تبدو الاضرابات والاعتصامات المقموعة بعصا السلطة دلالة راسخة على عدم احترام مبدأ الديمقراطية في لبنان وهذا ما يشير الى أن هناك قمعاً عنيفاً تحت قناع الديمقراطية
 

باتت الطبقة الوسطى فوق خط الفقر بمترين ومع الميزانية الموعودة، ستسقط هذه الطبقة في حفرة الفقر بما يعني نهاية طبقة نمت طيلة عمر الوطن لتصل الى حافة الموت بعد ضياع لبنان واغراقه بالديون ووحول الفساد وعودة سياسة المزارع التي نهبت وأكلت كل أخضر ولم تترك يابساً في ظلّ حكومات متخمة وتزداد ثراء،ً وهذا ما أسّس لمرحلة طويلة من الأزمات المتلاحقة والتي نشهد اليوم أحد أهم مخاطرها على اللبنانيين الذين باتوا أكثرية فقيرة محكومة من قبل طبقة غنية تمسك بالمال العام وتلعب به كما تشاء وتصرفة كيفما شاءت.

لم تكن استفادة اللبنانيين من مال الدولة بحجم رفع الفقر والحرمان عنهم وكانت الأموال الوافدة تغطي عجز السلطة في توفير الخدمة العامة كما يجب وضمن المواصفات المطلوبة واعتمد اللبنانيون مؤخراً على أموال الاغتراب وعلى المساعدات الخارجية  وعلى المال السياسي بشقيه العربي والعجمي وبعد تراجع أدوار هذه الأموال من الاغتراب الى السياسة سقط المجتمع المعوّل عليها في ضيقة مالية دفعته الى المطالبة بحقوقه بعد سكوت طويل اذ لم يشهد لبنان تحركات مطلبية الاّ في الآونة الأخيرة وهي متهمة من قبل فئات شعبية من قبل أدوات السلطة لهذا كانت كل مسيرات الطوائف وأحزابها مسيرات لا علاقة لها بالهمّ الاجتماعي والاقتصادي بل على علاقة بالمحاور وحروبها القائمة في المنطقة.

إقرأ أيضًا: من لبنان السويسري إلى لبنان الصومالي

وقد أدّت هذه الحروب الى كوارث هائلة طالت الدول المعنية فيها وكانت نتائجها واضحة المعالم في لبنان من خلال الخلل في الالتزامات المالية للعرب والعجم والذي هدّد مجموعات كبيرة من اللبنانيين كانت مستفيدة مباشرة مما تضخه المملكة العربية والجمهورية الايرانية على وجه الخصوص من أموال سواء عن طريق المساعدات أو الهبات أو ما بينهما.

هذا الشح في المصادر اضافة الى بؤرة الفساد الموجودة في لبنان عوامل حقيقية أدّت الى نشوء أزمة أكبر من امكانية السلطة خاصة وان الدول "المتعاطفة" مع لبنان قد هربت منه لسوء سياساته ودفعته الى ضرورة الاصلاح في بنية الدولة ولأن الغرابة تكمن في الاصلاح لا في المصلحين على سبيل النكتة طبعاً وقع لبنان تحت خط العجز الكامل وهنا أصيب ماشرة اللبنانيون دون السلطة لأن السياسيين بمقدورهم الاستمرار الى ما لا نهاية في أزمة لبنان الافتصادية كونهم أصحاب نعم وهي لا تُعدّ و لاتحصى وهم متهيؤون لكل الظروف وقادرون على الاستمرار وعلى الاستثمار في الأزمة والخسارة الواقعة هي في الخاصرة الرخوة في المجتمع أيّ في المواطنيين ذوي الدخل المحدود والذي بات مهدّداً حتى في محدوديته من خلال تآكل قيمته الشرائية من جهة وتخفيضه من جهة أخرى أيّ يصبح راتباً بلا معنى.

تبدو الاضرابات والاعتصامات المقموعة بعصا السلطة دلالة راسخة على عدم احترام مبدأ الديمقراطية في لبنان وهذا ما يشير الى أن هناك قمعاً عنيفاً تحت قناع الديمقراطية وهذا ما يضع لبنان من ضمن صيغ الأنظمة القائمة في العالم العربي ويدفع البعض به الى أن يكون نسخة طبق الأصل عن النظام الأمني المعتمد في سورية وأنظمة أخرى لم يستطع الربيع العربي من اسقاط حكم العسكر فيها.