مزارع شبعا ليست سوى حجة لتغطية سلاح حزب الله
 
بعد ضمّ الجولان السوري إلى الكيان الإسرائيليّ، دخل السياسيون في لبنان بنقاشات حول مصير مزارع شبعا.
 
وانطلاقًا من كلّ ذلك، أجرى موقع "لبنان الجديد"، مُقابلة خاصّة مع الكاتب السياسيّ، الأستاذ فارس خشان، ليُطلعنا على قراءته حيال هذا الموضوع الدقيق إثر المخاوف التي أثيرت في الآونة الأخيرة.
 
وقال خشان:"أنشأ الاحتلال الإسرائيلي للبنان مشروعيتين: الوصاية السورية على لبنان، وسلاح "حزب الله" الذي لم يُجمع مثله مثل سلاح الميليشيات، وفق ما نص عليه اتفاق الطائف. ومع بدء إعلان إسرائيل عن نيتها الانسحاب من لبنان، وفق منطوق القرار 425، بدأ الكثيرون يطرحون سقوط "المشروعيتين"، ورسمت الأمم المتحدة ما سمّي بالخط الأزرق، أي الحدود الواجب أن تنسحب إسرائيل وراءها حتى تعتبرها الشرعية الدولية قد انسحبت من لبنان".
 
وتابع:"مزارع شبعا لم تكن داخل الخط الأزرق بل خارجه، أي أنها لم تكن، وفق الخرائط المعترف بها دوليا، ضمن الأراضي اللبنانية بل خارجها، إذ إنها اعتبرت أراض سورية احتلتها إسرائيل مع احتلال الجولان"، مُضيفًا:" سورية، وفي سياق خلق مشروعية لمواصلة وصايتها على لبنان، وبالتعاون مع "حزب الله" الذي يريد خلق مشروعية تغطي استمرار امتلاكه لترسانته المسلحة، قالت إن مزارع شبعا لبنانية، فطالبتها الأمم المتحدة بتقديم وثائق تثبت ذلك، ولكنها حتى تاريخه، وعلى الرغم من كل المحاولات، لم تقدم وثائق".
 
 
وشدّد خشان خلال المُقابلة، على أنّ "مزارع شبعا، بمفهوم القانون الدولي، هي غير لبنانية وتاليا فلبنان، في إطار سيادي، لا توجد لديه أراض تحتلّها إسرائيل"، مُعتبرًا أنّ"اللبنانيون، على اختلاف اكثرية منهم يعتقدون بان مزارع شبعا حجة لمواصلة سوريا وصايتها وليؤبّد حزب الله سلاحه، لا أكثر ولا أقل".
 
وأضاف:"عملا بنظرية "الرضى يساوي التعوّد على الرضى"، خرج موضوع مزارع شبعا من التداول السياسي، وتمكن "حزب الله" من فرض شروطه في الداخل اللبناني، وانتقل الصراع السياسي الى مواضيع أخرى، غير أنّ الزعيم وليد جنبلاط، ولأسباب مختلفة، أعاد هذا الموضوع الى الواجهة".
 
وتسأل خشان ان هذا الموضوع يزعج حزب الله، فيجيب:" و من قال ان جنبلاط لا يريد إزعاج الحزب؟"، قائلًا:"في قراءة جنبلاط أن "حزب الله" يقف حقيقة وراء تقسيم الطائفة الدرزية، فهو يخلق قوة معنوية لجمع خصومه الضعفاء في الطائفة ضده، وهو يناصر كل من يقوم بمشاريع تغضب جنبلاط كمعمل الإسمنت في عين دارة، وقبل ذلك كان شريكا حقيقيا في إضعافه في المعادلة الرئاسية ومن ثم الحكومية، كما وصل جنبلاط الى قناعة بأن عواطف بشار الأسد ضده يتبنّى تنفيذها ميدانيا "حزب الله".
 
وعلّل خشان، قائلًا:"جنبلاط لم يقتنع يوما بأن مزارع شبعا ليست سوى حجة لتغطية سلاح حزب الله، أعاد طرح هذا الموضوع بتوقيت يزعج "حزب الله" بقدر ما يقوم به الحزب لإزعاج وليد جنبلاط".
 
