أمس لم يكن الحراك بحجم الأزمة كان أقلّ منها بكثير وهذا عائد للترويض الطائفي والحزبي لذا لا يمكن التعويل في لبنان على ربيع عربي ما دام الشعب راض بأنياب الذئب .
 

لا أحد يدّعي في لبنان كرامة في عيش وهو شيء مشترك بين اللبنانيين ويكاد أن يكون وحيداً ويتيماً لأن ما يفرقهم أكثر مما يجمعهم وهم طوائف ومذاهب وملل ونحل وغير معنيين بالهوية الوطنية لاستبدالها بهويّات أخرى متعدّدة ولا حصر لها نتيجة انتماءات غير محدودة لأفكار ودول وهذا ما جعل اللبنانيين الحقيقيين قلّة في وطن تسوسه سوسة الطائفة .

وحده الفقر الذي يدق أبواب اللبنانيين يجمع فيما بينهم بعيداً طبعاً عن المترفين من أهل السياسة والسلطة وهذا ما تعكسه باستمرار نوبات الاعتراض على الأزمات الاجتماعية والاقتصادية الضاربة عمقاً في الحياة اللبنانية والتي تعجز الحكومات عن ايجاد حلول مناسبة نتيجة تورط السلطات في المناخات المعطلة للبحبوحة التي عرفها لبنان منذ نشأته وحتى أثناء الحرب الأهلية والى ما بعد الطائف بفترات قليلة .

هبّت الجماهير المتضررة ضدّ أزمة النفايات وحدث ما حدث من حشود وردود فعل وسرعان ما تبيّن أن النفايات أزمة لا حلّ لها طالما أنها تعكس مصالح أطراف مستفيدة من ثروات النفايات ولا توجد أطراف جادة لوضع حدّ لخطورة النفايات البالغة وهذا ما جعل من الحراك المدني في موضوع النفايات مجرد عراضة سورية لا أكثر .

إقرا أيضا : تظاهرة بيروت الى أين؟

 

توالت التظاهرات والاعتصامات ضدّ حكم الأزعر كما رفع المتظاهرون على اختلاف تسمياتهم وبعد تجرّأ عصا السلطة وعصا الطوائف على ضرب المتظاهرين تمّ اسقاط التظاهرات وتمزيقها الى شلل حاولت استثمار جهودها الضائعة والمبعثرة في الاستحقاق النيابي وسرعان ما تبيّن ارتباط الكثيرين منهم في أحزاب السلطة ولم تنجح أدوات أخرى من الحراك المدني في تسجيل هدف في مرمى حكم الطوائف .

تجمّد الناشطون بعيد الانتخابات النيابية رغم أن أزمة ما بعد الانتخابات أكبر بكثير من أزمات ما قبل الانتخابات لأن الافلاس المتعدّد قد قضى تماماً على سلسلة الرتب والرواتب وما عادت الفرحة المؤقتة ذات معنى بعيد تدهور الوضع الافتصادي وبحث الحكومة الحالية عن ما يخفي وجوه الأزمة الخانقة بموازنة متقشفة الى حدّ تعرية المواطن من لباسه طالما أن الأسواق الاقتصادية ميتة وحالات من الشلل التام تطال القطاعات السياحية والزراعية والتجارية وبات القطاع المصرفي مرشحاً هو الآخر للشلل مما يعني أن جموداً قائماً وبقوّة على صدر الاقتصاد اللبناني في ظل توعك معوي للسلطة المعنية بايجاد مخارج للأزمة دون تحميل ما تبقى من طبقة وسطى عبء الحلول وترك الطبقة الميسورة وأكثرها من رعاة السياسة في لبنان خارج دائرة المسؤولية المباشرة وما مسرحية النسب المقترحة لتخفيض رواتب الطبقة السياسية الا لعبة مكشوفة لصالح السلطة التي تريد اظهار اصلاح ما في جدول الرواتب للسياسيين لأن المطلوب هو الغاء الرواتب وما شاكلها من منافع ولفترة طويلة كيّ تستقيم الأمور خاصة وان خيالاً ما يعصف بالأرقام التي يحصل عليها هذا المسؤول أو ذاك ممّا أثار دهشة دول الغرب .

أمس لم يكن  الحراك بحجم الأزمة كان أقلّ منها بكثير وهذا عائد للترويض الطائفي والحزبي لذا لا يمكن التعويل في لبنان على ربيع عربي ما دام الشعب راض بأنياب الذئب .