترسيم الحدود البحرية والمنطقة الاقتصادية الخاصة».

واعرب بري أمام زواره أمس عن ارتياحه الى «الاجماع اللبناني الرسمي على موضوع الحدود اللبنانية البحرية»، وقال انّ هذا الامر عرضه مع السفيرة الاميركية التي نقلت اليه ما دار بينها وبين رئيس الجمهورية حول هذا الموضوع»، واضاف، انّه اكّد للسفيرة «انّ موقف رئيس الجمهورية هو موقفي وموقف لبنان».

ورداً على سؤال قال بري: «هذا الموضوع حاسم بالنسبة الينا، اي حق للبنان في حدوده الكاملة البحرية تحديداً والبرية عموماً، وهذا الأمر بمقدار ما هو مهم على الصعيد الوطني هو اكثر اهمية على الصعيد الاقتصادي، وبالتالي الآن لدينا الكثير من الشركات الدولية للاستثمار في الغاز والنفط، وهناك تلزيمات قريبة ستحصل، والأهم من كل ذلك انه مع تأكيد هذه الحدود رسمياً فإنّ كل ما يعانيه لبنان من وضع اقتصادي أو ما يجري من نقاش وملابسات حول موضوع الموازنة الحالية وما يتصل بالتخفيضات وغير ذلك لن يكون له وجود في ظل الانتعاش الذي سيصيب البلد جرّاء استفادته من ثرواته الغازية والنفطية ضمن حدوده البحرية».

توتر عالٍ في المنصورية

من جهة ثانية، ظلت قضية خطوط التوتر العالي في المنصورية تتفاعل مع استمرار الاهالي في تحرّكهم واعتراضهم على مدّ هذه الخطوط، مؤكّدين انّها تعرّضهم لمخاطر صحية.

وترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي اجتماعاً في بكركي أمس، ضمّ وزيرة الطاقة والمياه ندى بستاني والنائبين سامي الجميل والياس حنكش والمدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك ومختاري عين سعادة ورومية، وتركز البحث على هذه القضية وسبل معالجتها.

وقال حنكش بعد الاجتماع: «لم نتوصل الى اتفاق على حل»، مشيراً الى «أننا وضعنا هواجسنا لدى البطريرك وهو سيجري اتصالات لتخفيف الاحتقان على الارض ونأمل أن تتألّف لجنة حيادية».

وأعلن المسؤول الإعلامي في بكركي وليد غياض: «لا يمكن وقف خطة الكهرباء لأنّ هذا شأن عام اتُخذ فيه قرار في مجلس الوزراء».

وكان المواطنون تفاجأوا صباح أمس بأعداد كبيرة من القوى الامنية تقتحم اراضي المطرانية حيث كنيسة السانت تيريز وتقفل كل الطرق المؤدّية الى المنصورية وتمنع المواطنين في المنطقة من الدخول اليها.

وإثر الإعلان عن عدم توصل اجتماع بكركي الى حل، تجدّد التوتر بين الاهالي والقوى الامنية في المنصورية، ووصل الاهالي للمرة الأولى إلى أقرب نقطة حيث تتمّ أعمال مدّ شبكة خطوط التوتر العالي، ما ادّى الى تدافع. وشدّدت وزيرة الطاقة ندى البستاني على أنّ مدّ شبكة التوتر العالي في المنصورية «لم يتوقف».