الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتحدث هاتفيا مع المشير خليفة حفتر بشأن محاربة الإرهاب وتأمين موارد النفط.
 
فشلت بريطانيا المهمشة سياسيا في أوروبا والتي تبحث عن دور عالمي في زحزحة موقف فرنسا وروسيا، واستفزت الأميركيين إلى درجة تعطيلهم مشروع قرار بريطاني في مجلس الأمن يحث على وقف فوري للعمليات العسكرية في ليبيا، في وقت صارت فيه إيطاليا في عزلة أوروبية نتيجة لموقفها الذي يعكس رؤية تركية قطرية للأحداث في ليبيا.
 
وبدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجمعة الغموض بشأن موقف الولايات المتحدة مما يجري في العاصمة الليبية ومحيطها، حين كشف البيت الأبيض عن اتصال هاتفي بينه وبين قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر. وقال البيت الأبيض في بيان إن ترامب تحدث هاتفيا مع حفتر يوم الاثنين وتناولا “الجهود الجارية لمكافحة الإرهاب والحاجة إلى إحلال السلام والاستقرار في ليبيا”.
 
وجاء في البيان أن ترامب “أقر بدور المشير الجوهري في مكافحة الإرهاب وتأمين موارد ليبيا النفطية، وتناولا رؤية مشتركة لانتقال ليبيا إلى نظام سياسي ديمقراطي مستقر”.
 
وجاء بيان البيت الأبيض حاسما لجهة تحديد الموقف الأميركي تجاه أطراف النزاع، لكن الأهم أن وضوح موقف واشنطن قلب موازين القوى بشكل نوعي، إذ بات قائد الجيش الوطني الليبي يحوز على دعم واضح من الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا، فضلا عن حاضنة عربية واسعة تضم بدورها دولا ذات تأثير مثل مصر.
 
وأشار مراقبون إلى أن وضوح الموقفين الأميركي والروسي هو بمثابة ضوء أخضر لحفتر بضرورة إنهاء المهمة في تحرير طرابلس من سيطرة الميليشيات، وتبديد مخاوف الليبيين من مخاطر استمرار وضع ملتبس على حدود العاصمة.
 
ويشار إلى أن قوات حفتر أحكمت قبضتها منذ أيام على مداخل العاصمة الليبية بانتظار اللحظة الحاسمة التي يصدر فيها القرار بدخول المدينة، وتمركزت القوات في الضواحي الجنوبية لطرابلس على بعد نحو 11 كيلومترا عن وسط المدينة.
 
وحرص قائد الجيش الوطني الليبي على استثمار تبدل المزاج الدولي لفائدته بالتأكيد على أن قواته تسعى لإنهاء العمليات العسكرية في ليبيا في أقرب وقت، مشيرا في اتصال هاتفي مع وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي إلى أنه حريص على إنهاء العمل العسكري في عدد من مناطق ليبيا في أقرب الأوقات، ولافتا إلى أن قواته بصدد محاربة أطراف مسلحة غير نظامية تسيطر على عدة مناطق في العاصمة دون وجه حق.

ويرى المراقبون أن تبدل الموقف الأميركي بشكل أكثر وضوحا في الملف الليبي يتنزل في سياق تشكل محور إقليمي ودولي في مواجهة التنظيمات المتشددة والسعي لمنعها من التمركز في أي منطقة أو الحصول على غطاء سياسي من بوابة المشاركة في الانتخابات أو في تحالف حاكم، ما قد يسمح لها بالتجهز لتنفيذ اعتداءات أو استهداف مصالح الدول وأمنها.

ويشير هؤلاء إلى أن انعدام الحسم عسكريا في ليبيا سيزيد الأوضاع الأمنية والإنسانية سوءا وفي نفس الوقت، فإنه سيعطي فرصا أكبر للتيارات المتشددة والعناصر المصنفة إرهابية لتسليح نفسها والاستعداد لهجمات سواء في ليبيا أو في دول الجوار، لافتين إلى أن التحذيرات، الصادرة عن دول مثل بريطانيا وإيطاليا وألمانيا والمبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة بشأن خطر الحسم العسكري، تساهم بشكل جلي في فسح المجال للميليشيات لربح الوقت والاستعداد للحرب، ما يجعل أي حل مستقبلي أمرا صعبا.

والاثنين، وزعت البعثة البريطانية لدى الأمم المتحدة على أعضاء مجلس الأمن، مشروع قرارها الذي دعا جميع الأطراف إلى التعاون مع جهود سلامة، من أجل ضمان التوصل إلى وقف كامل للأعمال العسكرية في جميع أنحاء ليبيا.

وأبلغ المبعوث الأممي إلى ليبيا، الخميس، مجلس الأمن الدولي، بوجود “تدفقات هائلة” من السلاح تصل ليبيا، في الفترة الراهنة، رغم الحظر الدولي المفروض على البلاد.

ورأى سلامة أنّ “انقسامات دولية شجعت” المشير حفتر على إطلاق العملية باتجاه طرابلس. وقال إنّ “هذه الانقسامات تمثّل مصدر قلق بالنسبة لي بقدر المعارك”.

واستمع أعضاء المجلس، خلال الجلسة، لإفادة قدمها سلامة، من العاصمة الليبية طرابلس، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة.

وأضاف المبعوث الأممي إلى ليبيا أنّ “وحدة الأسرة الدولية حول ليبيا كانت سطحية وظرفية”، لافتا إلى أن “ثمة مصالح في ليبيا. إنّه بلد غني بالنفط ويسيل لعاب العديد من الشركات النفطية، وشركات الإعمار”.

وذكر دبلوماسيون أن الولايات المتحدة وروسيا أكدتا مجددا، أنهما تعارضان تبني القرار البريطاني حاليا، دون أن تعطيا أي تفسيرات لموقفيهما. وقال ممثل روسيا “لسنا مستعدين لذلك”، بينما أكد ممثل الولايات المتحدة “لا نريد السير قدما حاليا”.