قضايا الفساد وأوجاع الناس وتصويب الحقيقة ليس بهدف رفع الرايتينغ!!
 

في إطلالته الأخيرة أبدى الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله جملة ملاحظات على الأداء الإعلامي ناقدًا ومتهكمًا على خلفية ما ينقل عن حزب الله، واضعًا بعض الأخبار في سياق السبق الصحفي أو ما أسماه "الرايتينغ" بغض النظر عن صحة أو كذب ما ينشر حسب تعبير السيد نصرالله.

وبدا حسب خطاب السيد نصرالله أن بعض الإعلاميين وبعض المواقع الالكترونية باتت تسبب إزعاجًا ملحوظًا لدى السيد نصرالله وحزب الله بشكل عام، وقد أصبحت المادة الإعلامية المحايدة أو المستقلة مصدرًا للإرباك سواء على المستوى التنظيمي الداخلي أو على المستوى السياسي، بعدما كشفت بعض هذه المواقع عن مكامن الأخطاء والثغرات والفساد، وبعدما أتاحت مواقع التواصل الإجتماعي حرية التعبير بعيدًا عن الرقابة الحزبية المتبعة، وبعيدًا عن سيطرة الحزبية  السياسية التي تعتمد خطابًا إعلاميًا قائما على الرقابة والتوجيه حسبما تقتضيه المصالح والمآرب والاهداف المرتبطة بالتنظيم والسياسة وغيرها.

الإعلام من وجهة نظر السيد نصرالله أن يكون موجّهًا نحو ما يسمّى بثقافة الإستشهاد، الثقافة التي قتلت خيرة شباب الطائفة على مذبح المصالح الدولية، وخدمة لمشاريع الولاية، ولاية الفقيه القابضة على جميع مفاصل وخيارات الطائفة الشيعية. 

إقرأ أيضًا: من سرقة البلد إلى سرقة الرواتب

الإعلام من وجهة نظر السيد نصرالله أن يكون موجهاً نحو الإنتصارات الدائمة، ونحو تعبئة الجماهير بما يريد وبما يجب أن تكون عليه هذه الجماهير من الطاعة العمياء والولاء المطلق على قاعدة "سنكون حيث يجب أن نكون" وعلى قاعدة "ما تفكر نحنا منفكر عنك".

الإعلام من وجهة نظر السيد نصرالله أن يكون موجهاً نحو الطاعة والتصديق لكل ما يراد بثّه في المجتمع الذي يؤمن بفكرة  الغيب وانتظار الفرج حسبما تقتضيه الظروف المصالح بعيدا عن الحقيقة.

ولذلك فإن في نظر السيد نصرالله أي إعلام يقدم الحقيقة هو إعلام مشبوه وهو إعلام عميل، أن تنقل وجع الناس ومعاناة الناس فأنت عميل ومأجور، وأن تتحدث عن الازمات الإجتماعية والصحية والتعليمية وتضيء على الحقيقة وتحدد الأسباب فأنت مرتهن لدول معادية وتحرض ضد الحزب ومسؤوليه، وأن تتحدث عن الفساد في مجتمع المقاومة وبيئتها ومسؤوليها وفي حزب الله فأنت تتحدث وفق أجندة خارجية تهدف للنيل من المقاومة وشعبها وبيئتها، والواقع حتماً هو غير ذلك، لأن الإعلام مسؤولية ورسالة ولأنه كذلك فيجب أن ينقل الحقيقة كما هي وكيفما تكون، لأن الإعلام يسهم في كشف الأخطاء والعيوب والفساد والتقصير ليكون ذلك سبيلًا إلى المعالجة والتصويب وتصحيح الأمور.

الإعلام ليس كما نريد فقط بل كما يجب أن نكون عليه كبيئة ومجتمع وأمة، كما يجب أن نكون عليه من صفات وقيم أخلاقية ودينية وإجتماعية وحزبية.

إقرأ أيضًا: الجمعة العظيمة وآلام اللبنانيين

الإعلام المشبوه هو الإعلام الموجّه الذي يشوّه عقول الناس عن قصد ويشوّه معتقدات الناس وأفكارهم عن قصد، ويبث الرؤى والسياسات والمفاهيم التي تخدم مصالحه وغاياته وأهدافه وهو بذلك يغشّ مجتمعه وبيئته وأهله عن سابق تصور وتصميم، وهو ما يحصل اليوم فيما يسمى بالإعلام الممانع، وهو ما يريده السيد حسن نصر الله عندما ينتقد ويرفض أي إعلام آخر.

لماذا لا يستمع نصرالله إلى الإعلام الذي ينقل معاناة الناس وفي بيئة حزب الله تحديدًا من البقاع إلى بيروت إلى الجنوب، لماذا يجب أن يتعاطى دائمًا بأن أي إعلام ينقل الحقيقة إلى المعنيين والمسؤولين هو إعلام خائن؟

ولماذا يتعمد السيد نصرالله القول أن نقل الوقائع والحقائق هو لأجل السبق الصحفي أو الرايتينغ أو غيره فيما الحقيقة غير ذلك؟

أن يتحدث نصرالله في خطابه الأخير عن الإعلام بهذه الطريقة فذلك مؤشر على أن كل الرسائل تصل بما فيها معاناة الناس ووجعهم وبما فيها قضايا الفساد التي تنهش جسد الحزب قبل غيره ولكن المؤسف أن تأخذ الأمور إلى مكان آخر ومسميات أخرى ليس أقلها الاتهام بالعمالة ولكن يكفي أن تصل كلمة الحقيقة حد الإزعاج.