21 نيسان 1994 هي محطة تدلّ أنّ اللّبنانيّين فينيقيّين مُستقلّين ويملكون خلفيّة ثوريّة
 

حافظ على نهجه السياسي والنضالي، خلال المراحل والحقبات التي مرّ بها لبنان، هو الذي لم يتبدّل ولم يتأثّر بالتغيّرات السياسيّة التي حصلت، فلم يغرُّه مقعدًا من هُنا أوعرضًا من هُناك.

قلّة من الشخصيّات في التاريخ، إستطاعوا الحفاظ على ثوابتهم، حتى لُقِّبَ بـِ "صاحب مبدأ"، هو رئيس حزب القوات اللّبنانيّة، الدكتور سمير جعجع، الذي تمسّك حتى اللّحظة الأخيرة بمبادئه لاسيّما عند إعتقاله لإرتكابه جريمة الدفاع عن سيادة لبنان واستقلاله.

يُصادفُ اليوم، ذكرى إعتقال الدكتور سمير جعجع الـ 24، حين وصلت سيّارة عسكريّة إلى مدخل مقرّ القوات في غدريس، وترجّل منها العميد جان سلوم، قائد فوج المكافحة آنذاك، ليُبلّغ بأنّ مذكرة توقيف صدرت في حقّ جعجع وستُنفذّ بالقوّة إن لم يُرافقهُ، عندها أمر الحكيم بوضع الأسلحة في مكتبه منعاً لأيّ ردّة فعل، وضّب حقيبته وخروج من البوابة الكبيرة، قائلًا:"بشوف وجكن بخير" ثم أمر بإغلاق تلك البوابة وراءه، من هُنا بدأت مرحلة جديدة، مرحلة المقاومة الحقيقيّة.

وللوقوف عند تفاصيل ومعاني تلك اللّحظة التاريخيّة، كان لـِ موقع "لبنان الجديد"، مُقابلة خاصّة مع رئيس جهاز الإعلام والتواصل، السيّد شارل جبّور، الذي رأى أنّ القوات اللّبنانيّة ساهمت في إنهاء الحرب الأهليّة اللّبنانيّة وفي صياغة وتتويج إتفاق جديد وهو إتفاق الطائف، الذي يُحقّق الشراكة بين كافّة الأطراف ويَنصُّ هذا الإتفاق في مضمونه على خروج الجيش السوري من لبنان لإستعادة لبنان سيادته واستقلاله ويزاوج هذا الإتفاق بين الشراكة في الداخل وبين نهائيّة الكيان اللّبناني وعلاقاته الخارجيّة".

إقرأ أيضًا:" السياسيّون اللّبنانيّون في السباق الإفتراضي! "

وتابع جبّور:"حاول النظام السوري أن يضع يده على لبنان بضوء أخضر من الخارج هذا الوضع أدّى إلى عدم تنفيذ إتفاق الطائف والإنقلاب عليه، ففي هذه اللّحظة تحديدًا إصطدمت القوات بالواقع الجديد، الذي يرفض العمل على أسس إتفاق الطائف والذي ينصّ على تسليم السلاح وإنخراط الجميع تحت سقف الدولة اللّبنانيّة، وعندها دخل لبنان للأسف في عصر جديد عصر السورنة، أيّ سورنة لبنان، هذا العصر الذي لم يستطع أن يتقبّل حزب القوات اللّبنانيّة، لذلك أُخِذَ قرارًا بشطبه من المعادلة السياسيّة الجديدة طبعًا الذي يتخذ هذه القرارات عليه أن يُلفّق ملفات قضائيّة، خصوصًا أنّه كان هناك إستحالة باغتيال الدكتور جعجع جسديًّا إنطلاقًا من وجوده في مقرّه السابق في غدريس حيثُ كان مُحصّنًا على المستوى الشخصي وانطلاقًا من هُنا حاولوا ضرب صورته داخليًّا وما بين المسيحيّين".

وقال جبّور:"النظام السوري لا يخشى الشخصيّات المُستقلّة بل يخشى من القوّات المُنظمة ويَعتبر القوات اللّبنانيّة عدوًا إستراتجيًّا إنطلاقًا من الحرب اللّبنانيّة ومن تمسّكها في سيادة لبنان ولاشكّ أنّ السوري يُحاول كان في حينها بسط سيطرته كما فعل العثماني في فترة من الفترات أن يكون إحتلاله لعقود وعصور، لذا حاول السوري ضرب القوّات المُنظمة التي تستطيع مواجهة هذا الوجود والحضور من أجل فرض السيطرة عليه فبدأ بتركيب ملفات قضائيّة".

