ثمّة شكوك جديدة تطال الحريصين على حراك الغد مخافة الوقوع في أفخاخ كثيرة منصوبة من قبل السلطة التي تريد الاستثمار في دعوات التظاهرات لصالح شباك جهوياتها الحزبية.
 
كشفت الانتخابات النيابية زيف الكثيرين من محبيّ التظاهر وتصدّر الصورة وفضحتهم غير متلبسين بأكثر من قضية فساد لم تُعرض عنها السلطة التي تظاهروا ضدّها لذا خيّبوا آمال الكثيرين من الصادقين في حراكهم وفي احتجاجهم على أزمات بات الآن أكثر شراسة وأكثر خطورة بعد أن تعرّى الجميع ولبس في آن معاً لباسيّ الفساد و العفّة .
 
دعوة الغد مقرونة بواقع وغير مقرونة بجهة أو جهات لأن التهديد الذي وصل الى لقمة العيش يفرض التغاضي عن المصطادين والصيادين من حملة ألوية الزور ويفرض القيام بما يجب لوضع حدّ لمن يتجرأ على غصّ الفقير فيما تبقى له من رغيف وتحميل ما تبقى من طبقة وسطى أزمّة الموازنة وسط دعوات لتنحية الطبقة الغنية عن اجراءات الحكومة في موازنتها التي تستبعد أغنياء السياسة والتجارة تماماّ كما هي حال الضرائب التي لا تميّز بين غنيّ و فقير .
 
ثمّة شكوك جديدة تطال الحريصين على حراك الغد مخافة الوقوع في أفخاخ كثيرة منصوبة من قبل السلطة التي تريد الاستثمار في دعوات التظاهرات لصالح شباك جهوياتها الحزبية خاصة وان ما يجري داخل الطبقة السياسية من خلافات في ملفات قديمة وجديدة تستدعي الوعي الكامل لتلمس يد المساعدة التي تأتي من الشارع  الذي ينتفض بطريقة عفوية  أو منظمة ويعزّز من سياسات المحاور داخل السلطة .
 
 
لذا يدرك البعض أهمية العمل على ولادة مشروع معارضة غير مستزلمة أو تابعة لأركان السلطة كيّ لا يُصب عرق الفقراء في مصب السلطة وهذا ما يحتاج الى خطوة جريئة ممن أثبتت التجربة أنهم محل احترام لعدم دخولهم في بازارات السوق السياسي وهذا ما يدعو الى تأسيس مشروع معارضة  وطنية مرتبطة ببرنامج عمل لا يتم تأطير المعارضين بقدر ما يتم فيه تنظيم العمل النصالي في مرحلة ستشهد تطورات جديدة في السياسة و الأمن والاقتصاد بما يعني أن الأزمة متعددة الوجوه وهي تطال الطبقات الفقيرة ولا تطال طبقة الأغنياء لذا لن تتضرر السلطة من أيّ أزمة مفتوحة باعتبار أن الأزمات لا تأكل الا من لحم الفقراء و لا تطحن عظام الأغنياء .
 
ربما آن الآون لولادة مشروع جدي بعد أن تعرّت السلطة من مسؤولياتها ووقفت عاجزة عن تحديات فسادها ولم تجد حلولاً الاّ في جيوب الفقراء وبعد أن سقطت أمام المجتمع الدولي الذي ينظر اليها نظرة الريبة والاستخفاف و الاتهام وهذا ما أعاق حتى الآن وصول المساعدات التي وعدت بها السلطة والمشروطة بجملة اصلاحات جوهرية في بنية المؤسسات .
 
إن هروب السلطة من واقع الاصلاح سيفرض يوماً  ما ربيعاً عربياً و ان كان مستبعداً في المراحل المنظورة لاستناد السلطة الى الهويات الطائفية التي تحميها و تحتمي بها ولكن الرهان على بؤس الطوائف المتزايد سيدفعهم في المستقبل الى الثورة على أحزاب الطوائف وعندها لن تحمي السلطة خطابات التجييش الطائفي لأن جيوش الطوائف باتوا جياع سلطة لا تشبع فهل من معارضة ؟