في تقرير نصف سنوي نُشر امس، أشار غوتيريس الى أنّ الحكومة اللبنانية الجديدة تعطي أولوية للوضع الاقتصادي، وأكّد أنّ «من المهم أيضاً الانصراف إلى إعداد استراتيجيا دفاعية وطنية»، مشدداً على «ضرورة أن تحتكر الدولة (اللبنانية) امتلاك واستخدام الأسلحة إضافة إلى استخدام القوة، وهي قضية رئيسية (تندرج) في صلب سيادة لبنان واستقلاله السياسي».
وقال، إنّ «هيمنة أسلحة خارج سيطرة الدولة، يضاف إليها وجود ميليشيات مسلحة، لا يزالان يهددان أمن واستقرار لبنان»، موضحاً أنّ «استمرار «حزب الله» في امتلاك وسائل عسكرية متطورة خارج سيطرة الدولة اللبنانية يثير قلقاً كبيراً».
ولاحظ غوتيريس أنّ استمرار تدخّل ميليشيات «حزب الله» في النزاع في سوريا قد يؤدي إلى «إغراق لبنان في نزاعات اقليمية ويهدّد استقراره وكذلك استقرار المنطقة».
وقال: «أجدّد مطالبة «حزب الله» وجميع الأطراف الآخرين المعنيين، بالامتناع عن أي نشاط عسكري داخل أو خارج البلاد، تنفيذاً لبنود اتفاق الطائف والقرار 1559» الصادر العام 2004.
ودعا غوتيريس «الدول التي تربطها صلات وثيقة بـ»حزب الله» الى تشجيعه على تسليم سلاحه بحيث يكون حزباً سياسياً فقط»، في إشارة إلى ايران.

بومبيو
في السياق، أكّد وزير الخارجية الأميركية، مايك بومبيو، أنّ الولايات المتحدة تواجه تحدّيات في المنطقة، كـ»حزب الله» في لبنان، والحوثيين في اليمن، و»ذلك بسبب إيران».
وأشار إلى أنّ فيلق القدس يقود حملات إيران الإرهابية في جميع أنحاء العالم، ومنها «حزب الله» والحوثيون، مؤكّداً أنّ عناصر الفيلق يعملون بأمر من قيادة الحرس الثوري وهم «عائلة مافيا».
وأوضح، أنّ الحرس الثوري يملك نحو 20 في المئة من الاقتصاد الإيراني، ويسيطر على صناعة البناء، وهو القطاع الأكبر في الاقتصاد الإيراني. وقال: «مهمتنا واضحة وهي كبح قدرات فيلق القدس، وتقليل قدرته على إنفاق ما بين 700 مليون دولار ومليار دولار في السنة على حزب الله».

حضور مصري
داخلياً، توزعت زيارة رئيس الوزراء المصري على ثلاث محطات، الاولى في القصر الجمهوري، حيث زار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وكان لقاءً ودياً، بحسب ما وصفته مصادر ديبلوماسية لـ»الجمهورية»، ما عكس عاطفة القيادة المصرية تجاه لبنان، ورغبتها الدائمة في رؤية لبنان الشقيق آمناً ومستقراً، ويسير نحو الازدهار، مع التأكيد على وقوف مصر الى جانب لبنان، واستعدادها الى ان تمدّ له يد العون في شتى المجالات».
ولفتت المصادر الى ما وصفتها الأهمية الاستثنائية التي تكتسيها زيارة رئيس الوزراء المصري الى بيروت في هذا التوقيت بالذات، خصوصاً انّ مصر تعتبر لبنان، برغم مساحته الجغرافية الصغيرة، يشكّل عنصراً أساسياً من ضمن الأسرة العربية، التي تشدّد القاهرة على التضامن في ما بينها تداركاً لأي احتمالات يمكن ان تطرأ، في ظل الظروف الإقليمية والدولية.
وبحسب مصادر مواكبة للقاء، فإنّ الرئيس عون، أعرب عن تقديره للدور الذي تقوم به مصر، حيال القضايا التي تخدم الدول العربية، حيث وصف عون الوضع العربي الراهن بأنّه صعب نتيجة تنقل الاضطرابات من دولة إلى أخرى.
ودعا عون إلى عمل عربي سريع لتفادي المزيد من التدهور. وأبلغ ضيفه، بأنه وجّه دعوات عدة إلى الدول العربية، سواء في القمم التي عُقدت خلال السنوات الثلاث الأخيرة، أو في مناسبات مختلفة، للتضامن والتعاون لوقف هذا التدهور، معرباً عن أمله في أن تجد هذه الدعوات صداها في القريب العاجل.

