فكل ما نرجوه منكم وأنتم ذاهبون إلى التفاوض مع الادارة الاميركية، أن لا تميلوا إلى آراء تلك الرؤوس الحامية، وأن لا تعتبروا أن تحريك جبهة هنا أو هناك قد يحسّن شروط التفاوض لديكم.
 

تحية وبعد 
نعلم يا سماحة السيد أنك ومنذ توليك لسدة الحكم في إيران وأنت تتقن فن السير بين قوتين يتجاذبان القرار في إيران، فترجح مرات دفة عقلية "الثورة" وما لها من تبعات وأثمان كلفت الشعب الايراني الكثير الكثير بسبب سياسات التسلح والإعداد و "التصدير"، ومرة كنت تدعم عقلية "الدولة" وترجحها وهذا ما شهدناه بالاتفاق النووي مع دول العالم،  واستبشرنا خيرا، واستبشر الشعب الايراني خيرا ونزل إلى الشوارع بشكل عفوي لأنه اعتبر أن مرحلة انتقالية يطمح لها  بعد طول انتظار،  ولكن للأسف فإن فرحة الشعب الايراني لم تدم طويلا وعمل أصحاب الرؤوس الحامية في الحرس الثوري على إجهاض كل المساعي والآمال بمستقبل الشعب الايراني، فقط من أجل إشباع رغبات مبنية كما تعلم على مرويات موضوعة لا علاقة لها بثقافة أهل بيت النبوة.


 
علمنا يا سيد، بأنك كنت أقرب للوقوف ألى جانب الشعب السوري منذ اليوم الأول لإنتفاضته، وأن قرارك كان منسجما مع ثقافة وليك علي بن ابي طالب بالوقوف إلى جانب المظلوم ومخاصمة حكم آل الأسد الظالم إلا أن أصحاب الرؤوس الحامية كان لهم موقفا آخر تحت عناوين ومبررات ما أنزل الله بها من سلطان وللأسف تغلب رأيهم على رأيك ومشيت مكرها في توجهاتهم مما أفقد إيران والشعب الايراني الكثير الكثير من التضحيات والأموال من دون أن تحصد أي إيجابية، والأهم أنها خسرت مصداقيتها كناصر للشعوب المستضعفة وكرافعة لحركات التحرر في العالم كما أرادها دائما أن تكون مفجر الثورة الإمام الخميني.

 

اقرا ايضا : المقاومة ليست مزهرية وباسيل ليس مقاومًا


 
الآن يا سماحة السيد، وصلت الأمور مع الإدارة الأميركية إلى ما وصلت إليه، وتعلم ونعلم أن هذه الإدارة جادة تماما في خيار التصعيد وصولا حتى إلى الحرب (فحشد الأساطيل ليست للتنزه)، إن لم تستجب لشروطها التي لا نجد فيها شروطاً تعجيزية ولا هي شروط مذلة لا سمح الله، وإنما هي شروط كان يجب على إيران "الدولة" أن تلتزم بها تلقائيا إنسجاما مع خلفيتها الإسلامية ورؤيتها الدينية، فلا امتلاكها للسلاح النووي هو مطلب إسلامي (وانت من موقعك الفقهي تحرّم أصلا امتلاك هذا النوع من السلاح)، ولا التدخل العنفي ودعم التنظيمات الارهابية هي من وظيفة الدولة الايرانية وكذلك الحال ببقية البنود المطروحة والتي حملها بومبيو إليكم.


 
أكاد أجزم يا سماحة السيد، أن خياركم وتوجهكم هو الذهاب إلى التفاوض مع الادارة الاميركية، والقبول بالشروط الموضوعية التي أنتم أصلا تلزمون أنفسكم بها، وهذا ما يرضى به الله ورسوله، فالامام الحسن عليه السلام قبل بشروط أعظم من تلك المطروحة عليكم بآلاف المرات ووقّع الصلح مع معاوية وتخلى عن خلافته الالهية حفظا للبلاد والارواح .

 

فكل ما نرجوه منكم وأنتم ذاهبون إلى التفاوض مع الادارة الاميركية، أن لا تميلوا إلى آراء تلك الرؤوس الحامية، وأن لا تعتبروا أن تحريك جبهة هنا او هناك قد يحسن شروط التفاوض لديكم، وأن طريق قوة إيران هي بالحفاظ على ما تبقى لها من مناصرين يجب الحفاظ عليهم تماما كما تحافظوا على الشعب الايراني، ففتح جبهة لبنان أو العراق أو اليمن أو أي جبهة أخرى إنما ستجعلكم تذهبون في آخر المطاف إلى طاولة المفاوضات على أشلاء مناصريكم ليس أكثر، مما سيضعف شروط التفاوض وليس العكس.


 
سماحة السيد، نعلم وتعلم أن العدو الاسرائيلي وكما سكت طويلا على دخولكم الحرب إلى جانب بشار الاسد، وخصومكم بالمنطقة لا يحّبذون لكم الوصول إلى طاولة المفاوضات ولا يتمنونها أصلا بل كل ما يرغبون به لكم هو الدخول في حرب يسعون إليها ويتمنونها لكم .. وعليه فإن الذهاب سريعا إلى المفاوضات مع الاميركي هي الخطوة الشجاعة وبها ترد كيد أعدائكم إلى نحورهم، وأن أي كلام غير ذلك يأتيك من جماعة الحرس (في الداخل الايراني أو في الخارج) هو التهلكة بعينها،  والسلام .