مؤتمر أستانة بين النجاح والفشل والاستغلال
 

انتهى مؤتمر الآستانة دون توافق على مسودة دستورية أو على لجنة صياغة لمسودة دستورية ووعدت الدول الضامنة روسيا وتركيا وايران بتوافق قادم مع موعد آخر ريثما تنضج ظروف غير ناضجة حتى الآن. وانهى المجتمعون المؤتمر ببيان ختامي تضمن التأكيد على قرار الأمم المتحدة المرتبط بالحل السياسي وعلى ضرورة اعمار سورية من قبل دول الغرب والمجتمع الدولي باعتبار أن فاقد الشيء لا يعطيه فكل من الدول الضامنة تحتاج الى مساعدات عاجلة لتجاوز التأديب الأميركي لها من خلال عقوبات صارمة طالت البلدان المذكورة.

من المؤسف أن تتراجع الدول المعنية مباشرة بالأزمة السورية والانكفاء عن المشاركة والمساهمة بالاعمار وعن تعديل الدستور لصالح السوريين لا لصالح مصالحهم المختلفة والتي تتراوح ما بين الابقاء على النظام السوري كما كان أي ابقاء الدولة الأمنية وعدم المضيّ قدوماً في الدولة المدنية وهذا جوهر الموقف الروسي الذي يحتال بطريقة مكشوفة لتثبيت النظام الأمني الذي يشبهه مع إدخال عناصر صديقة لها في أيّ حكومة جديدة تحت عنوان معارضة من جماعة المنصّة الروسية.

إقرأ أيضًا: جائعون ولكن الشعب راض بأنياب الذئب

في حين أن تركيا تريد حكومة تكون جماعة الاخوان فيها وازنة وذات صلاحيات لا مجرد مشاركة سياسية سطحية لتوفير واعطاء النظام الحالي شرعية حكم على أن تستبعد الأطراف الكردية المقاتلة لقيام الدولة الكردية والتي تواجه أنقرة في الأمن والسياسة وبالتالي حكومة موقعة على مصالح تركيا الحسّاسة في سورية من الماء الى الأرض فالسياسة.

وحدها ايران غير معنية بضرورة التوافق على مستقبل سياسي جديد في سورية كون مصالحها مرتبطة مباشرة في نظام محكوم من قبل بيت الأسد فقط دون غيره وغير ذلك يعني اضعاف ايران في سورية وهذا ما لا يرضيها ولا يرضي حجم تضحيتها وبالتالي هي أحوج ما تكون الى ابقاء الوضع السوري على ما هو عليه من تشظي ريثما تتاح شروط جديدة لعلاقات أميركية – ايرانية تلبي ما في يدّ ايران من أوراق في المنطقة ومنها الورقة السورية.

إقرأ أيضًا: تظاهرة بيروت الى أين؟

طبعاً لن ننجر الى الحديث عن السوريين الحاضرين دون دور في الاستانة سواء كانوا من أهل النظام أو من أهل المعارضة التي تشبه النظام لأنهم خارج دائرة السيطرة وهم لا حول ولا قوّة لهم لأن الدول الضامنة وحدها تقرّر عن السوريين ما هو مطلوب منهم دون أن يكون لهم الخيرة من أمرهم.

لهذا كانت مؤتمرات الآستانة للبحث في هوية سورية الدستورية مجرد ديكور أيّ انه مجرد شكل لا مضمون له ولهذا لا يتعثر بقدر ما هو طبيعي نتيجة عدم توفر الشروط المطلوبة كيّ تكون مؤتمرات ناجحة وبالتالي أثبتت الدول الضامنة أنها ودون الأمم المتحدة ودول الغرب ودون أميركا تحديداً أنها دول فاشلة وعاجزة  عن حلّ سياسي تكمن شرعيته الحقيقية والفعلية بيد المجتمع الدولي وان أيّ حلّ دون الموافقة الغربية سيكون فاقداً للشرعية الدولية وللأهلية المطلوبة لطيّ صفحات الحرب والبدء بمرحلة سورية جديدة.