أميركا ترسم خطوطًا حمراء لإيران في العراق
 

وضعت زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى بغداد أول من أمس الثلاثاء، الحكومة العراقية أمام مسؤولياتها في ظل تزايد التصريحات الإيرانية التي تتضمن تهديدات مباشرة.

كما عكست صلابة إستراتيجية واشنطن في تنفيذ العقوبات على إيران، وجدية واضحة من إدارة الرئيس دونالد ترامب في رسم خطوط حمر أمام طهران والتلويح بردود قاسية إذا ما غامرت هي أو أذرعها بأي تهور ميداني ضد القوات أو المصالح الأميركية في الشرق الأوسط.

وفي السياق، قالت مصادر صحيفة "العرب اللندنية" أن "بومبيو أبلغ رئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس الحكومة عادل عبدالمهدي، بأن الولايات المتحدة لن تتخذ خطوة الحرب الأولى ضد إيران، لكنها لن تتردد في حماية أمن بعثتها وجنودها في العراق"، وتابعت أن "بومبيو قدم للعراقيين تصورًا معززًا بالأدلة، عن خطط إيرانية يمكن تطبيقها في أي لحظة لتصعيد التوتر في المنطقة"، مشيرةً إلى أن "الوزير الأميركي قدم للمسؤولين العراقيين أدلة استخبارية تشير إلى تخطيط مجموعة عراقية على صلة بإيران لتنفيذ عملية عسكرية ضد مجمع يضم قوات أميركية شمال بغداد، وآخر غربها".

كما شملت المعلومات أيضًا "خططًا تتعلق بمهاجمة مبنى السفارة الأميركية في بغداد عبر صواريخ قصيرة المدى"، فضلًا عن "خطط إيرانية جدية لإغلاق مضيق هرمز″، وفقًا للمصادر التي زادت أن "بومبيو تطرق إلى تهديد إيراني حقيقي يستهدف مصالح دول تقع على الخليج العربي"، وأضافت أن "وزير الخارجية الأميركي سأل المسؤولين العراقيين الذين قضى معهم أربع ساعات، صراحة ما إذا كانت بلادهم قادرة على حماية أمن البعثة الدبلوماسية الأميركية والجنود الأميركيين العاملين في البلاد"، مؤكدة أن "بومبيو سمع تعهدًا عراقيًا صريحًا بهذا الأمر".

علمًا، أن "هذه الزيارة جاءت في ظل تقارير تؤكد تنامي نفوذ قوات الحشد الشعبي على حساب الحكومة العراقية، ما تسبب في إثارة القلق في واشنطن".

وفي المقابل، ذكرت مصادر سياسية عراقية نقلًا عن "اللندنية" أن "فصائل في قوات الحشد الشعبي مرشحة فوق العادة للمشاركة في أي تصعيد ميداني ضد الولايات المتحدة الأميركية في العراق"، مشيرةً إلى أن "هذه الفصائل يمكنها استلهام نمط الجماعات التكفيرية في التمرد، من خلال استخدام السيارات الملغمة والعبوات الناسفة، وحتى الانتحاريين".

في غضون ذلك، أكد المبعوث الأميركي الخاص للتحالف الدولي ضد تنظيم داعش بريت مكغورك، أن "زيارة بومبيو إلى بغداد هي محاولة للحد من مخاطر سوء الفهم، فضلًا عن عدم وجود قنوات دبلوماسية للولايات المتحدة مع إيران"، وقال إن "الزيارة خطوة ذكية للقاء القادة العراقيين وجهًا لوجه، وأنها تضمن المزيد من التواصل، وهذا أفضل للحد من مخاطر سوء الفهم وسوء التقدير"، مشيرًا إلى أن "عدم وجود قنوات دبلوماسية مع إيران يزيد الحاجة إلى التواصل غير المباشر عبر بغداد".

وعلى خلفية ذلك، يقول مراقبون أن "مكغورك يقدم المزيد من الشرح لمقاصد الزيارة المفاجئة التي قام بها بومبيو إلى العراق، لاسيما في ما يتعلق بضرورة قيام بغداد بتقديم شرح واف للإيرايين بشأن حراجة الموقف".

ويُذكر، أن "المراقبون يعتقدون أن واشنطن ليست لديها أسرار تودعها في بغداد فهي لا تثق بالحكومة العراقية من جهة علاقتها بإيران، لذلك حضر بومبيو بنفسه ليؤكد أن الأميركيين جادون في الرد على أي اعتداء تتعرض له أهداف أميركية على الأراضي العراقية محملًا حكومة عبدالمهدي المسؤولية".

في مقابل ذلك، قلل مراقب سياسي عراقي من القول بأن "الولايات المتحدة تعتمد في حماية سفارتها في بغداد على الجهات العراقية"، مشيرًا إلى أنه "إضافة إلى الشركات الأمنية التي تتولى القيام بذلك مباشرة، تمتلك الولايات المتحدة عيونا داخل الجماعات المسلحة الموالية لإيران، تزودها بالمعلومات أولًا بأول، وهو ما يجعلها على اطلاع على تحركات تلك الجماعات من أجل إفشالها في وقت مبكر"، وقال نقلًا عن "العرب" أن "ما يهم الولايات المتحدة أن تحرم إيران من لعب أوراقها في العراق وهو مضمون التحذير الأميركي الذي حمله بومبيو إلى الحكومة العراقية في زيارته القصيرة، وهو تحذير يضع الحكومة العراقية في مواجهة مع الميليشيات التي تعتقد طهران أن في إمكانها إشغال الولايات المتحدة عن هدفها الرئيسي، أي استهداف إيران".

كما اعتبر أن "الحديث عن انقطاع قنوات الاتصال بين الولايات المتحدة وإيران فيه الكثير من التبسيط، ذلك لأن الطرفين يملكان وسطاء يطمئنان إليهم أكثر من اطمئنانهم إلى الجانب العراقي الذي صار أشبه برهينة بأيدي زعماء الميليشيات الموالين لإيران، وهو ما يزعج الإدارة الأميركية غير أنها تتعامل معه بحذر، في انتظار أن ينجلي الموقف".