في عين التينة
والمحطة الثانية كانت في عين التينة، حيث التقى رئيس الوزراء المصري رئيس مجلس النواب نبيه بري. ووصف رئيس المجلس اللقاء بالمريح، حيث تمّ فيه التطرّق مطولاً الى العلاقات الثنائية والتاريخ المشترك من العلاقات الاخوية المبنية على الود والتعاون في شتى المجالات. ومن هنا تمّ التشديد على اهمية فتح مجال التعاون الاستثماري بين البلدين على اوسع ابوابه.
وبحسب المعلومات، إستعرض الجانبان اوضاع المنطقة، والتطورات التي تتسارع في اكثر من دولة، مع التشديد على انّ هذا الامر من شأنه ان يزيد الوضع العربي وهناً وتأزماً. وشدّد الرئيس بري على أنّ الكل يعلم كم أنّ لبنان بحاجة الى استثمارات عديدة خصوصاً من الشقيقة الكبرى مصر. امّا رئيس الوزراء المصري، فأشار الى انّه ناقش مع بري العديد من القضايا التي تهمّ الدول العربية، كما تمّ التطرق الى الجوانب المختلفة في هذه الزيارة. واكّد انّ مصر على أتم الاستعداد لتقديم الدعم للبنان في ملف الطاقة والكهرباء. مع الاشارة هنا الى انّ بري رحّب بهذا الامر.

السراي
والمحطة الثالثة، كانت في السراي الحكومي، حيث التقى مدبولي رئيس الحكومة سعد الحريري، وأعقب ذلك مساء توقيع الطرفين لمذكرتي تفاهم، الأولى تتعلق باستيراد مواد بناء الى لبنان، والثانية هي محضر إجتماعات اللجنة العليا اللبنانية- المصرية المشتركة المنعقدة في بيروت.
وقال الحريري في مؤتمر صحافي مشترك مع مدبولي: «ركّزنا خلال اللقاء على كيفية زيادة التعاون الاقتصادي بين البلدين وقررنا العمل على إزالة العوائق في هذا الاطار».
اما رئيس الوزراء المصري فأعلن أنّه نقل رسالة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تؤكّد كل الدعم الى لبنان، ومشدداً على أن أمنه من أمن مصر. كما أكّد أنّ الفترة المقبلة ستشهد تعميقاً للتعاون بين لبنان ومصر، لافتاً الى أنه من الضروري زيادة العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
وإذ أعرب عن ثقته بقدرة الحكومة اللبنانية على تخطّي اي صعاب، أكّد «انّ الفترة القادمة ستشهد تعميقاً للتعاون»، وقال: «يجب أن نزيد العلاقات الاقتصادية بين بلدينا ونمكّن القطاع الخاص من التوسّع في البلدين، وأن يكون لدينا مجال للخروج الى أسواق أخرى، لأنّ هناك مزايا تميّز الشركات والقطاع الخاص في الدوليتن، كما نشجع فكرة إنشاء شركات مشتركة قادرة على الاستثمار بين البلدين وفي القارة الافريقية».

