الأنظار ستكون مشدودة الى بنود الموازنة الجديدة ومدى تأثيرها المباشر على الناس.
 

يختلف اليوم السياسيّون على بعض العناوين الصغيرة لموازنة كبيرة ويرى الكثيرون أنها ستكون نقطة ارتكاز لموازنات لاحقة، ولكن هذا الخلاف يبقى محكوماً بسقف هذه الموازنة الذي يحدده السياسيون أنفسهم بطريقة ترضيهم أولاً ثم يتم بعدها التطلّع الى مصلحة البلد وسكّانه.

 وعليه، لا يجب انتظار الكثير من الحلول الناجعة، بل مجرد حلول موقّتة تسمح بالعودة الى التنفّس الطبيعي لفترة محدودة، قبل ان نعود الى مواجهة المشاكل نفسها الّتي لم يتم القضاء عليها، بل فقط طمسها لمدة محدودة من أجل تنفيس الإحتقان الداخلي والايحاء بأن انجازات كثيرة قد تحققت، علماً أن الانجاز الوحيد الذي يجب أن يتحقّق منذ زمن طويل، كان قطع رأس الفساد والهدر المستشري، ولكن بعد تعذّر ذلك، من الضروري البدء بهذه المهمّة اليوم قبل الغد.

إقرأ أيضًا: الإصلاح بإجراءات لا تقترب من الفقراء!

لكن كالعادة، ها هو لبنان يفرّط بفرصة ذهبيّة لاصلاح وضعه، أن على الصعيد السياسي أو على الصعيد الاقتصادي والمالي، فالمخاطر التي تهدده جدّية وخطيرة، والمؤسف الاصرار على عدم البحث عن حلول دائمة تنقل البلد من حالة إلى اخرى، بل العودة الى اعتماد الطريقة اللبنانيّة لجهة تدوير الزوايا وارضاء التيارات والأحزاب والاطراف السياسيّة بدل ارضاء المواطن والتفتيش عن السبل الكفيلة باعادة ثقته بالدولة وبالمؤسسات، وبالإجراءات التي سيتمّ اعتمادها للنهوض بالبلد.

علماً انه يمكن القول أن مسودة مشروع موازنة العام 2019 باتت جاهزة بعد إحالة النسخة المعدلة منها من قبل وزارة المالية الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وتشير المعلومات إلى أن النقاشات متواصلة على نار حامية حول مشروع الموازنة بعيدًا عن الاعلام، حيث من المتوقع أن يعقد اجتماع لممثلي القوى السياسية هذا الأسبوع لإعطاء أجوبة الفرقاء السياسيين حول الإجراءات التقشفية القاسية التي ستتخذها الحكومة في الموازنة. 

إقرأ أيضًا: الناس في واد والسلطة في واد والصراع على الصلاحيات يتجدد

كل المؤشرات تدل على نية كل الفرقاء الاستعجال في اقرار الموازنة، التي ستكون هذه المرة بحاجة الى غطاء سياسي بسبب ما ستتضمنه من اجراءات قد تطال الكثير من تلك المحميات السياسية التي استباحت مال الدولة لسنوات، والمس بها من الصعب أن يحصل ذلك من دون رفع الغطاء السياسي، ومن هذا المنطلق تحصل لقاءات في الغرف المغلقة لبحث الإجراءات المنوي اتخاذها بالتفصيل إضافةً إلى مفاعيلها وتداعياتها الشعبية والإجتماعية والإقتصادية. 

إذًا الأسبوع المقبل ستكون الموازنة على رأس قائمة الإهتمامات، وان كان صراع خفي تدور رحاه حول الوجهة التي ستتخذها الدولة لسد العجز وضبط الانفاق، والانظار ستكون مشدودة إلى بنود الموازنة الجديدة ومدى تأثيرها المباشر على الناس.