وأضاف:" والقضاء كان في حينها يُدركُ تمامًا أنّ في حال لم ينصاع إلى المُحتل سوف يكون مصيره القتل ولذلك عندما يرى الجميع أنّ رئيس أكبر ميليشيا على مستوى لبنان أصبح في المُعتقل فسوف تخشى السلطة القضائيّة على نفسها".

 وأردف:"أمام هذا الواقع تمّ دبلجت وفبركت ملفّات الهدف الأساسي منها  هوضرب صورة القوات اللّبنانيّة،  من أجل تشويه صورتها وتعطيلها ووضع رئيسها في المُعتقل، وفي تلك اللّحظة أصبح الوضع الداخلي تماماً تحت سيطرة المُحتلّ السوري وفي هذه اللّحظة تحديدًا تمّ وضع رئيس حزب القوات داخل السجن، عندها إعتقد البعض أنّ بعد هذه الخطوة لبنان لن يتمكّن من إسترجاع سيادته واستقلاله والقوات في 21 نيسان أنتهت وطبعًا هذا باعتبار البعض".

وعن لحظة دخول رئيس القوات اللّبنانيّة إلى الزنزانة، قال:" بدأ بمواجهة من نوع آخر، ولكنّ في الجوهر نفسه وهو المحفاظة على سيادة لبنان وإستقلاله، رغم أنّ الدكتور جعجع خُيّر أن يُغادر إلى الخارج إلى أيّ دولة أخرى، إلّا أنّه رفض ذلك تمامًا وفضّل البقاء في وطنه وأن يدخل إلى الزنزانة وقراره كان قرارًا ذاتيًّا من أجل أن يُعطي للأجيال اللّاحقة أنّ المقاومة تواجه ولا تستسلم، وبهذه الخطوة التي أقدم عليها حافظ على الشهداء وعلى الدمّ الذي أريق فهو لم يُغيّر مساره التاريخي مثله مثل المقاوم وقال في وقتها الدكتور" لي بيسواني بيسوى الشباب على كافّة المستويات" وفي هذا التاريخ بدأت القوات اللّبنانيّة مسارًا جديدًا من لحظة الدخول أعطى ذلك زخمًا للقواتيّين من أجل مواصلة النضال من خلال طرد القوات واستهدافها".

وأوضح:"في هذا الوقت، القوات برهنت أنّ إستهدافها هو إستهداف إستنثابي سياسي وليس قضائي، والقوات توسّعت واستعادت الحضن الوطني وذلك من خلال البطريرك صفير الذي بقي إلى جانب القوات في كافّة الأوقات والظروف وأطلق صرخة تاريخيّة في أيلول من العام 2000 ومن بعدها لقاء قرنة شهوان، ومُصالحة الجبل التي متّنت العلاقة مع طائفة الموحدين الدروز وعلى رئسها وليد بيك جنبلاط، وهذا الإنفتاح أدّى إلى لقاء البريستول ومن بعدها ثورة 14 آذار ولا ننسى إستشهاد رفيق الحريري الذي تكلّل بخروج المحتل السوري".

وقال:"درب الجلجلة تحمّلها الدكتور جعجع بشخصه وبوضعه في السجن من أجل الوصول إلى لحظة وطنيّة عابرة للطوائف و21 نيسان 1994 هي محطة تدلّ أنّ اللّبنانيّين فينيقيّين مُستقلّين ويملكون خلفيّة ثوريّة".

أمّا على مستوى المنطقة، تحدّث جبّور:" عام 93 – 94، كان هناك مُحادثات مع إسرائيل من أجل عقد إتفاقيات سلام، وكان هناك خطط ولقاءات تجمع بعض من الدول وكان هناك خشية لدى النظام السوري من أن تذهب الأمور باتجاه السلام وان ذهبت الأمور إلى هذا الخط هناك من إحتمال من أن يفقد سيطرته على لبنان وبالتالي هناك كان عمليّة إستعجال من أجل وضع قائد القوات في السجن وعند وضعه في السجن، لن تستطيع أيّ قوّة سياسيّة أن تُطالب باستقلال وسيادة لبنان .

وختم:" لا شكّ أنّه كان هناك عمليّات حصار على الحكيم وفُرِض عليه إمّا عليك دخول المعتقل أو ليك أن تُسافر إلى دولة أخرى، إلّا أنّه قرر مواجهة كافةّ التقارير المُخابراتيّة المُفبركة وقرر مواجهة المصير".