 
 

الوزير الاسباني
في جانب آخر، كان موضوع قوات الطوارىء الدولية في الجنوب (اليونيفيل) وكذلك ملف النازحين السوريين ومؤتمر «سيدر»، هي النقاط الرئيسية التي شملتها محادثات وزير الخارجية الاسبانية مع المسؤولين اللبنانيين. وفيما اكّد الوزير اهمية «سيدر»، لفت الى انّ توصياته فرصة للبنان تدلّ الى ثقة المجتمع الدولي به وبامكاناته، معرباً في الوقت نفسه عن تضامن بلاده مع لبنان في ملف النازحين.
وخلال اللقاء بالوزير الاسباني، أعرب رئيس الجمهورية عن اسفه لأنّ الاتحاد الاوروبي لا يتّخذ موقفاً مشجعاً بالنسبة الى عودة النازحين السوريين الى بلادهم، على رغم من انّ اسباب العودة متوافرة بعد استتباب الامن والاستقرار في معظم الاراضي السورية، وإعلان المسؤولين السوريين ترحيبهم بهذه العودة وتقديمهم كل الرعاية للعائدين. وقال عون: «انّ لبنان أمّن حتى الآن العودة لـ 194 الف نازح سوري من اراضيه، ولم تَرد معلومات عن تعرّضهم لأي مضايقات، وهذا ما اكّدته تقارير المنظمات الدولية الموجودة في سوريا»، مشيراً الى انّ لبنان «يتطلع الى تغيير في الموقف الاوروبي يسهّل هذه العودة تحت رعاية المجتمع الدولي، لئلا تشتد تداعيات هذا النزوح على الاوضاع كافة في لبنان، ونُجبر على اتخاذ خطوات لتنظيم العودة مع الحكومة السورية».

الموازنة
على صعيد الموازنة، ما زالت رحلة النقاش فيها في مجلس الوزراء عالقة في حقل التباينات حول الأساسيات، وخصوصاً ما يتعلق بالتخفيضات والجهات التي ستشملها، فيما أمكن انجاز 42 مادة، على ان يُستكمل النقاش في جلسة تُعقد ظهر الاثنين المقبل.

خليل
وبعد الجلسة، قال وزير المال علي حسن خليل: «قطعنا جزءاً لا بأس به من دراسة بنود الموازنة، وهناك تلطيف لبعض البنود وتغيير محدود لبعض المواد دون ان تكون هناك تغييرات جوهرية. كما جرى نقاش حول موضوع رفع الفائدة من 7% الى 10% وتمّ الاستماع الى كل الآراء وتأجّل البت في هذه المادة الى الجلسة المقبلة».
ولفت خليل الى انّ «لا احد يفكّر بحرمان التقديمات للعسكريين من الطبابة ومساعدات مدرسية وسواهم من الموظفين في المؤسسات العامة. وهذا الامر غير وارد على الاطلاق».
وقال: «كنا بحثنا امس ( الاول) في موضوع توحيد التقديمات الاجتماعية. اما بالنسبة لضريبة «ر8» فهي تحتاج الى إعادة نظر من الآن حتى اقرارها، وكي لا يُظلم احد وتتراكم الغرامات على الموظفين الذين لم يكن لهم علم بهذه الضريبة، كما أُقرّ اقتراح اعفاء من الغرامات على هذه الضريبة». واشار الى أن «هناك إعادة نظر بوضع مرفأ بيروت بأكمله هو وغيره من المؤسسات العامة».

اعتراضات
واللافت، انّ هذا النقاش يسير بالتوازي مع تزايد حركة الاعتراضات، وكذلك مع استمرار الاضراب في المرافق الحيوية ومعظم الادارات الرسمية، ومنها امس، كان انضمام موظفي «مصرف لبنان» الذين تظاهروا، منعاً للمس برواتبهم ورواتب عائلاتهم، خصوصاً أنّ الموظفين لم يستفيدوا من سلسلة الرتب والرواتب التي استفاد منها القطاع العام، وذلك لأنّ ميزانية مصرف لبنان مستقلة عن ميزانية الدولة، ورفضاً للمس بالاشهر الاساسية والإضافية التي يتقاضاها موظفو المصرف والمستحقة لهم بموجب القانون الذي ينظم عمل مصرف لبنان، الذي ليس له علاقة بمالية الدولة. واعلن الموظفون انّه اذا «أُقرّت الموازنة كما هي وكانت فيها البنود المتعلقة برواتب مصرف لبنان او بالتقديمات الملحقة برواتبهم، فالاضراب المفتوح بدءاً من الاثنين، علماً انّ اليوم، هو يوم اضراب ثانٍ لموظفي مصرف لبنان».