وأضاف:"في اعتقادي أن طرح موضوع "حزب الله" على بساط البحث، في هذا التوقيت بالذات، مهم للغاية، فلبنان الذي يكافح من أجل عدم الإنهيار المالي والإقتصادي، عليه أن يحزم قراءته لنقاط ضعفه. صحيح أن التفلّت في الإنفاق مشكلة، وصحيح أن الفساد مشكلة، ولكن الصحيح أيضا أن سلاح حزب الله مشكلة".
 
من جانبٍ آخر، رأى خشان أنّ "سلاح حزب الله مشكلة اقتصادية كبرى، لأن هذا السلاح له ارتباطات إقليمية مستقلة عن ارتباطات الدولة، وتاليا فهو يتجه، في غالبية الأحيان، في اتجاه معاكس لاتجاه الدولة".
وأوضح خشان خلال حديثه:"بهذا المعنى، فإنه بسبب هذا السلاح يبقى لبنان تحت تهديد إسرائيل بشن حرب تدميرية كبرى، وبسبب هذا السلاح تعتري العلاقات اللبنانية – الخليجية مشاكل كبرى، وبسبب هذا السلاح تنظر الأمم المتحدة الى لبنان نظرة سلبية".
 
ورأى خشان أنّ "من يفهم بالإقتصاد، يعرف أن كلفة هذا كله مرتفعة جدا، فوجود سلاح "حزب الله" الخارج عن سيطرة الدولة كابح للإستثمار وجاذب للمخاطر ورافع لكلفة المديونية وضاغط ضد السياحة ومربك لعمل المصارف، ومكلف للمعابر الجمركية وخلافه.وبهذا المعنى، فإن كل محاولات الإنقاذ المالي والإقتصادي، في ظل حزب الله المسلح، هي مجرد محاولات لشراء الوقت".
 
وحول موضوع الإسراتيجية الدفاعية، يعتبر خشان:"لا يمكن الوصول الى استراتيجية دفاعية تعطي الدولة الكلمة العليا في موضوع السلاح الذي يملكه "حزب الله" في ظل موازين القوى الداخلية الحالية، فرئيس الجمهورية "ملكي أكثر من الملك" أي أنه يريد أن يرضي حزب الله بأكثر مما يطمح اليه حزب الله نفسه، وهذا ما يمكن أن يستشرفه المرء من وزيري الدفاع والخارجية، ورئيس الحكومة يريد أن يهتم بالأمور التي تجمع ووضع الأمور التي تفرق على الرف، والقوى السياسية الأخرى هدفها أن تكون شريكة في السلطة وتاليا لن تخوض غمار المعارضة السيادية".
 
وأضاف:"في هذا الوقت، نحن نعرف أن الجيش اللبناني قادر على الدفاع عن لبنان، وحتى تاريخه لم ينتدب لمهمة الا ونجح فيها. فبالنسبة لإسرائيل، وحده الجيش اللبناني قادر على توحيد اللبنانيين ضدها. حزب الله، مهما فعل، فهو لا يوحد اللبنانيين لأنه متهم بالعمل لمصلحة اجندة خارجية. وإسرائيل التي تبني حائطا يعزلها عن لبنان، وبغض النظر عن نياتها العدوانية المبيتة، فهي تعلن انتهاء اهتمامها باحتلال لبنان".
 
ومن ناحية المجتمع الدولي، أكّد خشان أنّ الأخير مستعد الوقوف الى جانب الجيش اللبناني، بمجرد إداركه أنه هو الوحيد المسؤول عن امن وسيادة لبنان".
 
وطرح خشان:"بغض النظر عن هوية مزارع شبعا، فماذا تمكّن "حزب الله" منذ 19 سنة حتى اليوم أن ينجزه، فهلل حرر شبرا واحدا منها؟ هل كبد إسرائيل خسائر لأنها متواجدة فيها؟ ألا تنعم مزارع شبعا بأكبر هدوء في منطقة مشتعلة؟"  
 
واعتبر"إن المشكلة الحقيقية ليست مشكلة تحرير أراض لبنانية محتلة، بل التحجج بذلك لاستعمال السلاح خارج اطار المقاومة وفي سياق أجندة يضعها الحرس الثوري الإيراني، لذلك نجد حزب الله حيث يريد له هذا الحرس ان يكون".
 
وفي الختام، شدّد خشان على "أن إنقاذ لبنان لا يكون بالتذاكي على اللبنانيين والمجتمع الدولي. خارطة الطريق الإنقاذية واضحة، وهي تبدأ بالعمل لتعود الدولة اللبنانية دولة، ومن دون ذلك عبثا يتعب البناؤون".