الخلاف على معمل أو كسارة لا يستدعي أبدًا استحضار مزارع شبعا والقول بعدم لبنانتيها
 

أن يرفع زعيم المختارة سقف مواقفه السياسية في وجه نظام بشار الأسد فهذا أمر ليس بجديد وقد اعتدنا عليه في مراحل متعددة، كان أعلاه في مرحلة ما بعد اغتيال الشهيد رفيق الحريري، وكان منبر 14 اذار منصة طبيعية حينها للقصف الجنبلاطي الشهير الذي أدخل بشار الأسد التاريخ بوصفه طاغية الشام وكقردا لم تعرفه الطبيعة ووحشا من وحوش البراري. 

أما أن تكون قناة "روسيا اليوم" هي المنبر لاستعادة الهجوم المستجد واعتبار بشار الأسد "أكبر كذاب في العالم"؟ مستعيدًا نفس تلك الأجواء القديمة فهذا يعني أن تحولًا كبيرًا في السياسة الروسية هي على مشارف الظهور، وأن وليد جنبلاط هو الأقدر على قراءتها والبوح بها. 

إقرأ أيضًا: حزب الله، يتخلى عن المستضعفين لمصلحة الطبقة السياسية

المستمع بإمعان لحوار الزعيم التقدمي بالأمس مع الإعلامي سلام مسافر على قناة "روسيا اليوم"، يدرك سريعًا بأن التصعيد عال اللهجة مع حزب الله هو أبعد بكثير من مجرد خلاف على معمل الإسمنت، وحكم مجلس شورى الدولة بوقف تنفيذ قرار الوزير وائل أبو فاعور بالغاء الترخيص الذي كان قد اعطاه وزير حزب الله حسين الحج حسن لكسارة ال فتوش في عين داره. 

فالخلاف على معمل أو كسارة لا يستدعي أبدًا استحضار مزارع شبعا والقول بعدم لبنانتيها، ولا فضح رسالة بشار الاسد وطميناته للعدو ولا الحديث عن التغييرات الديمغرافية في سوريا ومنع عودة اللاجئيين. 

فإذا ما أدرجنا كل هذه المواقف الجنبلاطية من دون الأخذ بعين الإعتبار المستجدات المتلاحقة على الساحة الدولية ومن ضمن إطار السخونة المرتفعة على خط التصادم الإيراني الأميركي، وما يحكى عن مواجهة عسكرية مرتقبة نكون كمن يشكك بقدرات وليد بك التحليلية التي يجمع القاصي والداني على حسن أداء راداراته الدولية. 

إقرأ أيضًا: قيادة جديدة للحرس الثوري ... أيها اللبنانيون تجهزوا للحرب

المراقبون كانوا حتى الأمس يتقفون اثار الموقف الروسي من التحولات الكبرى، وماذا سيكون دور روسيا إذا ما اشتعلت الحرب في المنطقة وهل أنها في وارد الوقوف على الحياد السلبي وترك الحليف الإيراني والسماح بالقضاء عليه وعلى نفوذه بالمنطقة أم أن اللحظة لم تحن بعد وبالتالي كان هنالك من يتوقع أن تلعب روسيا دور تأجيل هذا الصدام.  

أعتقد أن لقاء وليد جنبلاط على قناة "روسيا اليوم" بالأمس ومواقفه الصاروخية لم تكن رسالة جنبلاطية بقدر ما هي رسائل روسيا إلى من يعنيهم الأمر من الحلفاء قبل الخصوم .. مما يعني أن وليد جنبلاط بالأمس كان يتحدث بالروسي وليس باللبناني.