إعتكاف قضائي
الى ذلك، أعلن نادي القضاة في بيان «أنّ مجموعة من قضاة لبنان عقدت اجتماعاً امس، في القاعة العامة لمحكمة التمييز لمدة 4 ساعات، حضر رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد جزءاً منه، وعرض الحاضرون ما يمسّ الوضع القضائي في مشروع الموازنة التي تدرسها الحكومة.
وخلال الاجتماع، لفت القضاة إلى أنّ «موازنة وزارة العدل لا تصل إلى نصف في المئة من إجمالي الموازنة، بما فيها رواتب القضاة، وبالتالي هي غير مؤاتية لتجد فيها الحكومة ضالتها لإنقاذ الدولة مالياً، وإلى أنّ صندوق تعاضد القضاة، الذي يقتطع نسبة كبيرة من رواتب القضاء، هو الذي يقوم على طبابة القضاة وأولادهم، علماً أنّ الصندوق يقع في العجز بشكل شبه دائم».
واعلن البيان، «انّ القضاء سلطة لا يجوز المساس بضماناتها وأمنها الاجتماعي من دون موافقتها»، ولفت الى انّ «القضاة وجدوا أنفسهم مضطرين إلى الاعتكاف التحذيري لغاية الأربعاء في 8/5/2019 على أن يقوموا حصراً بتسيير طلبات الموقوفين لناحية تخلية السبيل او الترك، ودعوة المساعدين القضائيين إلى مواكبتهم كونهم يستفيدون من صندوق التعاضد المستهدف. ثم يتمّ بعدها الانتقال إلى الاعتكاف الشامل المفتوح، إن لم تعزز الحكومة في مشروعها الوضع المعنوي قبل المادي لناحية دعم السلطة القضائية في كل تفصيل، والقضاة مستعدون لبيان الكيفية، علماً أن أموال المؤتمرات لن تأتي من دون سلطة قضائية فاعلة مستقلة».
وقرّر القضاة «ابقاء الاجتماعات مفتوحة لغاية الاجتماع الكبير يوم الأربعاء عند العاشرة في قاعة محكمة التمييز».

وزني
الى ذلك، سجّل الخبير الاقتصادي غازي وزني عبر»الجمهورية» ايجابيات وسلبيات على الموازنة. فإيجابيتها انّها خفضت العجز من 11,5% الى 8,8% من الناتج المحلي، وانها تخلو من الاجراءات الضريبية المؤلمة، بحيث لا تتضمن رفع الضريبة على القيمة المضافة من 11 الى 15% ولا تتضمن زيادة رسم البنزين 5 آلاف ليرة، علماً انّ بعض القوى السياسية تريد ادراج هاتين الضريبتين على اعتبار انهما يؤمّنان 1700 مليار ليرة ايرادات للدولة (1300 TVA) و 500 (بنزين).
اما في السلبيات، فإنها موازنة اقل من التوقعات؛ رقمية، حسابية، هدفها الوحيد خفض العجز، متواضعة في اصلاحاتها، محدودة في تقشفها، من دون رؤية اقتصادية واجتماعية وغير محفزة للاقتصاد، بمعنى انها تفتقد للاجراءات التحفيزية للنمو او للاستثمار. فلا اصلاحات لخدمة الدين، لا توجد رؤية لكيفية وقف تنامي خدمة الدين. ولا اصلاحات يُستفاد منها في الكهرباء او لزيادة النمو.